الباحث القرآني

و[لَمّا] عُلِمَ بِهَذا أنَّهُ لا يَمْلِكُ مِن أمْرِ نَفْسِهِ شَيْئًا، بَلْ وصَلَ إلى غايَةِ الهَوانِ، دَلَّ عَلَيْهِ بِالتَّهَكُّمِ بِما كانَ يَظُنُّ في نَفْسِهِ مِنَ العَظَمَةِ الَّتِي يَتَرَفَّعُ بِها في الدُّنْيا عَلى أوامِرِ اللَّهِ، فَقِيلَ بِناءً عَلى ما تَقْدِيرُهُ: يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ مَقُولًا لَهُ: ﴿ذُقْ﴾ أيْ: مِن هَذا أوْصَلَكَ إلَيْهِ تَغَرُّرُكَ عَلى أوْلِياءِ اللَّهِ. ولَمّا كانَ أوْلِياءُ اللَّهِ مِنَ الرُّسُلِ وأتْباعِهِمْ يُخْبِرُونَ في الدُّنْيا أنَّهُ - لِإبائِهِ أمْرَ اللَّهِ - هو الذَّلِيلُ، وكانَ [هَذا] الأثِيمُ وأتْباعُهُ يُكَذِّبُونَ بِذَلِكَ ويُؤَكِّدُونَ قَوْلَهُمُ المُقْتَضِيَ لِعَظَمَتِهِ لِإحْراقِ أكْبادِ الأوْلِياءِ حَكى لَهُ قَوْلَهم عَلى ما كانُوا يَلْفِظُونَ بِهِ زِيادَةً في تَعْذِيبِهِ بِالتَّوْبِيخِ والتَّقْرِيعِ مُعَلِّلًا لِلْأمْرِ بِالذَّوْقِ: ﴿إنَّكَ﴾ وأكَّدَ بِقَوْلِهِ: ﴿أنْتَ﴾ وحْدَكَ دُونَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَ بِحَقارَتِكَ ﴿العَزِيزُ﴾ [أيِ] الَّذِي يَغْلِبُ ولا يُغْلَبُ ﴿الكَرِيمُ﴾ أيِ: الجامِعُ إلى الجُودِ شَرَفَ النَّفْسِ وعِظَمَ الإباءِ، فَلا تَنْفَعُكَ عَنْ سَتْرِ مَساوِئِ الأخْلاقِ بِإظْهارِ مَعالِيها فَلَسْتَ بِلَئِيمٍ أيْ بَخِيلٍ مَهِينِ النَّفْسِ خَسِيسِ الإباءِ، فَهو كِنايَةٌ عَنْ مُخاطَبَتِهِ بِالخِسَّةِ مَعَ إقامَةِ الدَّلِيلِ عَلى ذَلِكَ بِما هو فِيهِ مِنَ المَهالِكِ، وقِراءَةُ (p-٤٧)الكِسائِيِّ بِفَتْحِ ”أنَّ“ دالَّةٌ عَلى هَذا العَذابِ قَوْلًا وفِعْلًا عَلى ما كانَ يُقالُ لَهُ مِن هَذا في الدُّنْيا ويَعْتَقِدُ هو أنَّهُ حَقٌّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب