الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ نِسْبَةُ الوَلَدِ إلَيْهِ سُبْحانَهُ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يَخْطُرَ بِالبالِ عَلى حالٍ مِنَ الأحْوالِ. (p-٤٠١)وكانَتْ نِسْبَتُهُ عَلى سَبِيلِ الحَقِيقَةِ أبْعَدَ مِنها عَلى طَرِيقِ المِثالِ بِأنْ يُقالَ: المَلائِكَةُ عِنْدَهُ في العِزَّةِ بِمَنزِلَةِ البَناتِ عِنْدَ الأبِ، قالَ مُرْشِدًا إلى أنَّ ما قالُوهُ لَوْ كانَ عَلى قَصْدِ التَّمْثِيلِ في غايَةِ القَباحَةِ فَضْلًا عَنْ أنْ يَكُونَ عَلى التَّحْقِيقِ، عائِدًا إلى الإعْراضِ المُؤْذِنِ بِالمَقْتِ والإبْعادِ: ﴿وإذا﴾ أيْ جَعَلُوا ذَلِكَ والحالُ أنَّهُ إذا ﴿بُشِّرَ﴾ مِن أيِّ مُبَشِّرٍ كانَ ﴿أحَدُهُمْ﴾ أطْلَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ مِمّا يَسُرُّ كالذَّكَرِ سَواءٌ في أنَّ كُلًّا مِنهُما ولَدٌ وتارَةً يَسُرُّ وتارَةً يَضُرُّ وهو نِعْمَةٌ مِنَ الخالِقِ لِأنَّهُ خَيْرٌ مِنَ العُقْمِ ﴿بِما ضَرَبَ﴾ وعَدَلَ عَنِ الوَصْفِ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِأنَّهُ قَدْ يَدَّعِي المُشارَكَةَ في مُطْلَقِ التَّرْبِيَةِ إلى الوَصْفِ الدّالِّ عَلى عُمُومِ الرَّحْمَةِ، فَتَأمَّلْهُ بِمُجَرَّدِهِ كافٍ في الزَّجْرِ عَنْ سُوءِ قَوْلِهِمْ فَقالَ: ﴿لِلرَّحْمَنِ﴾ أيِ الَّذِي لا نِعْمَةَ عَلى شَيْءٍ مِنَ الخَلْقِ إلّا وهي مِنهُ ﴿مَثَلا﴾ أيْ جَعَلَ لَهُ شَبَهًا وهو الأُنْثى، وعَبَّرَ بِهِ دُونَهُ أنْ يَقُولَ: بِما جَعَلَ، مَوْضِعُ ”بِما ضَرَبَ“ تَعْلِيمًا لِلْأدَبِ في حَقِّهِ سُبْحانَهُ في هَذِهِ السُّورَةِ الَّتِي مَقْصُودُها العِلْمُ المُوجِبُ لِلْأدَبِ وزِيادَةً في تَقْبِيحِ كُفْرِهِمْ لا سِيَّما إنْ أرادُوا الحَقِيقَةَ بِالإشارَةِ إلى أنَّ الوَلَدَ لا يَكُونُ إلّا مِثْلَ الوالِدِ، لا يَتَصَوَّرُ أصْلًا أنْ يَكُونَ خارِجًا عَنْ شَبَهِهِ في خاصِّ أوْصافِهِ. (p-٤٠٢)ولَمّا كانَ تَغَيُّرُ الوَجْهِ لا سِيَّما بِالسَّوادِ لا يُدْرَكُ حَقَّ الإدْراكِ إلّا بِالنَّهارِ، عَبَّرَ بِما هو حَقِيقَةٌ في الدَّوامِ نَهارًا وإنْ كانَ المُرادُ هَنا مُطْلَقَ الدَّوامِ: ﴿ظَلَّ﴾ أيْ دامَ ﴿وجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ أيْ شَدِيدَ السَّوادِ لِما يَجِدُ مِنَ الكَراهَةِ المُوصِلَةِ إلى الحَنَقِ بِهَذِهِ البِشارَةِ الَّتِي أبانَتِ التَّجْرِبَةَ عَنْ أنَّها قَدْ تَكُونُ سارَّةً ﴿وهُوَ كَظِيمٌ﴾ أيْ حابِسٌ نَفْسَهُ عَلى ما مَلَئٍ مِنَ الكَرْبِ فَكَيْفَ يَأْنَفُ عاقِلٌ مِن شَيْءٍ ويَرْضاهُ لِعَبْدِهِ فَضْلًا عَنْ مُكافِيهِ فَضْلًا عَنْ سَيِّدِهِ - هَذا ما لا يَرْضى عاقِلٌ أنْ يَمُرَّ بِفِكْرِهِ فَضْلًا عَنْ أنْ يَتَفَوَّهَ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب