الباحث القرآني

ولَمّا خَتَمَ بِوَصْفَيِ العِزَّةِ والحِكْمَةِ؛ سَبَّبَ عَنْهُما قَوْلَهُ: ﴿فَمَن تابَ﴾؛ أيْ: نَدِمَ وأقْلَعَ؛ ودَلَّ عَلى كَرَمِهِ بِالقَبُولِ في أيِّ وقْتٍ وقَعَتِ التَّوْبَةُ فِيهِ؛ ولَوْ طالَ زَمَنُ المَعْصِيَةِ بِإثْباتِ الجارِّ؛ فَقالَ: ﴿مِن بَعْدِ﴾؛ وعَدَلَ عَنْ أنْ يَقُولَ: ”سَرَقْتُهُ“؛ إلى ﴿ظُلْمِهِ﴾؛ تَعْمِيمًا لِلْحُكْمِ في كُلِّ ظُلْمٍ؛ فَشَمِلَ ذَلِكَ فِعْلَ طُعْمَةَ؛ وما ذُكِرَ بَعْدَهُ؛ مِمّا تَقَدَّمَ في ”النِّساءِ“؛ وغَيْرِ ذَلِكَ (p-١٣٦)مِن كُلِّ ما يُسَمّى ظُلْمًا؛ ﴿وأصْلَحَ﴾؛ أيْ: أوْجَدَ الإصْلاحَ؛ وأوْقَعَهُ بِرَدِّ الظُّلامَةِ؛ والثَّباتِ عَلى الإقْلاعِ؛ ﴿فَإنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: بِما لَهُ مِن كَمالِ العَظَمَةِ؛ ﴿يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾؛ أيْ: يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ؛ ويَرْجِعُ بِهِ إلى أتَمِّ ما كانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الظُّلْمِ؛ مِن سُقُوطِ عَذابِ الآخِرَةِ؛ دُونَ عِقابِ الدُّنْيا؛ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لَهُ؛ ورِفْقًا بِهِ؛ وبِمَن ظَلَمَهُ؛ وعَدْلًا بَيْنَهُما؛ لا يَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَمْنَعَهُ مِن ذَلِكَ؛ ولا يَحُولَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ لَحْظَةً ما؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ؛ أزَلًا وأبَدًا؛ ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؛ أيْ: بالِغُ المَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ؛ لا مانِعَ لَهُ مِن ذَلِكَ؛ ولا مِن شَيْءٍ مِنهُ؛ ولا مِن شَيْءٍ يُرِيدُ فِعْلَهُ؛ بَلْ هو فَعّالٌ لِما يُرِيدُ؛ والآيَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى آيَةِ المُحارِبِينَ؛ وإنَّما فَصَلَ بَيْنَهُما بِما تَقَدَّمَ لِما ذُكِرَ مِنَ العِلَّةِ الطّالِبَةِ لِمَزِيدِ العِنايَةِ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب