الباحث القرآني

ولَمّا صَوَّرَ سُبْحانَهُ ما أثَّرَتْهُ خِيانَتُهم بِأقْبَحِ صُوَرِهِ، فَبانَ [بِهِ] أنَّهُ ما حَمَلَهم عَلى ما فَعَلُوهُ إلّا جَهْلُهم وسَفاهَتُهُمْ، فَأنْتَجَ إهانَتَهم بِالتَّبْكِيتِ فَقالَ عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: أعَلِمُوا حِينَ قالُوا ما يُسْخِطُنا أنّا نَعْلَمُ سِرَّهم ونَجْواهُمْ، وإنَّ قُدْرَتَنا مُحِيطَةٌ بِهِمْ لِيَكُونُوا قَدْ وطَّنُوا أنْفُسَهم عَلى أنّا نُظْهِرُ لِلنّاسِ ما يَكْتُمُونَهُ ونَأْخُذُهم أخْذًا وبِيلًا فَيَكُونُوا أجْهَلَ الجَهَلَةِ: ﴿أمْ﴾ حَسِبُوا لِضَعْفِ عُقُولِهِمْ - بِما أفْهَمَهُ التَّعْبِيرُ بِالحُسْبانِ - هَكَذا كانَ الأصْلُ، ولَكِنَّهُ عَبَّرَ بِما دَلَّ عَلى الآفَةِ الَّتِي أدَّتْهم إلى ذَلِكَ فَقالَ تَعالى: ﴿حَسِبَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ﴾ الَّتِي إذا فَسَدَتْ فَسَدَ جَمِيعُ أجْسادِهِمْ ﴿مَرَضٌ﴾ أيْ: آفَةٌ لا طِبَّ لَها حُسْبانًا هو في غايَةِ الثَّباتِ بِما دَلَّ عَلَيْهِ التَّأْكِيدُ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿أنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ﴾ أيْ: يُبْرِزَ مَن هو مُحِيطٌ بِصِفاتِ الكَمالِ لِلرَّسُولِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ (p-٢٥٢)عَلى سَبِيلِ التَّجْدِيدِ والِاسْتِمْرارِ ﴿أضْغانَهُمْ﴾ أيْ: مَيْلَهم وما يُبْطِنُونَهُ [فِي] دَواخِلِ أكْشاحِهِمْ مِنَ اعْوِجاجِهِمُ الدّالِّ عَلى أحْقادِهِمْ، وهي أنَّهم كاتِمُونَ عَداوَةً في قُلُوبِهِمْ مُصِرُّونَ عَلَيْها يَتَرَقَّبُونَ الدَّوائِرَ لِانْتِهازِ فُرْصَتِها، لَيْسَ الأمْرُ كَما تَوَهَّمُوا بَلِ اللَّهُ يَفْضَحُهم ويَكْشِفُ تَلْبِيسَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب