الباحث القرآني

ولَمّا كَذَّبَهم في دَعْوى الإيمانِ؛ أقامَ - سُبْحانَهُ - الدَّلِيلَ عَلى كُفْرِهِمْ؛ فَقالَ - مُخاطِبًا لِمَن لَهُ الصَّبْرُ التّامُّ؛ مُفِيدًا أنَّهُ أطْلَعَهُ ﷺ عَلى ما يَعْلَمُ مِنهُمْ؛ مِمّا يَكْتُمُونَهُ مِن ذَلِكَ؛ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ولَتَعْرِفَنَّهم في لَحْنِ القَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠]؛ إطْلاعًا هو كالرُّؤْيَةِ؛ عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: وقَدْ أخْبَرْنا غَيْرَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِما نَعْلَمُ مِنهم مِن ذَلِكَ؛ وأمّا أنْتَ فَتَرى ما في قُلُوبِهِمْ بِما آتَيْناكَ مِنَ الكَشْفِ -: ﴿وتَرى﴾؛ أيْ: لا تَزالُ يَتَجَدَّدُ لَكَ ذَلِكَ؛ ﴿كَثِيرًا مِنهُمْ﴾؛ أيْ: اليَهُودِ؛ والكُفّارِ؛ مُنافِقِهِمْ؛ ومُصارِحِهِمْ. ولَمّا كانَ التَّعْبِيرُ بِالعَجَلَةِ لا يَصِحُّ هُنا؛ لِأنَّها لا تَكُونُ إلّا في شَيْءٍ لَهُ وقْتانِ؛ وقْتٌ لائِقٌ؛ ووَقْتٌ غَيْرُ لائِقٍ؛ والإثْمُ لا يَتَأتّى فِيهِ ذَلِكَ؛ (p-٢١٦)قالَ: ﴿يُسارِعُونَ﴾؛ أيْ: يَفْعَلُونَ في تَهالُكِهِمْ عَلى ذَلِكَ فِعْلَ مَن يُناظِرُ خَصْمًا في السُّرْعَةِ فِيما هو فِيهِ مُحِقٌّ؛ وعالِمٌ بِأنَّهُ في غايَةِ الخَيْرِ؛ وكانَ المَوْضِعَ لِأنْ يُعَبِّرُ بِالضَّمِيرِ؛ فَيُقالَ: ”فِيهِ“ - أيْ: الكُفْرِ؛ فَعَبَّرَ عَنْهُ تَعْمِيمًا؛ وتَعْلِيقًا لِلْحُكْمِ بِالوَصْفِ؛ إفادَةً لِأنَّ كُفْرَهم عَنْ حِيلَةٍ هي في غايَةِ الرَّداءَةِ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿فِي الإثْمِ﴾؛ أيْ: كُلِّ ما يُوجِبُ إثْمًا مِنَ الذُّنُوبِ؛ وخَصَّ مِنهُ أعْظَمَهُ؛ فَقالَ: ﴿والعُدْوانِ﴾؛ أيْ: مُجاوَزَةِ الحَدِّ في ذَلِكَ الَّذِي أعْظَمُهُ الشِّرْكُ؛ ثُمَّ حَقَّقَ الأمْرَ وصَوَّرَهُ بِما يَكُونُ لِوُضُوحِهِ دَلِيلًا عَلى ما قَبْلَهُ مِن إقْدامِهِمْ عَلى الحَرامِ؛ الَّذِي لا تُمْكِنُ مَعَهُ صِحَّةُ القَلْبِ أصْلًا؛ ولا يُمْكِنُهم إنْكارُهُ؛ فَقالَ: ﴿وأكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾؛ أيْ: الحَرامَ؛ الَّذِي يَسْتَأْصِلُ البَرَكَةَ مِن أصْلِها؛ فَيَمْحَقُها؛ ومِنهُ الرَّشْوَةُ؛ وكانَ هَذا دَلِيلًا عَلى كُفْرِهِمْ؛ لِأنَّهم لَوْ كانُوا مُؤْمِنِينَ ما أصَرُّوا عَلى شَيْءٍ مِن ذَلِكَ؛ فَكَيْفَ بِجَمِيعِهِ؟! فَكَيْفَ بِالمُسارَعَةِ فِيهِ؟! ولِذَلِكَ اسْتَحَقُّوا غايَةَ الذَّمِّ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿لَبِئْسَ ما كانُوا﴾؛ ولَمّا كانُوا يَزْعُمُونَ العِلْمَ؛ عَبَّرَ عَنْ فِعْلِهِمْ بِالعَمَلِ؛ فَقالَ: ﴿يَعْمَلُونَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب