الباحث القرآني
ولَمّا تَقَدَّمَ سُبْحانَهُ في الإخْلالِ بِشَيْءٍ مِن حُرْمَتِهِ ﷺ ونَهى عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ والجَهْرِ المَوْصُوفِ، أنْتَجَ المَخافَةَ عِنْدَهُ عَلى سَبِيلِ الإجْلالِ، فَبَيَّنَ ما لِمَن حافَظَ عَلى ذَلِكَ الأدَبِ العَظِيمِ، فَقالَ مُؤَكِّدًا لِأنَّ [فِي] المُنافِقِينَ وغَيْرِهِمْ مَن يُكَذِّبُ بِذَلِكَ، وتَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ ورِضاهُ بِهِ أهْلٌ لِأنْ يُؤَكَّدَ أمْرُهُ ويُواظَبَ عَلى فِعْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ﴾ أيْ: يُخْفِضُونَ ويُلِينُونَ لِما وقَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّكِينَةِ مِن هَيْبَةِ حَضَرْتِهِ، قالَ الطَّبَرِيُّ: وأصْلُ الغَضِّ الكَفُّ في لِينٍ ﴿أصْواتَهُمْ﴾ تَخَشُّعًا وتَخَضُّعًا (p-٣٥٨)ورِعايَةً لِلْأدَبِ وتَوْقِيرًا.
ولَمّا كانَ المُبَلِّغُ رُبَّما أنْساهُ اللَّغَطُ ورَفْعُ الأصْواتِ ما [كانَ] يُرِيدُ أنْ يُبَلِّغَهُ ««إنَّهُ بُيِّنَتْ لِي لَيْلَةُ القَدْرِ فَخَرَجْتُ لِأُخْبِرَكم بِها فَتَلاحى رَجُلانِ فَأُنْسِيتُها، وعَسى أنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ»». قالَ: ﴿عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ أيِ: الَّذِي مِن شَأْنِهِ أنْ يَعْلُوَ كَلامُهُ عَلى كُلِّ كَلامٍ؛ لِأنَّهُ مُبَلِّغٌ مِنَ المَلِكِ الأعْظَمِ، وعَبَّرَ بِعِنْدَ الَّتِي لِلظّاهِرِ إشارَةً إلى أنَّ أهْلَ حَضْرَةِ الخُصُوصِيَّةِ لا يَقَعُ مِنهم إلّا أكْمَلُ الأدَبِ.
ولَمّا ابْتَدَأ ذِكْرَهم مُؤَكِّدًا تَنْبِيهًا عَلى عَظِيمِ ما نُدِبُوا إلَيْهِ، زادَهُ إعْظامًا بِالإشارَةِ إلَيْهِمْ بِأداةِ البُعْدِ فَقالَ: ﴿أُولَئِكَ﴾ أيِ العالُو الرُّتَبِ لِما لَهم مِن عُلُوِّ الهِمَمِ بِالخُضُوعِ لِمَن أرْسَلَهُ مَوْلاهُمُ الَّذِي لا إحْسانَ عِنْدِهِمْ إلّا مِنهُ ﴿الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ﴾ أيْ: فِعْلَ المُحِيطِ بِجَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ فِعْلَ المُخْتَبِرِ بِالمُخالَطَةِ البَلِيغَةِ بِالشَّدائِدِ عَلى وجْهٍ يُؤَدِّي إلى المِنحَةِ بِاللِّينِ والخُلُوصِ مِن كُلِّ دَرَنٍ، والِانْشِراحِ والِاتِّساعِ ﴿قُلُوبَهُمْ﴾ فَأخْلَصَها ﴿لِلتَّقْوى﴾ أيِ: الخَوْفِ المُؤَدِّي إلى اسْتِعْدادِ صاحِبِهِ بِإقامَةِ ما يَقِيهِ مِن كُلِّ مَكْرُوهٍ، والِامْتِحانُ: اخْتِبارٌ بَلِيغٌ يُؤَدِّي إلى خَبَرٍ، فالمَعْنى أنَّهُ طَهَّرَ قُلُوبَهم ونَقّاها (p-٣٥٩)كَما يَمْتَحِنُ الصّائِغُ الذَّهَبَ والفِضَّةَ بِالإذابَةِ لِلتَّنْقِيَةِ والتَّخْلِيصِ مِن كُلِّ غِشٍّ لِأجْلِ إظْهارِ ما بَطَنَ فِيها مِنَ التَّقْوى لِيَصِيرَ مَعْلُومًا لِلْخَلْقِ في عالَمِ الشَّهادَةِ كَما كانَ مَعْلُومًا [لَهُ سُبْحانَهُ] في عالَمِ الغَيْبِ، وهو خُرُوجُهم عَنِ العاداتِ البَشَرِيَّةِ ومُفارَقَتِهِمْ لِما تُوجِبُهُ الطَّبِيعَةُ، وهو حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ؛ فَإنَّ التَّقْوى لا تَظْهَرُ إلّا عِنْدَ المِحَنِ والشَّدائِدِ بِالتَّكْلِيفِ وغَيْرِها، ولا تَثْبُتُ إلّا بِمُلازَمَةِ الطّاعَةِ في المَنشَطِ والمَكْرَهِ والخُرُوجِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ.
ولَمّا كانَ الإنْسانُ وإنِ اجْتَهَدَ في الإحْسانِ مَحَلًّا لِلنُّقْصانِ، اسْتَأْنَفَ الإخْبارَ عَنْ جَزائِهِمْ بِقَوْلِهِ: مُعَرِّيًا لَهُ مِن فاءِ السَّبَبِ، إشارَةً [إلى] أنَّ ذَلِكَ بِمَحْضِ إحْسانِهِ: ﴿لَهم مَغْفِرَةٌ﴾ أيْ: لِهَفَواتِهِمْ وزَلّاتِهِمْ ﴿وأجْرٌ عَظِيمٌ﴾ أيْ: جَزاءٌ لا يُمْكِنُ وصْفُهُ عَلى مَحاسِنِ ما فَعَلُوهُ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یَغُضُّونَ أَصۡوَ ٰتَهُمۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ ٱمۡتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ لِلتَّقۡوَىٰۚ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرٌ عَظِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











