الباحث القرآني

ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ إنْكارًا عَلَيْهِمْ وتَهَكُّمًا بِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَرْضَوْا بِأنْ جَعَلُوا لِمَن إلَيْهِ الجَعْلَ مِن عِبادِهِ جُزْءًا حَتّى جَعَلُوهُ شَرَّ الجُزْأيْنِ الإناثِ، وهم أشَدُّ النّاسِ نَفْرَةً مِنهُنَّ: أُوهِبَ لَهُ ذَلِكَ الجُزْءُ الَّذِي جَعَلْتُمُوهُ إناثًا غَيْرَهُ قَسْرًا بِحَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ أنْ يَنْفَكَّ عَنْهُ كَما قَدَّمَ في السُّورَةِ (p-٤٠٠)الَّتِي قَبْلَهُ عَنْ نَفْسِهِ المُقَدَّسِ أنَّهُ يَهُبُّ لِمَن يَشاءُ إَناثًا ولا يَقْدِرُ عَلى التَّقْصِيرِ عَنْهُنَّ بِوَجْهٍ، عادَلَهُ بِقَوْلِهِ عائِدًا إلى الخِطابِ لِأنَّهُ أقْعَدَ في التَّبْكِيتِ عَلى اخْتِيارِ الغَيِّ عَنِ الصَّوابِ: ﴿أمِ اتَّخَذَ﴾ أيْ عالَجَ هو نَفْسَهُ فَأخَذَ بَعْدَ المُعالَجَةِ وهو خالِقُ الخَلْقِ كُلِّهِمْ ﴿مِمّا يَخْلُقُ﴾ أيْ يُجَدِّدُ إبْداعَهُ في كُلِّ وقْتٍ كَما اعْتَرَفْتُمْ ﴿بَناتٍ﴾ فَلَمْ يَقْدِرْ بَعْدَ التَّكْلِيفِ والتَّعَبِ عَلى غَيْرِ البَناتِ الَّتِي هي أبْغَضُ الجُزْأيْنِ إلَيْكُمْ، ونَكَّرَ لِتَخْصِيصِهِمُ اتِّخاذَهُ بِبَعْضِ هَذا الصِّنْفِ الَّذِي شارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وعَطَفَ عَلى قَوْلِهِ ”اتَّخَذَ“ لِيَكُونَ مَنفِيًّا عَلى أبْلَغِ وجْهٍ لِكَوْنِهِ في حَيِّزِ الإنْكارِ: ﴿وأصْفاكُمْ﴾ وهو السَّيِّدُ وأنْتُمْ عَبِيدُهُ ﴿بِالبَنِينَ﴾ أيِ الجُزْءُ الأكْمَلُ لَدَيْكُمُ المُسْتَحَقُّ لِأنْ يَكُونَ دائِمًا مُسْتَحْضَرًا في الخاطِرِ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ ولِأنَّهُمُ ادَّعَوْا أنَّ هَذا النَّوْعَ كُلَّهُ خاصٌّ بِهِمْ لَمْ يُشارِكْهم في شَيْءٍ مِنهُ، فَكانَ هَذا الكَفْرُ الثّانِي أعْرَقَ في المَحالِّ مِنَ الأوَّلِ لِلزِّيادَةِ عَلى مُطْلَقِ الحاجَةِ بِالسَّفَهِ في أنَّهُ رَضِيَ بِالدُّونِ الخَسِيسِ فَلَمْ يُشارِكْهم في شَيْءٍ مِنَ الأعْلى، بَلْ جَعَلَ لَهم ذَلِكَ خالِصًا صافِيًا عَنْ أدْنى ما يَشُوبُهُ مِن كَدَرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب