الباحث القرآني

ولَمّا كانَ لا يَسْتَهِينُ بِهَذِهِ القَضايا ويَجْتَرِئُ مِثْلَ هَذِهِ البَلايا إلّا مَن أمِنَ العُقُوبَةَ، ولا يَأْمَنُ العُقُوبَةَ إلّا مَن أعْرَضَ عَنِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى، وكانَ يَكْفِي في الصَّدِّ عَنِ الأمْرَيْنِ وقائِعُهُ تَعالى بِالأُمَمِ الخالِيَةِ لِأجْلِ تَكْذِيبِ رُسُلِهِ ومُناصَبَةِ أوْلِيائِهِ والِاعْتِداءِ عَلى حُدُودِهِ، قالَ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ ومُوَبِّخًا لَهم تَقَدُّمًا إلَيْهِمْ بِالتَّحْذِيرِ مِن بَطْشِهِ وسَطْوَتِهِ وشَدِيدِ أخْذِهِ وعُقُوبَتِهِ، مُسَبِّبًا عَنْ كَراهِيَتِهِمُ المَذْكُورَةِ وما تَأثَّرَ عَنْها (p-٢١٢)مِنَ العَداوَةِ لِأهْلِ اللَّهِ: ﴿أفَلَمْ يَسِيرُوا﴾ [أيْ] بِسَبَبِ تَصْحِيحِ أعْمالِهِمْ وبِنائِها عَلى أساسٍ ﴿فِي الأرْضِ﴾ أيِ: الَّتِي فِيها آثارُ الوَقائِعِ؛ فَإنَّها هي الأرْضُ في الحَقِيقَةِ لِما لَها مِن زِيادَةِ التَّعْرِيفِ بِاللَّهِ ﴿فَيَنْظُرُوا﴾ عَقِبَ سَيْرِهِمْ وبِسَبِّهِ. ولَمّا كانَتْ وقائِعُهُ خِلْعَةً لِلْقُلُوبِ بِما فِيها مِنَ الأُمُورِ الباهِرَةِ النّاطِقَةِ بِها ألْسِنَةُ الأحْوالِ بَعْدَ التَّنْبِيهِ بِالمَقالِ، ساقَ ذَلِكَ بِسَوْقِهِ في أُسْلُوبِ الِاسْتِفْهامِ مَساقًا مُنَبِّهًا عَلى أنَّهُ مِنَ العَظَمَةِ بِحَيْثُ يُفَرِّغُ الزَّمانَ لِلْعِنايَةِ بِالسُّؤالِ عَنْهُ فَقالَ: ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ﴾ أيْ: آخِرُ أمْرِ ﴿الَّذِينَ﴾ ولَمّا كانَ يُمْكِنُهم مَعْرِفَةُ [ذَلِكَ مِن جَمِيعِ المُهْلَكِينَ، نَبَّهَ بِإثْباتِ الجارِّ عَلى أنَّهم بَعْضُهم بَلْ بَعْضُ المُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ، وهُمُ الَّذِينَ سَمِعُوا أخْبارَهم ورَأوْا دِيارَهُمْ] بِعادٍ وثَمُودَ ومَدْيَنَ وسا وقَوْمِ لُوطٍ فَقالَ تَعالى: ﴿مِن قَبْلِهِمْ﴾ ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: ما لَهُمْ؟ قالَ: ﴿دَمَّرَ اللَّهُ﴾ أيْ: أوْقَعَ المَلِكُ الأعْظَمُ الهَلاكَ العَظِيمَ الدّاخِلَ بِغَيْرِ إذْنٍ، الهاجِمِ بَغْتَةً ﴿عَلَيْهِمْ﴾ بِما عَلِمَ أهالِيهِمْ وأحْوالُهم وكُلُّ مَن رَضِيَ فِعالَهم أوْ مَقالَهُمْ، وعَدَلَ [عَنْ] أنْ يَقُولَ: ”ولِهَؤُلاءِ“ إلى قَوْلِهِ: ﴿ولِلْكافِرِينَ﴾ تَعْمِيمًا وتَعْلِيقًا لِلْحُكْمِ بِالوَصْفِ وهو العَراقَةُ في الكُفْرِ، فَكانَ فِيهِ بِشارَةٌ بِأنَّ بَعْضَهم سَيُنْجِيهِ اللَّهُ تَعالى مِن أسْبابِ الهَلاكِ لِكَوْنِهِ (p-٢١٣)لَيْسَ عَرِيقًا في الكُفْرِ؛ لِأنَّهُ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ ﴿أمْثالُها﴾ أيْ: أمْثالُ هَذِهِ العاقِبَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب