الباحث القرآني
ولَمّا خَتَمَ سُبْحانَهُ بِإحاطَةِ العِلْمِ بِالخَفايا والظَّواهِرِ في الإخْبارِ بِالرِّسالَةِ، عَيَّنَها في قَوْلِهِ جَوابًا لِمَن يَقُولُ: مَنِ الرَّسُولُ المُنَوَّهُ بِاسْمِهِ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ أيِ: المَلِكِ الَّذِي لا كُفُوءَ لَهُ، فَهو الرَّسُولُ الَّذِي لا رَسُولَ يُساوِيهِ؛ لِأنَّهُ رَسُولٌ إلى جَمِيعِ الخَلْقِ مِمَّنْ أدْرَكَ زَمانَهُ بِالفِعْلِ في الدُّنْيا ومَن تَقَدَّمَهُ بِالقُوَّةِ فِيها وبِالفِعْلِ في الآخِرَةِ يَوْمَ يَكُونُ الكُلُّ تَحْتَ لِوائِهِ، وقَدْ أُخِذَ عَلى الأنْبِياءِ كُلِّهِمِ المِيثاقُ بِأنْ يُؤْمِنُوا بِهِ إنْ أدْرَكُوهُ، وأخَذَ ذَلِكَ الأنْبِياءُ عَلى أُمَمِهِمْ، لا يَكْتُبُ الرَّحْمَةَ الَّتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ إلّا لِمَن وقَعَ العِلْمُ بِالمُحِيطِ بِأنَّهُ يُؤْمِنُ بِهِ، فَما عَمِلَ عامِلٌ عَمَلًا صالِحًا إلّا كانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ، تَقَدَّمَ ذَلِكَ العامِلُ أوْ تَأخَّرَ، كانَ مِن أهْلِ السَّماءِ أوْ مِن أهْلِ الأرْضِ، (p-٣٣٨)وهَذا أمْرٌ لا يُحْصِيهِ إلّا اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى، وأشارَ بِذَلِكَ إلى هَذا الِاسْمِ بِخُصُوصِهِ في سُورَةِ مُحَمَّدٍ إلى أنَّهُ ﷺ هو الخاتَمُ - بِما أشارَتْ إلَيْهِ المِيمُ الَّتِي مَخْرَجُها خِتامُ المَخارِجِ، وهي مُحِيطَةٌ بِما أشارَتْ إلَيْهِ صُورَتُهُ، وكُرِّرَتْ في الِاسْمِ بَعْدَهُ غايَةَ التَّأْكِيدِ، وهو ثَلاثٌ - كَما أشارَ إلَيْهِ اسْمُهُ: أحْمَدُ - إلى أنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ خاتَمًا فَهو فاتِحٌ بِما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ ﷺ: ««كُنْتُ أوَّلَهم خَلْقًا وآخِرَهم بَعْثًا»». واخْتَصَّتْ بِهِ سُورَةُ الصَّفِّ لِيُعادِلَ ذَلِكَ بِتَصْرِيحِ المُبَشِّرِ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِالبَعْدِيَّةِ في قَوْلِهِ: ﴿بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أحْمَدُ﴾ [الصف: ٦] وأشارَتِ المِيمُ أوَّلَهُ أيْضًا إلى بَعْثِهِ عِنْدَ الأرْبَعِينَ، وما بَقِيَ مِن حُرُوفِهِ وهي حَمْدٌ يُفِيدُ لَهُ كَمالَ الحَمْدِ بِالفِعْلِ في السَّنَةِ الثّانِيَةِ والخَمْسِينَ مِن عُمْرِهِ وهي الثّانِيَةَ عَشْرَةَ مِن نُبُوَّتِهِ بِبَيْعَةِ الأنْصارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وقَدْ أشارَتْ هَذِهِ السُّورَةُ إلى كَلِمَةِ الإخْلاصِ تَلْوِيحًا مِمّا ذَكَرَتْ مِن كَلِمَةِ الرِّسالَةِ تَصْرِيحًا وبَطَنَتْ سَطْوَةَ الإلَهِيَّةِ وظَهَرَتِ الرَّحْمَةُ المُحَمَّدِيَّةُ، كَما أشارَتِ القِتالُ إلى الرِّسالَةِ تَلْوِيحًا [وصَرَّحَتْ بِسَطْوَةِ الإلَهِيَّةِ] بِكَلِمَةِ الإخْلاصِ والنّاشِئَةِ عَنْ (p-٣٣٩)القِتالِ تَصْرِيحًا، وقَدْ تَقَدَّمَ في القِتالِ نُبْذَةٌ مِن أسْرارِ الكَلِمَتَيْنِ. ولَمّا ذَكَرَ الرَّسُولَ ذَكَرَ المُرْسَلَ إلَيْهِمْ فَقالَ تَعالى: ﴿والَّذِينَ مَعَهُ﴾ أيْ: بِمَعِيَّةِ الصُّحْبَةِ مِن أصْحابِهِ وحُسْنِ التَّبَعِيَّةِ مِنَ التّابِعِينَ لَهم بِإحْسانٍ: ولَمّا كانَ شَرَفُ القَوْمِ شَرَفًا لِرَئِيسِهِمْ، مَدَحَهم بِما يَشْمَلُهُ فَقالَ تَعالى: ﴿أشِدّاءُ عَلى الكُفّارِ﴾ فَهم لا تَأْخُذُهم بِهِمْ رَأْفَةٌ بَلْ هم مَعَهم كالأسَدِ عَلى فَرِيسَتِهِ؛ لِأنَّ اللَّهَ أمَرَهم بِالغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ ﴿رُحَماءُ بَيْنَهُمْ﴾ كالوالِدِ مَعَ الوَلَدِ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَهم بِاللِّينِ لِلْمُؤْمِنِينَ، ولا مُؤْمِنَ في زَمانِهِمْ إلّا مَن كانَ مِن أهْلِ دِينِهِمْ، فَهو يُحِبُّهم ويُحِبُّونَهُ بِشَهادَةِ آيَةِ المائِدَةِ.
ولَمّا كانَ هَذا بِخِلافِ ما وُصِفَتْ بِهِ الأُمَمُ الماضِيَةُ مِن أنَّهم ما اخْتَلَفُوا إلّا مِن بَعْدَما جاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ، فَكانَ عَجَبًا، بَيْنَ الحامِلِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿تَراهُمْ﴾ أيْ: أيُّها النّاظِرُ لَهم ﴿رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ أيْ: دائِمِي الخُضُوعِ فَأكْثَرُ أوْقاتِهِمْ صَلاةٌ قَدْ غَلَبَتْ صِفَةُ المَلائِكَةِ عَلى صِفاتِهِمُ الحَيَوانِيَّةِ، فَكانَتِ الصَّلاةُ آمِرَةً لَهم بِالخَيْرِ مُصَفِّيَةً عَنْ كُلِّ نَقْصٍ وضَيْرٍ.
ولَمّا كانَتِ الصَّلاةُ مِمّا يَدْخُلُهُ الرِّياءُ، بَيَّنَ إخْلاصَهم بِقَوْلِهِ: ﴿يَبْتَغُونَ﴾ أيْ: يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ وغَيْرِهِ مِن جَمِيعِ أحْوالِهِمْ بِغايَةِ جُهْدِهِمْ وتَغْلِيبًا لِعُقُولِهِمْ عَلى شَهَواتِهِمْ وحُظُوظِهِمْ ﴿فَضْلا﴾ أيْ: زِيادَةً في الخَيْرِ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِصِفاتِ الكَمالِ والجَمالِ الَّذِي أعْطاهم مَلَكَةَ الغِلْظَةِ عَلى الكُفّارِ بِما وهَبَهم مِن جَلالِهِ، والرِّقَّةِ عَلى أوْلِيائِهِ بِما أعْطاهم مِن (p-٣٤٠)رَحْمَتِهِ الَّتِي هَيَّأهم بِها لِلْإحْسانِ إلى عِيالِهِ فَنَزَعُوا الهَوى مِن صُدُورِهِمْ فَصارُوا يَرَوْنَهُ وحْدَهُ سَيِّدَهُمُ المُحْسِنَ إلَيْهِمْ لا يَرَوْنَ سَيِّدًا غَيْرَهُ، ولا مُحْسِنَ سِواهُ. ولَمّا ذَكَرَ عِبادَتَهم وطَلَبَهُمُ الزِّيادَةَ مِنها ومِن غَيْرِها مِن فَضْلِ اللَّهِ الَّذِي لا يُوصَلُ إلى عِبادَتِهِ إلّا بِمَعُونَتِهِ، أتْبَعَهُ المَطْلُوبَ الأعْلى فَقالَ: ﴿ورِضْوانًا﴾ أيْ: رِضاءً مِنهُ عَظِيمًا.
ولَمّا ذَكَرَ كَثْرَةَ عِبادَتِهِمْ وأتْبَعَها إخْلاصَهم فِيها اهْتِمامًا بِهِ لِأنَّهُ لا يَقْبَلُ عَمَلًا بِدُونِهِ، دَلَّ عَلى كَثْرَتِها بِقَوْلِهِ: ﴿سِيماهُمْ﴾ أيْ: عَلامَتُهُمُ الَّتِي لا تُفارِقُهم ﴿فِي وُجُوهِهِمْ﴾ ثُمَّ بَيَّنَ العَلامَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن أثَرِ السُّجُودِ﴾ فَهي نُورٌ يَوْمَ القِيامَةِ - رَواهُ الطَّبَرانِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ - هَذا مَعَ ما لَهم مِن مِثْلِ ذَلِكَ في الدُّنْيا مِن أثَرِ الخُشُوعِ والهَيْبَةِ بِحَيْثُ إنَّهُ إذا رُئِيَ أحَدُهم أوْرَثَ لِرائِيهِ ذِكْرَ اللَّهِ، وإذا قَرَأ أوْرَثَتْ قِراءَتُهُ حُزْنًا وخُشُوعًا وإخْباتًا وخُضُوعًا، وإنْ كانَ رَثَّ الحالِ رَدِيءَ الهَيْئَةِ، ولا يُظَنُّ أنَّ مِنَ السِّيما ما يَصْنَعُهُ بَعْضُ المُرائِينَ مِن هَيْئَةِ أثَرِ سُجُودٍ في جَبْهَتِهِ، فَإذا ذَلِكَ مِن سِيما الخَوارِجِ، وفي نِهايَةِ ابْنِ الأثِيرِ [فِي تَفْسِيرِ] الثَّفَنِ: ومِنهُ حَدِيثُ أبِي الدَّرْداءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَأى رَجُلًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِثْلَ ثَفِنَةِ العَنْزِ، فَقالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذا لَكانَ خَيْرًا - يَعْنِي كانَ عَلى جَبْهَتِهِ أثَرُ السُّجُودِ، وإنَّما كَرِهَها خَوْفًا مِنَ الرِّياءِ بِها، وقَدْ رَوى صاحِبُ الفِرْدَوْسِ (p-٣٤١)عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: ««إنِّي لَأُبْغِضُ الرَّجُلَ وأكْرَهُهُ إذا رَأيْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أثَرَ السُّجُودِ»».
ولَمّا أتَمَّ وصْفَهم بِهَذا الأمْرِ الَّذِي لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أحَدٌ إلّا مَن صَفّاهُ اللَّهُ مِن جَمِيعِ حُظُوظِهِ وشَهَواتِهِ، أشارَ إلى عُلُوِّهِ فَقالَ: ﴿ذَلِكَ﴾ أيْ: هَذا الوَصْفُ العالِي جِدًّا البَدِيعُ المِثالِ البَعِيدُ المَنالِ ﴿مَثَلُهم في التَّوْراةِ﴾ فَإنَّهُ قالَ فِيها: أتانا رَبُّنا مِن سَبَبِنا وشَرَقَ لَنا مِن جَبَلِ ساعِيرَ، وظَهَرَ لَنا مِن جَبَلِ فارانَ، مَعَهُ رُبُواتُ الأطْهارِ عَلى يَمِينِهِ، أعْطاهم وحَبَّبَهم إلى الشُّعُوبِ وبارَكَ عَلى جَمِيعِ أطْهارِهِ وهم يَتْبَعُونَ آثارَكَ. فَظُهُورُهُ مِن فارانَ صَرِيحٌ في نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ؛ فَإنَّهُ لَمْ يَأْتِ مِنها - وهي جِبالُ مَكَّةَ بِاتِّفاقِهِمْ - بَعْدَ نُزُولِ التَّوْراةِ بِالنُّبُوَّةِ غَيْرَهُ ﷺ، ورُبُواتُ الأطْهارِ إشارَةٌ إلى كَثْرَةِ أُمَّتِهِ، وأنَّهم في الطَّهارَةِ كالمَلائِكَةِ، وأيَّدَ ذَلِكَ جَعْلُهم مِن أهْلِ اليَمِينِ، ووَصْفُهم بِالتَّحْبِيبِ إلى الشُّعُوبِ، فَكُلُّ ذَلِكَ دالٌّ عَلى ما وُصِفُوا بِهِ مِنّا مِن شَهادَةِ الوُجُودِ - هَذا مَعَ ما وجَدْتُهُ في التَّوْراةِ بَعْدَ تَبْدِيلِهِمْ لِما بَدَّلُوا مِنها وإخْفائِهِمْ كَما قالَ اللَّهُ تَعالى لِكَثِيرٍ، ورَوى أصْحابُ فُتُوحِ البِلادِ في فَتْحِ بَيْتِ المَقْدِسِ عَنْ كَعْبِ الأحْبارِ أنَّ سَبَبَ إسْلامِهِ أنَّ أباهُ كانَ أخْبَرَهُ أنَّهُ ذَخَرَ (p-٣٤٢)عَنْهُ ورَقَتَيْنِ جَعَلَهُما في كُوَّةٍ وطِينٍ عَلَيْهِما، وأمَرَهُ أنْ يَعْمَلَ بِهِما بَعْدَ مَوْتِهِ، قالَ: فَلَمّا ماتَ فَتَحْتُ عَنْهُما فَإذا فِيهِما: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ، خاتَمُ النَّبِيِّينَ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ، مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، ومُهاجَرُهُ بِطِيبَةَ، لَيْسَ بِفَظٍّ ولا غَلِيظٍ، ولا سَخّابٍ في الأسْواقِ، ولا يَجْزِي السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، ولَكِنْ يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الحَسَنَةَ ويَعْفُو ويَغْفِرُ ويَصْفَحُ، وإنَّ أُمَّتَهُ الحَمّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وعَلى كُلِّ حالٍ، ويُذَلِّلُ ألْسِنَتَهم بِالتَّكْبِيرِ، ويَنْصُرُ اللَّهُ نَبِيَّهم عَلى كُلِّ مَن ناواهُ، يَغْسِلُونَ فُرُوجَهم بِالماءِ، ويُؤْثِرُونَ عَلى أواسِطِهِمْ، وأناجِيلُهم في صُدُورِهِمْ، يَأْكُلُونَ قُرْبانَهم في بُطُونِهِمْ ويُؤْجَرُونَ عَلَيْها، تَراحُمُهم بَيْنَهم تَراحُمٌ بَيْنَ الأُمِّ والأبِ، وهم أوَّلُ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ يَوْمَ القِيامَةِ مِنَ الأُمَمِ، هُمُ السّابِقُونَ المُقَرَّبُونَ والشّافِعُونَ والمُشَفَّعُ لَهم.
وأصْلُهُ في الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما وفي الدّارِمِيِّ عَنْ كَعْبٍ هَذا، ولِأصْحابِ الفُتُوحِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ كَعْبٍ قالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وهو بِالشّامِ عِنْدَ انْصِرافِهِ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ! إنَّهُ مَكْتُوبٌ في كِتابِ اللَّهِ: ”إنَّ هَذِهِ البِلادَ الَّتِي كانَ فِيها بَنُو إسْرائِيلَ وكانُوا أهْلَها مَفْتُوحَةٌ عَلى رَجُلٍ مِنَ الصّالِحِينَ، رَحِيمٌ بِالمُؤْمِنِينَ شَدِيدٌ عَلى الكافِرِينَ، سِرُّهُ مِثْلُ عَلانِيَتِهِ، وعَلانِيَتُهُ مِثْلُ سِرِّهِ، وقَوْلُهُ لا يُخالِفُ فِعْلَهُ، والقَرِيبُ والبَعِيدُ عِنْدَهُ في الحَقِّ سَواءٌ، أتْباعُهُ رُهْبانٌ بِاللَّيْلِ أُسْدٌ بِالنَّهارِ، مُتَراحِمُونَ مُتَباذِلُونَ“. فَقالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ. أحَقٌّ ما تَقُولُ؟ قُلْتُ: إي والَّذِي (p-٣٤٣)أنْزَلَ التَّوْراةَ عَلى مُوسى والَّذِي يَسْمَعُ ما نَقُولُ! إنَّهُ لَحَقٌّ، فَقالَ عُمَرُ: فالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أعَزَّنا وشَرَّفَنا وأكْرَمَنا ورَحِمَنا بِمُحَمَّدٍ ﷺ ورَحْمَتِهِ الَّتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ - هَذا عَلى أنَّ المُرادَ بِالمِثْلِ الوَصْفُ، ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ عَلى حَقِيقَتِهِ، ويَكُونُ الَّذِي في التَّوْراةِ ما تَرْجَمْتُهُ: ”هم عَلى أعْدائِهِمْ كَقَرْنِ الحَدِيدِ، وفِيما بَيْنَهم في النَّفْعِ والتَّواصُلِ كالماءِ والصَّعِيدِ، ولِرَبِّهِمْ كَخامَةِ الزَّرْعِ مَعَ الرِّيحِ والصَّدِيقِ النَّصِيحِ، وفي الإقْبالِ عَلى الآخِرَةِ كالمُسافِرِ الشّاحِبِ والباكِي النّاحِبِ“ فَعَبَّرَ عَنْهُ في كِتابِنا بِما ذُكِرَ.
ولَمّا ذَكَرَ مَثَلَهم في الكِتابِ الأوَّلِ، أتْبَعَهُ الكِتابَ الثّانِيَ الَّذِي هو ناسِخٌ لِيُعْلَمَ أنَّهُ قَدْ أخَذَ عَلى كُلِّ ناسِخٍ لِشَرِيعَتِهِ أنْ يَصِفَهم لِأُمَّتِهِ لِيَتْبَعُوهم إذا دَعَوْهم فَقالَ: ﴿ومَثَلُهم في الإنْجِيلِ﴾ أيِ: الَّذِي نَسَخَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَ أحْكامِ التَّوْراةِ ﴿كَزَرْعٍ﴾ أيْ: مِثْلَ زَرْعٍ ﴿أخْرَجَ شَطْأهُ﴾ أيْ: فِراخَهُ ووَرَقَهُ وما خَرَجَ حَوْلَ أُصُولِهِ، فَكانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَثَلَهُ.
ولَمّا ذَكَرَ هَذا الإخْراجَ سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ: ﴿فَآزَرَهُ﴾ أيْ: فَأحاطَ بِهِ الشَّطْأُ، فَقَوّاهُ وطَهَّرَهُ مِن غَيْرِ نَبْتَةٍ نَبَتَتْ عَنْهُ فَتُضْعِفُهُ وساواهُ وحاذاهُ وعاوَنَهُ، ويَظْهَرُ أنَّ قِراءَةَ الهَمْزَةِ بِالمَدِّ عَلى المُفاعَلَةِ أبْلَغُ مِن قِراءَةِ ابْنِ عامِرٍ بِالقَصْرِ؛ لِأنَّ الفِعْلَ إذا كانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَتَجاذَبانِهِ كانَ الِاجْتِهادُ (p-٣٤٤)فِيهِ أكْثَرَ، ثُمَّ سَبَّبَ عَنِ المُؤازَرَةِ قَوْلَهُ: ﴿فاسْتَغْلَظَ﴾ أيْ: فَطَلَبَ المَذْكُورُ مِنَ الزَّرْعِ والشَّطْأِ الغِلَظَ وأوْجَدَهُ فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ اعْتِدالُهُ ﴿فاسْتَوى﴾ أيْ: وُجِدَ فِيهِ القِيامُ العَدْلُ وُجُودًا عَظِيمًا كَأنَّهُ كانَ بِغايَةِ الِاجْتِهادِ والمُعالَجَةِ ﴿عَلى سُوقِهِ﴾ أيْ: قَصَبِهِ، جَمْعُ ساقٍ، وهو ما قامَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، حالَ كَوْنِ هَذا المَذْكُورِ مِنَ الزَّرْعِ والشَّطْأِ ﴿يُعْجِبُ الزُّرّاعَ﴾ ويَجُوزُ كَوْنُهُ اسْتِئْنافًا لِلتَّعَجُّبِ مِنهُ والمُبالَغَةِ في مَدْحِهِ وإظْهارِ السُّرُورِ في أمْرِهِ، وإذا أعْجَبَهم وهم في غايَةِ العِنايَةِ بِأمْرِهِ والتَّفَقُّدِ لِحالِهِ والمُلابَسَةِ لَهُ ومَعْرِفَةِ مَعانِيهِ كانَ لِغَيْرِهِمْ أشَدَّ إعْجابًا، ومَثَّلَ لِأنَّهم يَكُونُونَ قَلِيلِينَ ثُمَّ يَكْثُرُونَ مَعَ البَهْجَةِ في عَيْنِ النّاظِرِ لِما لَهم مِنَ الرَّوْنَقِ الَّذِي مَنشَؤُهُ نُورُ الإيمانِ وثَباتُ الطُّمَأْنِينَةِ والإيقانِ وشِدَّةِ المُوافَقَةِ مِن بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، ونَفْيِ المُخالِفِ لَهم وإبْعادِهِ، وقَدْ تَقَدَّمَ في هَذا الكِتابِ في آخِرِ المائِدَةِ أمْثالٌ ضُرِبَتْ في الإنْجِيلِ بِالزَّرْعِ أقْرَبُها إلى هَذا مَثَلُ حَبَّةِ الخَرْدَلِ فَراجِعْهُ.
ولَمّا أنْهى سُبْحانَهُ مَثَلَهُمْ، ذَكَرَ الثَّمَرَةَ في جَعْلِهِمْ كَذَلِكَ فَقالَ: ﴿لِيَغِيظَ﴾ مُعَلِّقًا لَهُ بِما يُؤْخَذُ مِن مَعْنى الكَلامِ وهو جَعْلُهم (p-٣٤٥)كَذَلِكَ لِأجْلِ أنْ يَغِيظَ ﴿بِهِمُ﴾ أيْ: غَيْظًا شَدِيدًا بالِغَ القُوَّةِ والإحْكامِ ﴿الكُفّارِ﴾ وذَلِكَ أنَّهم لَمّا كانُوا أوَّلَ الأمْرِ قَلِيلًا، كانَ الكُفّارُ طامِعِينَ في أنْ لا يَتِمَّ لَهم أمْرٌ، فَكُلَّما ازْدادُوا كَثْرَةً مَعَ تَمادِي الزَّمانِ زادَ غَيْظُ الكُفّارِ مِنهُمْ، فَكَيْفَ إذا رَأوْا مَعَ الزِّيادَةِ والقُوَّةِ مِنهم حُسْنًا ونَضارَةً ورَوْنَقًا وبَهْجَةً، فَهو في الغَيْظِ مِمّا لَوْ كانُوا في أوَّلِ الأمْرِ كَثِيرًا؛ لِأنَّهُ كانَ يَكُونُ دَفْعُهُ ويَقْصُرُ زَمَنُهُ، فَمَن أبْغَضَ صَحابِيًّا خِيفَ عَلَيْهِ الكُفْرُ؛ لِأنَّهم أوَّلُ مُرادٍ بِالآيَةِ، وغَيْرُهم بِالقَصْدِ الثّانِي وبِالتَّبَعِ، ومِن أبْغَضَهم كُلَّهم كانَ كافِرًا، وإذا حَمَلْناهُ عَلى غَيْرِهِمْ كانَ دَلِيلًا عَلى أنَّ كُلَّ مَن خالَفَ الإجْماعَ كَفَرَ - قالَهُ القُشَيْرِيُّ.
ولَمّا تَمَّ مَثَلُهم وعِلَّةُ جَعْلِهِمْ كَذَلِكَ، بَشَّرَهم فَقالَ في مَوْضِعِ وعْدِهِمْ لِتَعْلِيقِ الوَعْدِ بِالوَصْفِ عَلى عادَةِ القُرْآنِ تَرْغِيبًا في التَّمَسُّكِ بِهِ وتَرْهِيبًا مِن مُجانَبَتِهِ: ﴿وعَدَ اللَّهُ﴾ أيِ: المَلِكُ الأعْظَمُ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ولَمّا كانَ الكَلامُ في الَّذِينَ مَعَهُ ﷺ، وكانَتِ المَعِيَّةُ ظاهِرَةً في الِاتِّحادِ في الدِّينِ لَمْ تَكُنْ شامِلَةً لِلْمُنافِقِينَ، فَلَمْ يَكُنِ الِاهْتِمامُ بِالتَّقْيِيدِ بِمَنِّهِمْ هُنا (p-٣٤٦)كالِاهْتِمامِ بِهِ في سُورَةِ النُّورِ، فَأخَّرَهُ وقَدَّمَ العَمَلَ؛ لِأنَّ العِنايَةَ بِهِ هُنا أكْثَرُ؛ لِأنَّهُ مِن سِيماهُمُ المَذْكُورَةِ فَقالَ: ﴿وعَمِلُوا﴾ أيْ: تَصْدِيقًا لِدَعْواهُمُ الكَوْنَ مَعَهُ في الدِّينِ ﴿الصّالِحاتِ﴾ ولَمّا كانَ قَوْلُهُ ”مَعَهُ“ يَعُمُّ كَما مَضى مِن بَعْدِ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُمْ، وكانَ الخَلَلُ فِيمَن بَعْدَهم كَثِيرًا، قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنهُمْ﴾ أيْ: مِنَ الَّذِينَ مَعَهُ ﷺ سَواءٌ كانُوا مِن أصْلِ الزَّرْعِ أوْ فِراخِهِ الَّتِي أخْرَجَها وهُمُ التّابِعُونَ لَهم بِإحْسانٍ.
ولَمّا كانَ الإنْسانُ وإنِ اجْتَهَدَ مُقَصِّرًا عَنْ بُلُوغِ ما يَحِقُّ لَهُ مِنَ العِبادَةِ، أشارَ إلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿مَغْفِرَةً﴾ أيْ: لِما يَقَعُ مِنهم مَنِ الهَفَواتِ أوِ الذُّنُوبِ والسَّيِّئاتِ ﴿وأجْرًا عَظِيمًا﴾ بَعْدَ ذَلِكَ السَّتْرِ، وقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الآيَةُ الخاتِمَةُ لِهَذِهِ السُّورَةِ جَمِيعَ حُرُوفِ المُعْجَمِ بِشارَةً تَلْوِيحِيَّةً مَعَ ما فِيها مِنَ البَشائِرِ التَّصْرِيحِيَّةِ بِاجْتِماعِ أمْرِهِمْ وعُلُوِّ نَصْرِهِمْ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمّا كانَتْ هَذِهِ العُمْرَةُ قَدْ حَصَلَ لَهم فِيها كَسْرٌ لِرُجُوعِهِمْ قَبْلَ وُصُولِهِمْ إلى قَصْدِهِمْ مِنَ الدُّخُولِ إلى مَكَّةَ المُشَرَّفَةِ والطَّوّافِ بِالبَيْتِ العَتِيقِ، ولَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ خَلَلٍ أتى مِن قِبَلِهِمْ كَما كانَ في غَزْوَةِ أُحُدٍ عَلى ما مَضى مِن بَيانِهِ في آلِ عِمْرانَ الَّتِي هي سُورَةُ التَّوْحِيدِ الَّذِي كَلِمَتُهُ (p-٣٤٧)كَلِمَةُ التَّقْوى عِنْدَ الآيَةِ الثّانِيَةِ لِهَذِهِ، بَشَّرَهم سُبْحانَهُ بِما في هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ البَشائِرِ الظّاهِرَةِ تَصْرِيحًا وبِما في هَذِهِ الآيَةِ الخاتِمَةِ مِن جَمْعِها لِجَمِيعِ حُرُوفِ المُعْجَمِ تَلْوِيحًا إلى أنَّ أمْرَهم لا بُدَّ مِن تَمامِهِ، واشْتِدادِ سَلْكِهِ وانْبِرامِهِ، واتِّساقِ شَأْنِهِ وانْتِظامِهِ، وخُفُوقِ ألْوِيَتِهِ وأعْلامِهِ، وافْتَتَحَها بِمِيمِ ”مُحَمَّدٍ“ وهي مَضْمُومَةٌ، وخَتَمَها بِمِيمِ ”عَظِيمًا“ المَنصُوبَةِ إشارَةً بِما لِلْمِيمِ مِنَ الخِتامِ بِمَخْرَجِها إلى أنَّ تَمامَ الأمْرِ قَدْ دَنا جِدًّا إبّانُهُ، وحَضَرَ زَمانُهُ، وبِما في أوَّلِها مِنَ الضَّمِّ إلى رِفْعَةٍ دائِمَةٍ في حَمَدٍ كَثِيرٍ، وبِما في آخِرِها مِنَ النَّصْبِ إلى تَمامِ الفَتْحِ وانْتِشارِهِ، وقُرْبِهِ واشْتِهارِهِ، عَلى وجْهٍ عَظِيمٍ، وشَرَفٍ في عُلُوٍّ جَسِيمٍ، وأوْمَأ تَدْوِيرُها إلى أنَّهُ أمْرٌ لا انْتِهاءَ لَهُ، بَلْ كُلَّما خُتِمَ ابْتَدَأ، وقَدْ ظَهَرَ مِن هَذا وما في صَرِيحِ الآيَةِ مِنَ القُوَّةِ المُعِزِّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ المُذِلَّةِ لِلْكافِرِينَ رَدَّ مَقْطَعَها عَلى مَطْلَعِها بِالفَتْحِ لِلنَّبِيِّ ﷺ والتَّسْكِينِ العَظِيمِ لِأصْحابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، والرَّحْمَةِ والمَغْفِرَةِ والفَوْزِ العَظِيمِ لِجَمِيعِ أتْباعِهِ وأنْصارِهِ وأشْياعِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهم أجْمَعِينَ، وجَعَلَنا بِمَنِّهِ وكَرَمِهِ مِنهُمْ، وهَذا آخِرُ القِسْمِ الأوَّلِ مِنَ القُرْآنِ، وهو المُطَوَّلُ، وقَدْ خُتِمَ - كَما تَرى - بِسُورَتَيْنِ هُما في الحَقِيقَةِ لِلنَّبِيِّ ﷺ، وحاصِلُهُما الفَتْحُ لَهُ بِالسَّيْفِ (p-٣٤٨)والنَّصْرُ عَلى مَن قاتَلَهُ ظاهِرًا كَما خُتِمَ الثّانِي المُفَصَّلُ بِسُورَتَيْنِ هُما نُصْرَةٌ لَهُ ﷺ بِالحالِ عَلى مَن قَصَدَهُ بِالضُّرِّ باطِنًا - واللَّهُ الهادِي لِلصَّوابِ، وإلَيْهِ المَرْجِعُ والمَآبُ وصَلّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وصَحْبِهِ.
{"ayah":"مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰنࣰاۖ سِیمَاهُمۡ فِی وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَ ٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِی ٱلۡإِنجِیلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ یُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق