الباحث القرآني

﴿وأمّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ: سَتَرُوا ما جَلَتْهُ لَهم مِرائِي عُقُولِهِمْ وفِطَرِهِمُ الأُولى مِنَ الحَقِّ الَّذِي أمَرَ اللَّهُ بِهِ ولَوْ عَمِلُوا جَمِيعَ الصّالِحاتِ غَيْرَ الإيمانِ، فَيُدْخِلُهُمُ المَلِكُ (p-١٠٨)الأعْظَمُ في لَعْنَتِهِ. ولَمّا كانَ هَذا السَّتْرُ سَبَبًا واضِحًا في تَبْكِيتِهِمْ قالَ: ﴿أفَلَمْ﴾ أيْ: فَيُقالُ لَهُمْ: ألَمْ يَأْتِكم رُسُلِي، وأخْلُقْ لَكم عُقُولًا تَدُلُّكم عَلى الصَّوابِ مِنَ التَّفَكُّرِ في الآياتِ المَرْئِيَّةِ مِنَ المُعْجِزاتِ الَّتِي أتَوْكم بِها وأنْزَلَ عَلَيْكم بِواسِطَتِهِمْ آياتٍ مَسْمُوعَةً فَلَمْ ﴿تَكُنْ آياتِي﴾ عَلى ما لَها مِن عَظَمَةِ الإضافَةِ إلَيَّ وعَظَمَةِ الإتْيانِ إلَيْكم عَلى ألْسِنَةِ رُسُلِي الَّذِينَ هم أشْرَفُ خَلْقِي. ولَمّا كانَتْ هَذِهِ الآياتُ تُوجِبُ الإيمانَ لِما لَها مِنَ العَظَمَةِ بِمُجَرَّدِ تِلاوَتِها، بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ قَوْلُهُ: ﴿تُتْلى﴾ أيْ: تُواصَلُ قِراءَتُها مِن أيِّ تالٍ كانَ، فَكَيْفَ إذا كانَتْ بِواسِطَةِ الرُّسُلِ، تِلاوَةً مُسْتَعْلِيَةً ﴿عَلَيْكُمْ﴾ لا تَقْدِرُونَ عَلى رَفْعِ شَيْءٍ مِنها بِشَيْءٍ يَرْضاهُ مُنْصِفٌ (p-١٠٩)﴿فاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ أيْ: فَتَسَبَّبَ عَنْ تِلاوَتِها الَّتِي مِن شَأْنِها إيراثُ الخُشُوعِ والإخْباتِ والخُضُوعِ أنْ طَلَبْتُمُ الكِبْرَ لِأنْفُسِكم وأوْجَدْتُمُوهُ عَلى رُسُلِي وآياتِي ﴿وكُنْتُمْ﴾ خُلُقًا لازِمًا ﴿قَوْمًا﴾ أيْ: ذَوِي قِيامٍ وقُدْرَةٍ عَلى ما تُحاوِلُونَهُ ﴿مُجْرِمِينَ﴾ أيْ: عَرِيقِينَ في قَطْعِ ما يَسْتَحِقُّ الوَصْلَ، وذَلِكَ هو الخُسْرانُ المُبِينُ، والآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذَكَرَ الإدْخالَ في الرَّحْمَةِ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى الإدْخالِ في اللَّعْنَةِ ثانِيًا، وذَكَرَ التَّبْكِيتَ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى التَّشْرِيفِ أوَّلًا، وسِرُّهُ أنَّ ما ذَكَرَهُ أدَلُّ عَلى شَرَفِ الوَلِيِّ وحَقارَةِ العَدُوِّ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب