الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا دَلِيلًا عَلى كُفْرِهِمْ؛ دَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَوْ﴾؛ أيْ: فَعَلُوا ذَلِكَ مَعَ دَعْواهُمُ الإيمانَ؛ والحالُ أنَّهم لَوْ ﴿كانُوا﴾؛ أيْ: كُلُّهُمْ؛ ﴿يُؤْمِنُونَ﴾؛ أيْ: يُوجَدُ مِنهم إيمانٌ؛ ﴿بِاللَّهِ﴾؛ أيْ: المَلِكِ الأعْلى؛ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ؛ ﴿والنَّبِيِّ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الوَصْلَةُ التّامَّةُ بِاللَّهِ؛ ولِذا أتْبَعَهُ قَوْلَهُ: ﴿وما أُنْـزِلَ إلَيْهِ﴾؛ أيْ: مِن عِنْدِ اللَّهِ؛ أعَمَّ مِنَ القُرْآنِ؛ وغَيْرِهِ؛ إيمانًا خالِصًا؛ مِن غَيْرِ نِفاقٍ؛ ﴿ما اتَّخَذُوهُمْ﴾؛ أيْ: المُشْرِكِينَ؛ مُجْتَهِدِينَ في ذَلِكَ؛ ﴿أوْلِياءَ﴾؛ لِأنَّ مُخالَفَةَ الِاعْتِقادِ تَمْنَعُ الوِدادَ؛ فَمَن كانَ مِنهم باقِيًا عَلى يَهُودِيَّتِهِ؛ ظاهِرًا؛ وباطِنًا؛ فالألِفُ في ”النَّبِيِّ“؛ لِكَشْفِ سَرِيرَتِهِ؛ لِلْعَهْدِ؛ أيْ: النَّبِيِّ الَّذِي يَنْتَظِرُونَهُ؛ ويَقُولُونَ: إنَّهُ غَيْرُ مُحَمَّدٍ ﷺ أوْ لِلْحَقِيقَةِ؛ أيْ: لَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِهَذِهِ الحَقِيقَةِ - أيْ: حَقِيقَةِ النُّبُوَّةِ - ما والَوْهُمْ؛ فَإنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ إلّا بِتَكْفِيرِ المُشْرِكِينَ - كَما أشارَ إلى ذَلِكَ ﷺ – بِقَوْلِهِ: «”الأنْبِياءُ أوْلادُ عِلّاتٍ؛ أُمَّهاتُهم شَتّى؛ ودِينُهم واحِدٌ“؛» (p-٢٦٨)كَما سَيَأْتِي قَرِيبًا في حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ؛ يَعْنِي - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّ شَرائِعَهُمْ؛ وإنِ اخْتَلَفَتْ في الفُرُوعِ؛ فَهي مُتَّفِقَةٌ في الأصْلِ؛ وهو التَّوْحِيدُ؛ ومَن كانَ مِنهم قَدْ أظْهَرَ الإيمانَ؛ فالمُرادُ بِالنَّبِيِّ في إظْهارِ زَيْغِهِ؛ ومَيْلِهِ؛ وحَيْفِهِ؛ مُحَمَّدٌ ﷺ؛ لِأنَّهُ نَهى عَنْ مُوالاةِ المُشْرِكِينَ؛ بَلْ عَنْ مُتارَكَتِهِمْ؛ ولَمْ يَرْضَ إلّا بِمُقارَعَتِهِمْ؛ ومُعارَكَتِهِمْ. ولَمّا أفْهَمَتِ الشَّرْطِيَّةُ عَدَمَ إيمانِهِمُ؛ اسْتَثْنى مِنها؛ مُنَبِّهًا بِوَضْعِ الفِسْقِ مَوْضِعَ عَدَمِ الإيمانِ؛ عَلى أنَّهُ الحامِلُ عَلَيْهِ؛ فَقالَ: ﴿ولَكِنَّ كَثِيرًا مِنهم فاسِقُونَ﴾؛ أيْ: مُتَمَكِّنُونَ في خُلُقِ المُرُوقِ مِن دَوائِرِ الطّاعاتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب