الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ أنَّهم في غايَةِ السَّفَهِ في عِبادَةِ ما لا دَلِيلَ بِوَجْهٍ عَلى عِبادَتِهِ، أتْبَعَهُ بَيانَ أنَّهم في غايَةِ الغَباوَةِ بِإنْكارِ ما لا شَيْءَ أبْيَنُ مِنهُ، فَقالَ عاطِفًا عَلى: ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾ [الأحقاف: ٣] ﴿وإذا تُتْلى﴾ أيْ: تُقْرَأُ مِن أيِّ قارِئٍ كانَ عَلى وجْهِ المُتابَعَةِ ﴿عَلَيْهِمْ آياتُنا﴾ أيِ: الَّتِي لا أعْظَمَ مِنها في أنْفُسِها وبِإضافَتِها إلَيْنا ﴿بَيِّناتٍ﴾ لا شَيْءَ أبْيَنُ مِنها قالُوا - هَكَذا كانَ الأصْلُ ولَكِنَّهُ بَيَّنَ الوَصْفَ الحامِلَ لَهم عَلى القَوْلِ فَقالَ: ﴿قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ: سَتَرُوا تِلْكَ الأنْوارَ الَّتِي أبْرَزَتْها تِلْكَ التِّلاوَةُ لَها - هَكَذا كانَ الأصْلُ ولَكِنَّهُ قالَ: ﴿لِلْحَقِّ﴾ أيْ: لِأجْلِهِ ﴿لَمّا﴾ أيْ: حِينَ ﴿جاءَهُمْ﴾ بَيانُها لِأنَّها مَعَ بَيانِها لا شَيْءَ أثْبَتُ مِنها وأنَّهم بادَرُوا أوَّلَ سَماعِهِمْ لَها إلى إنْكارِها دُونَ تَفَكُّرٍ: ﴿هَذا﴾ أيِ: الَّذِي تُلِيَ ﴿سِحْرٌ﴾ أيْ: خَيالٌ لا حَقِيقَةَ لَهُ ﴿مُبِينٌ﴾ أيْ: ظاهِرٌ في أنَّهُ خَيالٌ، فَدَلَّ قَوْلُهم هَذا - بِمُبادَرَتِهِمْ إلَيْهِ مِن غَيْرِ تَأمُّلٍ أصْلًا، وبِكَوْنِهِ أبْعَدَ الأشْياءِ عَنْ حَقِيقَةِ ما قِيلَ فِيهِ - عَلى أنَّهم أكْثَرُ النّاسِ عِنادًا وأجْرَؤُهم عَلى الكَذِبِ وهم يَدَّعُونَ أنَّهم أعْرَقُ النّاسِ في الإنْصافِ (p-١٣٠)وألْزَمُهم لِلصِّدْقِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب