الباحث القرآني

ثُمَّ أتْبَعَهُ ما يُقَيِّدُ بِهِ هَذِهِ النِّعَمَ مِنَ الشُّكْرِ؛ بِامْتِثالِ الأمْرِ في جِهادِ الأعْداءِ؛ في سِياقٍ مُؤْذِنٍ بِالنَّصْرِ؛ مُعْلِمٍ بِأنَّهُ نِعْمَةٌ أُخْرى يَجِبُ شُكْرُها؛ فَلِذَلِكَ وصَلَهُ بِما قَبْلَهُ؛ وصْلَ المَعْلُولِ بِالعِلَّةِ؛ فَقالَ: ﴿يا قَوْمِ ادْخُلُوا﴾؛ عَنْ أمْرِ اللَّهِ الَّذِي أعْلَمَكم بِما صَنَعَ مِنَ الآياتِ أنَّهُ غالِبٌ عَلى جَمِيعِ أمْرِهِ؛ ﴿الأرْضَ المُقَدَّسَةَ﴾؛ أيْ: المُطَهَّرَةَ المُبارَكَةَ؛ الَّتِي حَكَمَ اللَّهُ أنْ يُطَهِّرَها بِأنْبِيائِهِ ورُسُلِهِ مِن نَجَسِ الشِّرْكِ وضُرِّ المَعاصِي والإفْكِ؛ ويُبارِكَ فِيها؛ ثُمَّ وصَفَها بِما يُوجِبُ لِلْمُؤْمِنِ الإقْدامَ لِتَحَقُّقِهِ النَّصْرَ؛ فَقالَ: ﴿الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ؛ فَلا مانِعَ لِما أعْطى ﴿لَكُمْ﴾؛ أيْ: بِأنْ تُجاهِدُوا أعْداءَهُ؛ فَتَرِثُوا أرْضَهُمُ الَّتِي لا مِثْلَ لَها؛ فَتَحُوزُوا سَعادَةَ الدّارَيْنِ؛ وهي بَيْتُ المَقْدِسِ؛ الَّتِي وعَدَ (p-٧٥)أباكم إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أنْ تَكُونَ مِيراثًا لِوَلَدِهِ؛ بَعْدَ أنْ جَعَلَها مَهاجِرَهُ. ولَمّا أمَرَهم بِذَلِكَ؛ نَهاهم عَنِ التَّقاعُدِ عَنْهُ؛ فَقالَ - مُشِيرًا إلى أنَّ مُخالَفَةَ أمْرِ اللَّهِ لا تَكُونُ إلّا بِمُعالَجَةٍ لِلْفِطْرَةِ الأُولى: ﴿ولا تَرْتَدُّوا﴾؛ أيْ: تُكَلِّفُوا أنْفُسَكُمُ الرُّجُوعَ عَنْ أخْذِها؛ وصَوَّرَ لَهُمُ الفُتُورَ عَنْ أخْذِها بِما يَسْتَحْيِي مَن لَهُ هِمَّةٌ مِن ذِكْرِهِ؛ فَقالَ: ﴿عَلى أدْبارِكُمْ﴾؛ ولَمّا جَمَعَ بَيْنَ الأمْرِ والنَّهْيِ؛ خَوَّفَهم عَواقِبَ العِصْيانِ؛ مُعْلِمًا بِأنَّ ارْتِدادَهم سَبَبٌ لِهَلاكِهِمْ بِغَيْرِ شَكٍّ؛ فَقالَ - مُعَبِّرًا بِصِيغَةِ الِانْفِعالِ -: ﴿فَتَنْقَلِبُوا﴾؛ أيْ: مِن عِنْدِ أنْفُسِكُمْ؛ مِن غَيْرِ قالِبٍ يُسَلَّطُ عَلَيْكُمْ؛ ﴿خاسِرِينَ﴾؛ أيْ: بِخِزْيِ المَعْصِيَةِ عِنْدَ اللَّهِ؛ وعارِ الجُبْنِ عَنِ النّاسِ؛ وخَيْبَةِ السَّعْيِ مِن خَيْرَيِ الدّارَيْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب