الباحث القرآني

ولَمّا نَبَّهَ - سُبْحانَهُ - عَلى العِلَلِ المانِعَةِ مِن وِلايَةِ الكُفّارِ؛ وحَصَرَ الوِلايَةَ فِيهِ - سُبْحانَهُ -؛ أنْتَجَ ذَلِكَ قَطْعًا قَوْلَهُ - مُنَبِّهًا عَلى عِلَلٍ أُخْرى؛ مُوَجِّهًا لِلْبَراءَةِ مِنهم -: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أيْ: أقَرُّوا بِالإيمانِ؛ ونَبَّهَ بِصِيغَةِ الِافْتِعالِ عَلى أنَّ مَن (p-١٩٥)يُوالِيهِمْ يُجاهِدُ عَقْلَهُ عَلى ذَلِكَ؛ اتِّباعًا لِهَواهُ؛ فَقالَ: ﴿لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا﴾؛ أيْ: بِغايَةِ الجِدِّ والِاجْتِهادِ مِنهُمْ؛ ﴿دِينَكُمْ﴾؛ أيْ: الَّذِي شَرَّفَكُمُ اللَّهُ بِهِ؛ ﴿هُزُوًا ولَعِبًا﴾؛ ثُمَّ بَيَّنَ المَنهِيَّ عَنْ مُوالاتِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنَ الَّذِينَ﴾؛ ولَمّا كانَ المَقْصُودُ بِهِمْ مَنحَ العِلْمِ؛ وهو كافٍ مِن غَيْرِ حاجَةٍ إلى تَعْيِينِ المُؤْتِي؛ بَنى لِلْمَجْهُولِ قَوْلَهُ: ﴿أُوتُوا الكِتابَ﴾؛ ولَمّا كانَ تَطاوُلُ الزَّمانِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِيما عَلَيْهِ الإنْسانُ مِن طاعَةٍ؛ أوْ عِصْيانٍ؛ وكانَ الإيتاءُ المَذْكُورُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ زَمانَ القَبْلِ؛ قالَ: ﴿مِن قَبْلِكُمْ﴾؛ يَعْنِي أنَّهم فَعَلُوا الهُزُوَ عِنادًا؛ بَعْدَ تَحَقُّقِهِمْ صِحَّةَ الدِّينِ. ولَمّا خَصَّ؛ عَمَّ؛ فَقالَ: ﴿والكُفّارَ﴾؛ أيْ: مِن عَبَدَةِ الأوْثانِ؛ الَّذِينَ لا عِلْمَ لَهم نُقِلَ عَنِ الأنْبِياءِ؛ وإنَّما سَتَرُوا ما وضَحَ لِعُقُولِهِمْ مِنَ الأدِلَّةِ؛ فَكانُوا ضالِّينَ؛ وكَذا غَيْرُهُمْ؛ سَواءٌ عُلِمَ أنَّهم يَسْتَهْزِئُونَ أوْ لا؛ كَما أرْشَدَ إلَيْهِ غَيْرُ قِراءَةِ البَصْرِيِّينَ؛ والكِسائِيِّ بِالنَّصْبِ؛ ﴿أوْلِياءَ﴾؛ أيْ: فَإنَّ الفَرِيقَيْنِ اجْتَمَعُوا عَلى حَسَدِكُمْ؛ وازْدِرائِكُمْ؛ فَلا تَصِحُّ لَكم مُوالاتُهم أصْلًا. ولَمّا كانَ المُسْتَحِقُّ لِمُوالاةِ شَخْصٍ - إذا تَرَكَهُ ووالى غَيْرَهُ - يَسْعى في إهانَتِهِ؛ حَذَّرَهم وُقُوعَهم بِمُوالاتِهِمْ؛ عَلى ضِدِّ مَقْصُودِهِمْ؛ فَقالَ: (p-١٩٦)﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾؛ مَن لَهُ الإحاطَةُ الكامِلَةُ؛ فَإنَّ مَن والى غَيْرَهُ عاداهُ؛ ومَن عاداهُ هَلَكَ هَلاكًا لا يُضارُّ مَعَهُ؛ ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾؛ أيْ: راسِخِينَ في الإيمانِ؛ بِحَيْثُ صارَ لَكم جِبِلَّةً وطَبْعًا؛ فَإنْ لَمْ تَخافُوهُ بِأنْ تَتْرُكُوا ما نَهاكم عَنْهُ؛ فَلا إيمانَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب