الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ حالَةَ المُحْسِنِينَ شَرَحَ أمْرَهم فَقالَ مُسْتَأْنِفًا في جَوابِ مَن سَألَ عَنْهم وعَنْ بُشْراهُمْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنا﴾ أيْ: خالِقُنا ومَوْلانا والمُحْسِنُ إلَيْنا ﴿اللَّهُ﴾ سُبْحانَهُ وتَعالى لا غَيْرُهُ. ولَمّا كانَتِ الِاسْتِقامَةُ - وهي الثَّباتُ عَلى كُلِّ ما يُرْضِي [اللَّهَ] مَعَ تَرَتُّبِها عَلى التَّوْحِيدِ - عَزِيزَةَ المَنالِ عَلِيَّةِ الرُّتْبَةِ، وكانَتْ في الغالِبِ لا تُنالُ إلّا بَعْدَ مُنازَلاتٍ طَوِيلَةٍ ومُجاهَداتٍ شَدِيدَةٍ، أشارَ إلى كُلٍّ مِن بُعْدِها وعُلُوِّ رُتْبَتِها بِأداةِ التَّراخِي فَقالَ: ﴿ثُمَّ﴾ أيْ: [بَعْدَ] قَوْلِهِمْ ذَلِكَ الَّذِي وحَّدُوا بِهِ ﴿اسْتَقامُوا﴾ (p-١٤٤)أيْ [طَلَبُوا] القَوْمَ طَلَبًا عَظِيمًا وأوْجَدُوهُ. ولَمّا كانَ الوَصْفُ لِرُؤُوسِ المُؤْمِنِينَ، عَدَّ أعْمالَهم أسْبابًا فَأخْبَرَ عَنْهم بِقَوْلِهِ: ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ أيْ: يَعْلُوهم بِغَلَبَةِ الضَّرَرِ، ولَعَلَّهُ [يُعَبِّرُ] في [مِثْلِ] هَذا بِالِاسْمِ إشارَةً إلى أنَّ هَيْبَتَهُ بِالنَّظَرِ إلى جَلالِهِ وقَهْرِهِ وجَبَرُوتِهِ وكِبْرِهِ وكَمالِهِ لا تَنْتَفِي، ويَحْصُلُ لِلْإنْسانِ بِاسْتِحْضارِها إخْباتٌ وطُمَأْنِينَةٌ ووَقارٌ وسَكِينَةٌ يَزِيدُهُ في نَفْسِهِ جَلالًا ورِفْعَةً وكَمالًا، فالمَنفِيُّ خَوْفٌ يُقْلِقُ النَّفْسَ ﴿ولا هُمْ﴾ في ضَمائِرِهِمْ ولا في ظَواهِرِهِمْ ﴿يَحْزَنُونَ﴾ أيْ: يَتَجَدَّدُ لَهم شَيْءٌ مِن حُزْنٍ أصْلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب