الباحث القرآني

﴿إنَّ فِي﴾ ولَمّا كانَتِ الحَوامِيمُ - كَما رَوى أبُو عُبَيْدَةَ في كِتابِ الفَضائِلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - لُبابَ القُرْآنِ، حَذَفَ ما ذُكِرَ في البَقَرَةِ مِن قَوْلِهِ ”خَلَقَ“ لِيَكُونَ ما هُنا أشْمَلَ فَقالَ: ﴿السَّماواتِ﴾ أيْ: ذَواتِها بِما لَها مِنَ الدَّلالَةِ (p-٦١)[عَلى صانِعِها] وخالِقِها عَلى ما فِيها مِنَ العِبَرِ بِما فِيها مِنَ المَنافِعِ وعَظِيمِ الصَّنْعَةِ ما لَها مِنَ الشُّفُوفِ الدّالِّ عَلى تَعَدُّدِها بِما فِيها مِنَ الكَواكِبِ ﴿والأرْضِ﴾ كَذَلِكَ [و] بِما حَوَتْ مِنَ المَعادِنِ والمُعايِشِ والمَنابِعِ والمَعاوِنِ ﴿لآياتٍ﴾ أيْ: دَلائِلَ عَلى وحْدانِيَّتِهِ وجَمِيعِ كَمالِهِ؛ فَإنَّ مِنَ المَعْلُومِ أنَّهُ لا بُدَّ لِكُلٍّ مِن ذَلِكَ مِن صانِعٍ مُتَّصِفٍ بِذَلِكَ ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أيْ: لِأنَّهم بِرُسُوخِهِمْ في هَذا الوَصْفِ الشَّرِيفِ أهْلٌ لِلنَّظَرِ لِأنَّ رَبَّهم يَهْدِيهِمْ بِإيمانِهِمْ فَشَواهِدُ الرُّبُوبِيَّةِ لَهم مِنهُما لائِحَةٌ، وأدِلَّةُ الإلَهِيَّةِ فِيهِما واضِحَةٌ، ولَعَلَّهُ أشارَ بِالتَّعْبِيرِ بِالوَصْفِ إلى أنَّهُ لا بُدَّ في رَدِّ شُبَهِ أهْلِ الطَّبائِعِ مِن تَقَدُّمِ الإيمانِ، وأنَّ [مَن] لَمْ يَكُنْ راسِخَ الإيمانِ لَمْ يَخْلُصْ مِن شُكُوكِهِمْ. وقالَ الإمامُ أبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمّا تَضَمَّنَتِ السُّورَةُ المُتَقَدِّمَةُ إيضاحَ أمْرِ الكِتابِ وعَظِيمَ بَيانِهِ وأنَّهُ شافٍ كافٍ وهُدًى ونُورٌ، كانَ أمْرُ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ أعْظَمَ شَيْءٍ لِانْقِطاعِهِمْ وعَجْزِهِمْ وقِيامِ (p-٦٢)الحُجَّةِ بِهِ عَلَيْهِمْ حَتّى رَضُوا بِالقَتْلِ والخِزْيِ العاجِلِ وما قامُوا بِادِّعاءِ مُعارَضَتِهِ ولا تَشَوَّفُوا إلى الإسْنادِ إلى عَظِيمِ تِلْكَ المُعارَضَةِ، أتْبَعَ ذَلِكَ [تَعالى] تَنْبِيهًا لِنَبِيِّهِ والمُؤْمِنِينَ إلى ما قَدْ نَصَبَهُ مِنَ الدَّلائِلِ سِواهُ مِمّا صَدَّ المُعْرِضَ عَنِ الِاعْتِبارِ بِها أوْ بِبَعْضِها مُجَرَّدُ هَواهُ، ومَن أضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ، فَقالَ تَعالى بَعْدَ القَسَمِ بِالكِتابِ المُبِينِ ﴿إنَّ في السَّماواتِ والأرْضِ لآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أيْ: لَوْ لَمْ تَجِئْهم يا مُحَمَّدُ بِعَظِيمِ آيَةِ الكِتابِ فَقَدْ كانَ لَهم فِيما نَصَبْنا مِنَ الأدِلَّةِ أعْظَمُ بُرْهانٍ وأعْظَمُ تِبْيانٍ ﴿أوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلا بِالحَقِّ وأجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الروم: ٨] فَلَمّا نَبَّهَ بِخَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ، أتْبَعَ بِذِكْرِ ما بَثَّ في الأرْضِ فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب