الباحث القرآني

ولَمّا كانَ القَرِينُ قَدْ قالَ ما تَقَدَّمَ مُرِيدًا بِهِ - جَهْلًا مِنهُ - الخَلاصَ مِنَ العَذابِ بِإظْهارِ أنَّهُ لَيْسَ بِأوْصافِ هَذِهِ النَّفْسِ، بَلْ مِن كِبارِ المُؤْمِنِينَ، فَأُجِيبَ مَقالُهُ بِإلْقاءِ تِلْكَ النَّفْسِ مُعَلِّلًا لِلْأمْرِ بِإلْقائِها بِما شَمِلَ هَذا القَرِينَ، فَتَشَوَّفَ السّامِعُ إلى ما يَكُونُ مِن حالِهِ، وكانَتِ العادَةُ جارِيَةً أنَّ مَن تَكَلَّمَ في شَخْصٍ بِما فِيهِ مِثْلُهُ ولا سِيَّما إنْ كانَ هو السَّبَبَ فِيهِ أوْ كانَ قَدْ تَكَلَّمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِيهِ، فَكانَ قِياسٌ ذَلِكَ يَقْتَضِي ولا بُدَّ أنْ تَقُولَ تِلْكَ النَّفْسُ القَوْلَ فِيها، وهَذا عِنْدَ الأمْرِ بِإلْقائِها: رَبَّنا هو أطْغانِي: أجابَ تَعالى عِنْدَ هَذا التَّشَوُّفِ بِقَوْلِهِ: ﴿قالَ قَرِينُهُ﴾ مُنادِيًا بِإسْقاطِ الأداةِ دَأْبَ أهْلِ القُرْبِ إيهامًا أنَّهُ مِنهُمْ: ﴿رَبَّنا﴾ أيُّها المُحْسِنُ [إلَيْنا] أيَّتُها الخَلائِقُ كُلُّهم ﴿ما أطْغَيْتُهُ﴾ أيْ: أوْقَعْتُهُ فِيما كانَ فِيهِ مِنَ الطُّغْيانِ؛ فَإنَّهُ لا سُلْطانَ لِي عَلَيْهِ وأنْتَ أعْلَمُ بِذَلِكَ ﴿ولَكِنْ كانَ﴾ بِجِبِلَّتِهِ وطَبْعِهِ (p-٤٢٩)﴿فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ مُحِيطٍ بِهِ مِن جَمِيعِ جَوانِبِهِ لا يُمْكِنُ رُجُوعُهُ مَعَهُ، فَلِذَلِكَ كانَ يُبادِرُ إلى كُلِّ ما يُغْضِبُ اللَّهَ، وإنَّ حَرَكَتَهُ إلَيْهِ إنْ فاتَهُ لا يَحْتاجُ إلى أدْنى تَحْرِيكٍ فَيَثُورُ لَهُ ثَوْرَةَ مَن هو مَجْبُولٌ مَرْكُوزٌ في طِباعِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب