الباحث القرآني
ولَمّا أخْبَرَ سُبْحانَهُ أنَّهُ يُعَرِّفُهم لِنَبِيِّهِ ﷺ، أتْبَعَهُ الإخْبارَ بِأنَّهُ يُعَرِّفُهم لِكافَّةِ المُؤْمِنِينَ أيْضًا، فَقالَ مُؤَكِّدًا لِأجْلِ ظَنِّهِمْ أنَّ عِنْدَهم مِنَ المَلِكَةِ الشَّدِيدَةِ والعَقْلِ الرَّصِينِ ما يُخْفُونَ بِهِ أُمُورَهُمْ: ﴿ولَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ أيْ: نُعامِلُكم مُعامَلَةَ المُبْتَلى بِأنْ نُخالِطَكم بِما لَنا مِن صِفاتِ العَظَمَةِ بِالأوامِرِ الشَّدِيدَةِ عَلى النُّفُوسِ والنَّواهِي الكَرِيهَةِ إلَيْها والمَصائِبِ، خَلْطَةً مُمِيلَةً مُحِيلَةً، وهَكَذا التَّقْدِيرُ في الفِعْلَيْنِ الآتِيَيْنِ في قِراءَةِ الجَماعَةِ بِالنُّونِ جَرْيًا عَلى الأُسْلُوبِ الأوَّلِ، وفي قِراءَةِ أبِي بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِالياءِ الضَّمِيرُ لِلَّهِ تَعالى الَّذِي هو مُحِيطٌ بِصِفاتِ العَظَمَةِ الرّاجِعَةِ إلى القَهْرِ وغَيْرِها مِن صِفاتِ الإكْرامِ الآئِلَةِ إلى الإنْعامِ، فَهو في غايَةِ المُوافَقَةِ لِقِراءَةِ النُّونِ ﴿حَتّى نَعْلَمَ﴾ بِالِابْتِلاءِ عِلْمًا شُهُودِيًّا يَشْهَدُهُ غَيْرُنا مُطابِقًا لِما كُنّا نَعْلَمُهُ عِلْمًا غَيْبِيًّا فَنَسْتَخْرِجُ مِن سَرائِرِكم ما كَوَّنّاهُ فِيكم [وجَبَلْناكم عَلَيْهِ مِمّا لا يَعْلَمُهُ أحَدٌ مِنكُمْ] بَلْ ولا تَعْلَمُونَهُ أنْتُمْ حَقَّ عِلْمِهِ ﴿المُجاهِدِينَ مِنكُمْ﴾ في القِتالِ و[فِي] سائِرِ الأعْمالِ والشَّدائِدِ والأهْوالِ امْتِثالًا لِلْأمْرِ بِذَلِكَ.
ولَمّا كانَ عِمادُ الجِهادِ الصَّبْرَ عَلى المَكارِهِ قالَ تَأْكِيدًا لِأمْرِهِ: (p-٢٥٧)﴿والصّابِرِينَ﴾ أيْ: عَلى شَدائِدِ الجِهادِ وغَيْرِهِ مِنَ الأنْكادِ، قالَ القُشَيْرِيُّ: فَبِالِابْتِلاءِ والِامْتِحانِ تَتَبَيَّنُ جَواهِرُ الرِّجالِ، فَيَظْهَرُ المُخْلِصُ ويَتَّضِحُ المُماذِقُ ويَنْكَشِفُ المُنافِقُ. ولَمّا نَصَبَ مِعْيارًا لِلْعِلْمِ بِالذَّواتِ، أتْبَعَهُ مِسْبارًا لِلْمَعْرِفَةِ لِلْأخْيارِ، فَقالَ عاطِفًا عَلى ”نَعْلَمُ“ في رِوايَةِ الجَماعَةِ وعَلى ”نَبْلُو“ في الرِّوايَةِ عَنْ يَعْقُوبَ بِإسْكانِ الواوِ: ﴿ونَبْلُوَ أخْبارَكُمْ﴾ أيْ: نُخالِطُها بِأنْ نُسَلِّطَ عَلَيْها مَن يُحَرِّفُها فَيَجْعَلُ حُسْنَها قَبِيحًا وقَبِيحًا مَلِيحًا لِيَظْهَرَ لِلنّاسِ العامِلُ لِلَّهِ والعامِلُ لِلشَّيْطانِ، فَإنَّ العامِلَ لِلَّهِ إذا سَمّى قَبِيحَهُ بِاسْمِ الحَسَنِ عُلِمَ أنَّ ذَلِكَ إحْسانٌ مِنَ اللَّهِ إلَيْهِ فَيَسْتَحْيِي مِنهُ ويَرْجِعُ إلَيْهِ، وإذا سَمّى حَسَنَهُ بِاسْمِ القَبِيحِ واشْتُهِرَ بِهِ عَلِمَ أنَّ ذَلِكَ لُطْفٌ مِنَ اللَّهِ بِهِ كَيْلا يُدْرِكَهُ العَجَبُ أوْ يُهاجِمَهُ الرِّياءُ فَيَزِيدُ في إحْسانِهِ، والعامِلُ لِلشَّيْطانِ يَزْدادُ في القَبائِحِ؛ لِأنَّ شُهْرَتَهُ عِنْدَ النّاسِ مَحَطُّ نَظَرِهِ، ويَرْجِعُ عَنِ الحَسَنِ لِأنَّهُ لَمْ يُوصِلْهُ إلى ما أرادَ بِهِ مِن ثَناءِ النّاسِ عَلَيْهِ بِالخَبَرِ ولَمْ يُؤَكِّدْ بِنا، وفي قِراءَةِ يَعْقُوبَ إشارَةً إلى أنَّ إحالَةَ حالِ المُخْبَرِ بَعْدَ ظُهُورِ خَبَرِهِ أسْهَلُ مِن إحالَتِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ، وعَنِ الفُضَيْلِ أنَّهُ كانَ إذا قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ بَكى وقالَ: اللَّهُمَّ لا تَبْلُنا؛ فَإنَّكَ إنْ بَلَوْتَنا هَتَكْتَ أسْتارَنا وفَضَحْتَنا.
{"ayah":"وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِینَ وَنَبۡلُوَا۟ أَخۡبَارَكُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق