الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مَعْنى هَذا أنَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى جَعَلَ بَنِي إسْرائِيلَ عَلى شَرِيعَةٍ وهَدَّدَهم عَلى الخِلافِ فِيها، فَكانَ تَهْدِيدُهم تَهْدِيدًا لَنا، قالَ مُصَرِّحًا بِما اقْتَضاهُ سَوْقُ الكَلامِ وغَيْرِهِ مِن تَهْدِيدِنا مُنَبِّهًا عَلى عُلُوِّ شَرِيعَتِنا: ﴿ثُمَّ﴾ أيْ: بَعْدَ فَتْرَةٍ مِن رُسُلِهِمْ ومُجاوَزَةِ رُتَبٍ كَثِيرَةٍ عالِيَةٍ عَلى (p-٨٧)[رُتْبَةِ] شَرِيعَتِهِمْ ﴿جَعَلْناكَ﴾ أيْ: بِعَظَمَتِنا ﴿عَلى شَرِيعَةٍ﴾ أيْ: طَرِيقَةٍ واسِعَةٍ عَظِيمَةٍ ظاهِرَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ سَهْلَةٍ مُوصِلَةٍ إلى المَقْصُودِ هي جَدِيرَةٌ بِأنْ يَشْرَعَ النّاسُ فِيها ويُخالِطُوها مُبْتَدِئَةً ﴿مِنَ الأمْرِ﴾ الَّذِي هو وحْيُنا وهو حَياةُ الأرْواحِ كَما أنَّ الأرْواحَ حَياةُ الأشْباحِ. ولَمّا بَيَّنَ بِهَذِهِ العِبارَةِ بَعْضَ فَضْلِها عَلى ما كانَ قَبْلَها، سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ مُوَجِّهًا الخِطابَ إلى الإمامِ بِما أرادَ بِهِ المَأْمُومِينَ لِيَكُونَ أدْعى إلى اجْتِهادِهِمْ، فَإنَّ أمْرَهم تَكْلِيفٌ وأمْرُ إمامِهِمْ تَكْوِينٌ: ﴿فاتَّبِعْها﴾ أيْ: بِغايَةِ جُهْدِكَ. ولَمّا كانَتِ الشَّرِيعَةُ العَقْلَ المَحْفُوظَ الَّذِي أخْبَرَ اللَّهُ أنَّهُ بِهِ يَأْخُذُ وبِهِ يُعْطِي، كانَ الإعْراضُ عَنْها إلى غَيْرِها إنَّما هو هَوًى، ولَمّا كانَ أُحادُ الأُمَّةِ غَيْرَ مَعْصُومِينَ أشارَ إلى العَفْوِ عَنْ هَفَواتِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَتَّبِعْ﴾ أيْ: تَتَعَمَّدُوا أنْ تَتَّبِعُوا ﴿أهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: لا عِلْمَ لَهم أوْ لَهم عِلْمٌ ولَكِنَّهم يَعْمَلُونَ عَمَلَ مَن لَيْسَ لَهم عِلْمٌ أصْلًا مِن كُفّارِ العَرَبِ وغَيْرِهِمْ، فَإنَّ مَن تَعَمَّدَ اتِّباعَهم فَعَلْتُ بِهِمْ ما فَعَلْتُ بِبَنِي إسْرائِيلَ حَيْثُ لَعَنْتُهم عَلى لِسانِ داوُدَ وعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ بَعْدَ ما لَعَنْتُهم عَلى لِسانِ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب