الباحث القرآني
ولَمّا ذَكَرَ سَعَةَ مَمْلَكَتِهِ؛ وتَمامَ عِلْمِهِ؛ وشُمُولَ قُدْرَتِهِ؛ أتْبَعُ ذَلِكَ الدَّلالَةَ عَلَيْهِ بِقِصَّةِ بَنِي إسْرائِيلَ؛ في اسْتِنْقاذِهِمْ مِن أسْرِ العُبُودِيَّةِ؛ والرِّقِّ؛ وإعْلاءِ شَأْنِهِمْ؛ وإيراثِهِمْ أرْضَ الجَبّارِينَ بَعْدَ إهْلاكِ فِرْعَوْنَ وجُنُودِهِ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا تَضَمَّنَتْهُ القِصَّةُ؛ إظْهارًا - بِعَدَمِ رَدِّهِمْ إلى مِصْرَ الَّتِي بادَ أهْلُها - لِتَمامِ القُدْرَةِ؛ وسَعَةِ المُلْكِ؛ ونُفُوذِ الأمْرِ؛ وهي مَعَ ذَلِكَ دالَّةٌ عَلى نَقْضِهِمُ المِيثاقَ؛ وقَساوَتِهِمْ؛ ونَقْضِ ما ادَّعَوْهُ مِن بُنُوَّتِهِمْ؛ ومَحَبَّتِهِمْ؛ وذَلِكَ أنَّها ناطِقَةٌ بِتَعْذِيبِهِمْ؛ وتَفْسِيقِهِمْ؛ وتَبَرُّئِهِمْ مِنَ اللَّهِ؛ ولا شَيْءَ مِن ذَلِكَ فِعْلُ حَبِيبٍ ولا ولَدٍ؛ فَقالَ - عاطِفًا عَلى ”نِعْمَةَ“؛ فِي: ”واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ“؛ تَذْكِيرًا لِهَذِهِ الأُمَّةِ بِنِعْمَةِ التَّوْثِيقِ لِلسَّمْعِ والطّاعَةِ؛ الَّتِي أباها بَنُو إسْرائِيلَ بَعْدَما رَأوْا مِنَ الآياتِ؛ وبِما كَفَّ عَنْهم عَلى ضَعْفِهِمْ؛ وشَجَّعَ بِهِ قُلُوبَهُمْ؛ وألْزَمَهُمُ الطّاعَةَ؛ وكَرَّهَ إلَيْهِمُ المَعْصِيَةَ بِضِدِّ ما فَعَلَ بِبَنِي إسْرائِيلَ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا يُرْشِدُ إلَيْهِ إنْعامُ النَّظَرِ في القِصَّةِ -: ﴿وإذْ﴾؛ أيْ: واذْكُرُوا حِينَ؛ ﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ﴾؛ أيْ: مِنَ اليَهُودِ؛ ﴿يا قَوْمِ اذْكُرُوا﴾؛ أيْ: بِالقَلْبِ واللِّسانِ؛ أيْ: ذِكْرَ اعْتِبارٍ؛ واتِّعاظٍ؛ بِما لَكم مِن قُوَّةِ القِيامِ بِما تُحاوِلُونَهُ؛ لِيَقَعَ مِنكُمُ الشُّكْرُ؛ ﴿نِعْمَةَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: إنْعامَ المَلِكِ الأعْظَمِ؛ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِالجَلالِ والإكْرامِ؛ وعَبَّرَ عَنِ (p-٧٣)الإنْعامِ بِالغايَةِ؛ لِأنَّها المَقْصُودُ؛ ﴿عَلَيْكُمْ﴾؛ وعَظَّمَ ذَلِكَ التَّذْكِيرَ بِالِاسْمِ الأعْظَمِ؛ ونَبَّهَ بِذِكْرِ ظَرْفِها عَلى أجَلِّ النِّعَمِ؛ وهي النُّبُوَّةُ؛ المُنْقِذَةُ لَهم مِنَ النّارِ؛ فَقالَ: ﴿إذْ﴾؛ أيْ: حِينَ؛ ﴿جَعَلَ فِيكُمْ﴾؛ وبَشَّرَهم بِمَن يَأْتِي بَعْدَهُ مِنَ الأنْبِياءِ مِن بَنِي إسْرائِيلَ؛ فَجَمَعَ جَمْعَ الكَثْرَةِ في قَوْلِهِ: ﴿أنْبِياءَ﴾؛ أيْ: يَحْفَظُونَكم مِنَ المَهالِكِ الدّائِمَةِ؛ فَفَعَلَ مَعَكم - بِذَلِكَ وغَيْرِهِ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي فَضَّلَكم بِها عَلى العالَمِينَ في تِلْكَ الأزْمانِ - فِعْلَ المُحِبِّ مَعَ حَبِيبِهِ؛ والوالِدِ مَعَ ولَدِهِ؛ ومَعَ ذَلِكَ عاقَبَكم حِينَ عَصَيْتُمْ؛ وغَضِبَ عَلَيْكم إذْ أبَيْتُمْ؛ فَعَلِمَ أنَّ الإكْرامَ والإهانَةَ دائِرانِ؛ بَعْدَ مَشِيئَتِهِ؛ عَلى الطّاعَةِ والمَعْصِيَةِ.
ولَمّا نَقَلَهم مِنَ الحَيْثِيَّةِ الَّتِي كانُوا فِيها عَبِيدًا لِفِرْعَوْنَ؛ لا يَصْلُحُونَ مَعَها لِمُلْكٍ؛ ولا تُحَدِّثُهم أنْفُسُهم بِهِ؛ إلى حَيْثِيَّةِ الحُرِّيَّةِ القابِلَةِ لِأنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنهم مَعَها مَلِكًا؛ بَعْدَ أنْ أرْسَلَ فِيهِمْ رَسُولًا؛ وبَشَّرَ بِأنَّهُ يَتْبَعُهُ مِنَ الأنْبِياءِ ما لَمْ يَكُنْ في أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ غَيْرِهِمْ؛ قالَ: ﴿وجَعَلَكم مُلُوكًا﴾؛ أيْ: فَكَما جَعَلَكم كَذَلِكَ بَعْدَما كُنْتُمْ غَيْرَ طامِعِينَ في شَيْءٍ مِنهُ؛ فَقَدْ نَقَلَهُ مِنكُمْ؛ وجَعَلَهُ في غَيْرِكم بِتِلْكَ القُدْرَةِ الَّتِي أنْعَمَ عَلَيْكم بِها؛ وذَلِكَ لِكُفْرِكم بِالنِّعَمِ؛ وإيثارِكُمُ الجَهْلَ عَلى العِلْمِ؛ فَإنْكارُكم لِذَلِكَ؛ وتَخْصِيصُ النِّعَمِ بِكم تَحَكُّمٌ؛ وتَرْجِيحٌ بِلا مُرَجِّحٍ؛ ويُوَضِّحُ ذَلِكَ أنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ سَبَبٌ لِزَوالِها؛ وقَدْ كانُوا يُهَدَّدُونَ؛ في التَّوْراةِ وغَيْرِها؛ بِما هم فِيهِ الآنَ مِن ضَرْبِ الذِّلَّةِ (p-٧٤)والمَسْكَنَةِ الَّتِي لا يَصْلُحُونَ مَعَها لِمُلْكٍ؛ إنْ هم كَفَرُوا - كَما سَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ في هَذِهِ السُّورَةِ.
ولَمّا ذَكَّرَهم (تَعالى) بِما ذَكَّرَهم بِهِ مِنَ النِّعَمِ العامَّةِ؛ أتْبَعَهُ التَّذْكِيرَ بِنِعْمَةٍ خاصَّةٍ؛ فَقالَ: ﴿وآتاكم ما لَمْ يُؤْتِ﴾؛ أيْ: في زَمانِكُمْ؛ ولا فِيما قَبْلَهُ مِن سالِفِ الزَّمانِ - كَما اقْتَضاهُ التَّعْبِيرُ بِـ ”لَمْ“؛ ﴿أحَدًا مِنَ العالَمِينَ﴾؛ مِنَ الآياتِ الَّتِي أظْهَرَها عَلى يَدِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ فَأخْرَجَكم بِها مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ؛ والكِتابِ الَّذِي جَعَلَهُ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ؛
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ جَعَلَ فِیكُمۡ أَنۢبِیَاۤءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكࣰا وَءَاتَىٰكُم مَّا لَمۡ یُؤۡتِ أَحَدࣰا مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق