الباحث القرآني

ولَمّا كانَ أشَدُّ ما يُتَّقى القِيامَةُ الَّتِي هم بِها مُكَذِّبُونَ، سَبَّبَ عَنِ اتِّباعِهِمُ الهَوى قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ﴾ أيْ: يَنْتَظِرُونَ، ولَكِنَّهُ جَرَّدَهُ إشارَةً إلى شِدَّةِ قُرْبِها ﴿إلا السّاعَةَ﴾ ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: [ما] يَنْتَظِرُونَ مِن أمْرِها؟ أبْدَلَ مِنها قَوْلَهُ: ﴿أنْ تَأْتِيَهُمْ﴾ أيْ: تَقُومَ عَلَيْهِمْ، وعَبَّرَ بِالإتْيانِ زِيادَةً في التَّخْوِيفِ ﴿بَغْتَةً﴾ أيْ: فُجاءَةً مِن غَيْرِ شُعُورٍ بِها ولا اسْتِعْدادٍ لَها. ولَمّا دَلَّ ذَلِكَ عَلى مَزِيدِ القُرْبِ، وكانَ مَجِيءُ عَلاماتِ الشَّيْءِ أدَلَّ عَلى قُرْبِهِ مَعَ الدَّلالَةِ عَلى عَظَمَتِهِ، قالَ مُعَلِّلًا لِلْبَغْتَةِ: ﴿فَقَدْ﴾ ودَلَّ عَلى القُوَّةِ بِتَذْكِيرِ الفِعْلِ فَقالَ: ﴿جاءَ أشْراطُها﴾ أيْ: عَلاماتُها المُنْذِراتُ بِها (p-٢٢٩)مِن مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ ««بُعِثْتُ أنا والسّاعَةُ كَهاتَيْنِ»». انْشِقاقِ القَمَرِ المُؤْذِنِ بِآيَةِ الشَّمْسِ في طُلُوعِها مِن مَغْرِبِها وغَيْرِ ذَلِكَ، وما بَعْدَ مُقَدِّماتِ الشَّيْءِ إلّا حُضُورُهُ. ولَمّا كانَ المَجِيءُ مِن أهْوالِها تَذَكَّرَها قَبْلَ حُلُولِها لِلْعَمَلِ بِما يَقْتَضِيهِ التَّذَكُّرُ، وكانَتْ إذا جاءَتْ شاغِلَةً عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، سَبَّبَ عَنْ مَجِيئِها قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَأنّى﴾ أيْ: فَكَيْفَ ومِن أيْنَ ﴿لَهم إذا جاءَتْهُمْ﴾ أيِ: السّاعَةُ وأشْراطُها المُعَيِّنَةُ لَها مِثْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها ﴿ذِكْراهُمْ﴾ لِأنَّهم في أشْغَلِ الشَّغْلِ ولَوْ فَرَغُوا لَما تَذَكَّرُوا فَعَمِلُوا ما أفادَ لِفَواتِ وقْتِ الأعْمالِ وشَرْطِها، وهو العَمَلُ عَلى الإيمانِ بِالغَيْبِ، وهَكَذا ساعَةُ الإنْسانِ الَّتِي (p-٢٣٠)تَخُصُّهُ وهي مَوْتُهُ وأشْراطُها الجاثَّةُ عَلى الذِّكْرى وهو المَرَضُ والشَّيْبُ ونَحْوَ ذَلِكَ، ومِن أشْراطِها المُعَيَّنَةِ لَها الَّتِي [لا] يَنْفَعُ مَعَها العَمَلُ الوُصُولُ إلى حَدِّ الغَرْغَرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب