الباحث القرآني
ولَمّا أمَرَ بِما قَدْ يُفْضِي إلى القِتالِ، وكانَ الباغِي رُبَّما كانَ أقْرَبَ إلى الصُّلْحِ مِن جِهَةِ النَّسَبِ مِنَ المَبْغِيِّ عَلَيْهِ فَرُوعِيَ، وكانَ القِتالُ أمْرًا شاقًّا رُبَّما حَمَلَ عَلى الإحْجامِ عَنِ الإصْلاحِ، عَلَّلَ ذَلِكَ سُبْحانَهُ بِما قَدَّمَ (p-٣٧٣)فِيهِ قَرابَةَ الدِّينِ عَلى قَرابَةِ النَّسَبِ، وكَشَفَ كَشْفًا [تامًّا] عَنْ أنَّهُ لا يَسُوغُ لَهُ تَرْكُهُ لِما يُؤَدِّي إلَيْهِ مِن تَفْرِيقِ الشَّمْلِ المُؤَدِّي إلى وهَنِ الإسْلامِ وأهْلِهِ المُؤَدِّي إلى ظُهُورِ الباطِلِ المُؤَدِّي إلى الفَسادِ الأعْظَمِ الَّذِي لا تَدارُكَ لَهُ فَقالَ تَعالى: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: كُلُّهم وإنْ تَباعَدَتْ أنْسابُهم وأغْراضُهم وبِلادُهم ﴿إخْوَةٌ﴾ لِانْتِسابِهِمْ إلى أصْلٍ واحِدٍ وهو الإيمانُ، لا بُعْدَ بَيْنَهُمْ، ولا يَفْضُلُ أحَدٌ مِنهم عَلى أحَدٍ بِجِهَةٍ غَيْرِ جِهَةِ الإيمانِ.
ولَمّا كانَتِ الأُخُوَّةُ داعِيَةً ولا بُدَّ إلى الإصْلاحِ، سَبَّبَ عَنْها قَوْلَهُ: ﴿فَأصْلِحُوا﴾
ولَمّا كانَتِ الطّائِفَةُ قَدْ تُطْلَقُ عَلى ما هو أصْلٌ لِأنْ يُطافَ حَوْلَهُ كَما يُطْلَقُ عَلى ما فِيهِ أهْلِيَّةُ التَّحْلِيقِ والطَّوافِ، وكانَ أقَلُّ ما يَكُونُ ذَلِكَ في الِاثْنَيْنِ، وأنَّ مُخاصَمَتَهُما يَجُرُّ إلى مُخاصَمَةِ طائِفَتَيْنِ بِأنْ يَغْضَبَ لِكُلٍّ ناسٌ مِن قَبِيلَتِهِ وأصْحابِهِ، قالَ واضِعًا الظّاهِرَ مَوْضِعَ المُضْمَرِ مُبالَغَةً في تَقْرِيرِ الأمْرِ وتَأْكِيدِهِ، وإعْلامًا بِأنَّ المُرادَ بِالطّائِفَةِ القُوَّةُ لا الفِعْلُ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ شامِلًا لِلِاثْنَيْنِ فَما فَوْقَهُما: ﴿بَيْنَ أخَوَيْكُمْ﴾ أيِ: المُخْتَلِفِينَ بِقِتالٍ أوْ غَيْرِهِ كَما تُصْلِحُونَ بَيْنَ أخَوَيْكم مِنَ النَّسَبِ، إلّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرْضِ وفَسادٌ كَبِيرٌ، بَلِ الأمْرُ كَما نُقِلَ عَنْ أبِي عُثْمانَ الحِيرِيِّ أنَّ أُخُوَّةَ الدِّينِ أثْبَتُ مِن أُخُوَّةِ النَّسَبِ، وقَرَأ يَعْقُوبُ: ”إخْوَتِكُمْ“ (p-٣٧٤)بِالجَمْعِ، وقِراءَةُ الجَماعَةِ أبْلَغُ لِدَلالَتِها عَلى الِاثْنَيْنِ فَما فَوْقَهُما بِالمُطابَقَةِ ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ أيِ: المَلِكَ الأعْظَمَ الَّذِينَ هم عِبادُهُ في الإصْلاحِ بَيْنَهُما بِالقِتالِ وغَيْرِهِ، لا تَفْعَلُوا ما صُورَتُهُ إصْلاحٌ وباطِنُهُ إفْسادٌ، وأشارَ إلى سُهُولَةِ الأُمُورِ عِنْدَهُ ونُفُوذِ أمْرِهِ وأنَّ النُّفُوسَ إنَّما تَشَوُّفُها إلى الإكْرامِ لا إلى كَوْنِهِ مِن مُعَيَّنٍ، فَبَنى لِلْمَفْعُولِ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾ أيْ: لِتَكُونُوا إذا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ عَلى رَجاءٍ عِنْدَ أنْفُسِكم ومَن يُنْظِرُكم مِن أنْ يُكْرِمَكُمُ الَّذِي لا قادِرَ في الحَقِيقَةِ عَلى الإكْرامِ غَيْرُهُ بِأنْواعِ الكَراماتِ كَما رَحِمْتُمْ إخْوَتَكم بِإكْرامِهِمْ عَنْ إفْسادِ ذاتِ البَيْنِ الَّتِي هي الحالِقَةُ، وقَدْ دَلَّتِ الآيَةُ أنَّ الفِسْقَ بِغَيْرِ الكُفْرِ لا يُخْرِجُ عَنِ الإيمانِ، وعَلى أنَّ الإصْلاحَ مِن أعْظَمِ الطّاعاتِ، وعَلى وُجُوبِ نَصْرِ المَظْلُومِ؛ لِأنَّ القِتالَ لا يُباحُ بِدُونِ الوُجُوبِ، قالَ القُشَيْرِيُّ: وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى عِظَمِ وِزْرِ الواشِي والنَّمّامِ والمُضْرِبِ في إفْسادِ ذاتِ البَيْنِ، وقالَ: مِن شَرْطِ الأُخُوَّةِ أنْ لا تُحْوِجَ أخاكَ إلى الِاسْتِعانَةِ بِكَ والتِماسِ النُّصْرَةِ مِنكَ، ولا تُقَصِّرْ في تَفَقُّدِ أحْوالِهِ بِحَيْثُ يُشْكِلُ عَلَيْكَ مَوْضِعُ حاجَتِهِ فَيَحْتاجُ إلى مَسْألَتِكَ.
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَ أَخَوَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











