الباحث القرآني

ولَمّا دَلَّ عَلى أنَّ تَرْكَهم لِلْإيمانِ إنَّما هو تَعَمُّدٌ لِلظُّلْمِ اسْتِكْبارًا، عَطَفَ عَلى قَوْلِهِمْ ”إنَّهُ سِحْرٌ“ ما دَلَّ عَلى الِاسْتِكْبارِ فَقالَ تَعالى: ﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ: تَعَمَّدُوا تَغْطِيَةَ الحَقِّ ﴿لِلَّذِينَ﴾ أيْ: لِأجْلِ إيمانِ الَّذِينَ ﴿آمَنُوا﴾ إذْ سَبَقُوهم إلى الإيمانِ: ﴿لَوْ كانَ﴾ إيمانُهم (p-١٤٠)بِالقُرْآنِ وبِهَذا الرَّسُولِ ﴿خَيْرًا﴾ أيْ: مِن جُمْلَةِ الخُيُورِ ﴿ما سَبَقُونا إلَيْهِ﴾ ونَحْنُ أشْرَفُ مِنهم وأكْثَرُ أمْوالًا وأوْلادًا وأعْلَمُ بِتَحْصِيلِ العِزِّ والسُّؤْدُدِ الَّذِي هو مُناطُ الخَيْرِ فَكَأنْ لَمْ يَسْبِقُونا إلى شَيْءٍ مِن هَذِهِ الخَيْراتِ الَّتِي نَحْنُ فائِزُونَ بِها وهم صِفْرٌ مِنها، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِخَيْرٍ، فَلِذَلِكَ سَبَقُوا إلَيْهِ [فَكانَ] حالُهم فِيهِ حالَهم فِيما هو مَحْسُوسٌ مِن أُمُورِهِمْ في المالِ والجاهِ. ولَمّا أخْبَرَ عَمّا قالُوا حِينَ سَبَقَهم غَيْرُهُمْ، أخْبَرَ عَمّا يَقُولُونَ عِنْدَ تَعَمُّدِ الإعْراضِ عَنْهُ فَقالَ: ﴿وإذْ﴾ أيْ: وحِينَ ﴿لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ يَقُولُونَ عِنادًا وتَكَبُّرًا وكُفْرًا: لَوْ كانَ هُدًى لَأبْصَرْناهُ ولَمْ يَعْلَمُوا أنَّها لا تَعْمى الأبْصارُ ولَكِنْ تَعْمى القُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَإنْ قِيلَ لَهُمْ: فَما هُوَ؟ أجابَهُ بِقَوْلِهِ مُسَبِّبًا عَنْ هَذا المُقَدَّرَ عَلَمًا مِن أعْلامِ النُّبُوَّةِ: ﴿فَسَيَقُولُونَ﴾ بِوَعْدٍ لا خُلْفَ فِيهِ لِأنَّ النّاسَ أعْداءُ ما جَهِلُوا، ولِأنَّهم لَمْ يَجِدُوا عَلى ما يَدَّعُونَهُ مِن أنَّهُ لَوْ كانَ خَيْرًا لَسَبَقُوا غَيْرَهم [إلَيْهِ] دَلِيلًا: ﴿هَذا﴾ أيِ: الَّذِي سَبَقْتُمْ إلَيْهِ ﴿إفْكٌ﴾ أيْ: شَيْءٌ مَصْرُوفٌ عَنْ وجْهِهِ إلى قَفاهُ ﴿قَدِيمٌ﴾ أفِكَهُ غَيْرُهُ وعَثَرَ هو عَلَيْهِ فَأتى بِهِ ونَسَبَهُ إلى اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب