الباحث القرآني

ولَمّا عُلِمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ أحْوالُ الفَرِيقَيْنِ؛ أقْبَلَ عَلَيْهِمْ واعِظًا؛ مُنادِيًا؛ مُتَلَطِّفًا؛ مُسْتَعْطِفًا؛ مُرَغِّبًا؛ مُرَهِّبًا؛ فَقالَ: ﴿يا أهْلَ الكِتابِ﴾؛ أيْ: عامَّةً؛ ﴿قَدْ جاءَكم رَسُولُنا﴾؛ أيْ: الَّذِي أرْسَلْناهُ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ فَلْيُظْهَرَنَّ بِذَلِكَ عَلى مَن ناوَأهُ؛ ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾؛ أيْ: يُوَضِّحُ إيضاحًا شافِيًا؛ ﴿كَثِيرًا مِمّا كُنْتُمْ﴾؛ أيْ: بِما لَكم مِن جِبِلَّةِ الشَّرِّ والخِيانَةِ؛ ﴿تُخْفُونَ مِنَ الكِتابِ﴾؛ أيْ: العَظِيمِ المُنَزَّلِ عَلَيْكُمْ؛ مِن صِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وحُكْمِ الزِّنا؛ وغَيْرِهِما؛ لِإحْياءِ سُنَّةٍ؛ وإماتَةِ بِدَعَةٍ - كَما مَضى مِنهُ ما شاءَ اللَّهُ في سُورَةِ ”البَقَرَةِ“؛ وذَلِكَ دالٌّ بِلا شُبْهَةٍ عَلى صِحَّةِ رِسالَتِهِ؛ ﴿ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾؛ أيْ: فَلا يَفْضَحْكم بِإظْهارِهِ امْتِثالًا لِأمْرِنا لَهُ بِذَلِكَ - كَما تَقَدَّمَ أنَّهُ إحْسانٌ مِنهُ ﷺ إلَيْكُمْ؛ لِأنَّهُ لا فائِدَةَ في إظْهارِهِ إلّا فَضِيحَتُكم. ولَمّا أخْبَرَ عَنْ فَصْلِهِ لِلْخَفايا؛ وكانَ التَّفْصِيلُ لا يَكُونُ إلّا بِالنُّورِ؛ اقْتَضى الحالُ تَوَقُّعَ الإخْبارِ بِأنَّهُ نُورٌ؛ فَقالَ - مُفْتَتِحًا بِحَرْفِ التَّوْقِيعِ والتَّحْقِيقِ -: (p-٦٣)﴿قَدْ جاءَكُمْ﴾؛ وعَظَّمَهُ بِقَوْلِهِ - مُعَبِّرًا بِالِاسْمِ الأعْظَمِ -: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِأوْصافِ الكَمالِ؛ ﴿نُورٌ﴾؛ أيْ: واضِحُ النُّورِيَّةِ؛ وهو مُحَمَّدٌ ﷺ؛ الَّذِي كَشَفَ ظُلُماتِ الشَّكِّ؛ والشِّرْكِ؛ ودَلَّ عَلى جَمْعِهِ مَعَ فَرْقِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وكِتابٌ﴾؛ أيْ: جامِعٌ؛ ﴿مُبِينٌ﴾؛ أيْ: بَيِّنٌ في نَفْسِهِ؛ مُبَيِّنٌ لِما كانَ خافِيًا عَلى النّاسِ مِنَ الحَقِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب