الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الجَوابُ قَطْعًا عَنْ هَذَيْنَ الِاسْتِفْهامَيْنِ: لَيْسَ لَهم ذَلِكَ عَلى مُطْلَقِ ما قالُوا ولا مُقَيِّدِهِ مِن صَرِيحِ عَقْلٍ ولا صَحِيحِ نَقْلٍ إلى مَن يَصِحُّ النَّقْلُ عَنْهُ مِن أهْلِ العِلْمِ بِالأخْبارِ الإلَهِيَّةِ، نَسَّقَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إرْشادًا إلَيْهِ: ﴿بَلْ قالُوا﴾ أيْ في جَوابِهِمْ عَنْ قَوْلِ ذَلِكَ واعْتِقادِهِ مُؤَكِّدِينَ إظْهارًا جَهْلًا أوْ تَجاهُلًا لِأنَّ ذَلِكَ لَمْ يَعِبْ عَلَيْهِمْ إلّا لِظَنِّ أنَّهُ لا سَلَفَ لَهم أصْلًا فِيهِ، فَإذا ثَبَتَ أنَّهُ عَمَّنْ تَقَدَّمَهُمُ انْفَصَلَ النِّزاعُ: (p-٤١٠)﴿إنّا وجَدْنا آباءَنا﴾ أيْ وهم أرْجَحُ مِنّا عُقُولًا وأصْبَحَ أفْهامًا ﴿عَلى أُمَّةٍ﴾ أيْ طَرِيقَةٍ عَظِيمَةٍ يَحِقُّ لَها أنْ تَقْصِدَ وتَؤُمَّ مِثْلَ رِحْلَةٍ بِمَعْنى شَيْءٍ هو أهْلٌ لِأنْ يَرْحَلَ إلَيْهِ، وكَذا قُدْوَةٌ ونَحْوُهُ. وقِراءَةُ الكَسْرِ مَعْناها حالَةٌ حَسَنَةٌ يَحِقُّ لَها أنْ تَؤُمَّ ﴿وإنّا عَلى آثارِهِمْ﴾ أيْ خاصَّةً لا عَلى غَيْرِها ونَحْنُ في غايَةِ الِاجْتِهادِ والقَصِّ لِلْآثارِ وإنْ لَمْ نَجِدْ عَيْنًا نَتَحَقَّقُها. ولَمّا عَلِمَ ذَلِكَ مِن حالِهِمْ، ولَمْ يَكُنْ صَرِيحًا في الدَّلالَةِ عَلى الهِدايَةِ، بَيَّنُوا الجارَّ والمَجْرُورَ، وأخْبَرُوا بَعْدَ الإخْبارِ واسْتَنْتَجُوا مِنهُ قَوْلَهُمُ اسْتِئْنافًا لِجَوابِ مَن سَألَ: ﴿مُهْتَدُونَ﴾ أيْ نَحْنُ، فَإذا ثَبَتَ بِهَذا الكَلامِ المُؤَكَّدِ أنّا ما أتَيْنا بِشَيْءٍ مِن عِنْدِ أنْفُسِنا ولا غَلَطْنا في الِاتِّباعِ واقْتِفاءِ الآثارِ، فَلا اعْتِراضَ عَلَيْنا بِوَجْهٍ، هَذا قَوْلُهُ في الدِّينِ بَلْ في أُصُولِهِ الَّتِي مَن ضَلَّ في شَيْءٍ مِنها هَلَكَ، ولَوْ ظَهَرَ لِأحَدٍ مِنهم خَلَلٌ في سَعْيِ أبِيهِ الدُّنْيَوِيِّ الَّذِي بِهِ يُحَصِّلُ الدِّينارَ والدِّرْهَمَ ما اقْتَدى بِهِ أصْلًا وخالَفَهُ أيَّ مُخالَفَةِ، ما هَذا إلّا لِمَحْضِ الهَوى وقُصُورِ النَّظَرِ، وجَعَلَ مَحَطَّهُ الأمْرَ الدُّنْيَوِيَّ الحاضِرَ، لا نُفُوذَ لَهم في المَعانِي بِوَجْهٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب