الباحث القرآني

ولَمّا أوْصَلَ سُبْحانَهُ إلى هَذا الحَدِّ مِنَ البَيانِ الفائِتِ لِقُوى الإنْسانِ، قالَ مُتَرْجِمًا عَنْهُ: ﴿هَذا﴾ أيِ: الوَحْيُ المُنَزَّلُ. ولَمّا كانَ في عِظَمِ بَيانِهِ وإزالَةِ اللَّبْسِ عَنْ كُلِّ مُلْبِسٍ دَقَّ أوْ جَلَّ بِحَيْثُ لا يَلْحَقُهُ شَيْءٌ مِن خَفاءٍ، جَعَلَهُ نَفْسَ البَصِيرَةِ، مَجْمُوعَةً جَمْعَ كَثْرَةٍ بِصِيغَةِ مُنْتَهى الجُمُوعِ كَما جَعَلَهُ رُوحًا فَقالَ: ﴿بَصائِرُ لِلنّاسِ﴾ أيِ: الَّذِينَ هم في أدْنى المَراتِبِ، يُبَصِّرُهم بِما يَضُرُّهم وما يَنْفَعُهُمْ، فَما ظَنُّكَ بِمَن فَوْقَهم مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ومَن فَوْقَهم. ولَمّا بَيَّنَ ما هو لِأهْلِ السُّفُولِ، بَيَّنَ ما هو لِأهْلِ العُلُوِّ فَقالَ تَعالى: ﴿وهُدًى﴾ أيْ: قائِدٌ إلى كُلِّ خَيْرٍ، مانِعٌ مِن كُلِّ زَيْغٍ ﴿ورَحْمَةٌ﴾ أيْ: كَرامَةٌ وفَوْزٌ ونِعْمَةٌ ﴿لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ أيْ: ناسٍ فِيهِمْ قُوَّةُ القِيامِ بِالوُصُولِ إلى العِلْمِ الثّابِتِ وتَجْدِيدِ التَّرَقِّي في دَرَجاتِهِ إلى ما لا نِهايَةَ لَهُ أبَدًا. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ بَعْدَ هَذا البَيانِ الَّذِي لَمْ يَدَعْ لَبْسًا في أمْرِ الحِسابِ بِما حَدَّهُ مِنَ المَلِكِ الَّذِي يُوجِبُ [ما لَهُ] مِنَ العَظَمَةِ والحِكْمَةِ أنْ يُحاسِبَ عَبِيدَهُ لِثَوابِ المُحْسِنِ وعِقابِ المُسِيءِ: أعْلَمَ هَؤُلاءِ المُخاطَبُونَ - لِأنَّهم (p-٩٠)لا يَعْدُونَ أنْ يَكُونُوا مِنَ النّاسِ أوْ مِنَ الَّذِينَ يُوقِنُونَ بِهَذِهِ البَصائِرِ لِما لَهم مِن حُسْنِ الغَرائِزِ المُعْلِيَةِ لَهم عَنْ حَضِيضِ الحَيَوانِ إلى أوْجِ الإنْسانِ أنّا نُفَرِّقُ بَيْنَ المُسِيئِينَ الَّذِينَ بَعْضُهم أوْلِياءُ بَعْضٍ وبَيْنَ المُحْسِنِينَ الَّذِينَ نَحْنُ أوْلِياؤُهُمْ، عَطَفَ عَلَيْهِ سُبْحانَهُ وتَعالى قَوْلَهُ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب