الباحث القرآني
(p-٣٩٤)ولَمّا ذَكَرَ النِّعْمَةَ النّاشِئَةَ عَنْ مُطْلَقِ الإيجادِ، ذَكَرَ بِنِعْمَةِ الرّاحَةِ فِيهِ فَقالَ مُعَلِّلًا: ﴿لِتَسْتَوُوا﴾ أيْ تَكُونُوا مَعَ الِاعْتِدالِ والِاسْتِقْرارِ والتَّمَكُّنِ والرّاحَةِ ﴿عَلى ظُهُورِهِ﴾ أيْ ظُهُورِ كُلِّ مِن ذَلِكَ المَجْعُولِ، فالضَّمِيرُ عائِدٌ عَلى ما جَمَعَ الظَّهْرَ نَظَرًا لِلْمَعْنى تَكْثِيرًا لِلنِّعْمَةِ، وأفْرَدَ الضَّمِيرَ رَدًّا عَلى اللَّفْظِ دَلالَةً عَلى كَمالِ القُدْرَةِ بِعَظِيمِ التَّصْرِيفِ بَرًّا وبَحْرًا أوْ تَنْبِيهًا بِالتَّذْكِيرِ عَلى قُوَّةِ المَرْكُوبِ لِأنَّ الذَّكَرَ أقْوى مِنَ الأُنْثى.
ولَمّا أتَمَّ النِّعْمَةَ بِخَلْقِ كُلِّ ما تَدْعُو إلَيْهِ الحاجَةُ، وجَعَلَهُ عَلى وجْهٍ دالٍّ عَلى ما لَهُ مِنَ الصِّفاتِ، ذَكَرَ ما يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ مِن غايَتِها عَلى ما هو المُتَعارَفُ بَيْنَهم مِن شُكْرِ المُنْعِمِ، فَقالَ دالًّا عَلى عَظِيمِ قَدْرِ النِّعْمَةِ وعُلُوِّ غايَتِها وعُلُوِّ أمْرِ الذِّكْرِ بِحَرْفِ التَّراخِي: ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا﴾ أيْ بِقُلُوبِكُمْ، وصَرَفَ القَوْلَ إلى وصْفِ التَّرْبِيَةِ حَثًّا عَلى تَذَكُّرِ إحْسانِهِ لِلِانْتِهاءِ عَنْ كُفْرانِهِ والإقْبالِ عَلى شَكْرانِهِ فَقالَ: ﴿نِعْمَةَ رَبِّكُمْ﴾ الَّذِي أحْسَنَ إلَيْكم بِنِعْمَةِ تَسْخِيرِها لَكم وما تَعْرِفُونَها مِن غَيْرِها.
ولَمّا كانَ الِاعْتِدالُ عَلَيْهِ أمْرًا خارِقًا لِلْعادَةِ بِدَلِيلِ ما لا يُرْكَبُ مِنَ الحَيَواناتِ في البَرِّ والجَوامِدِ في البَحْرِ وإنْ كانَ قَدْ أسْقَطَ العَجَبَ فِيهِ كَثْرَةُ إلْفِهِ ذَكَّرَ بِهِ فَقالَ: ﴿إذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ﴾ ولَمّا كانَ تَذَكُّرُ النِّعْمَةِ (p-٣٩٥)يَبْعَثُ الجَنانَ واللِّسانَ والأرْكانَ عَلى الشُّكْرِ لِمَن أسْداها قالَ: ﴿وتَقُولُوا﴾ أيْ بِألْسِنَتِكم جَمْعًا بَيْنَ القَلْبِ واللِّسانِ. ولَمّا كانَ الِاسْتِواءُ عَلى ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِتَذَكُّرِ النَّقْصِ بِالِاحْتِياجِ إلَيْها في بُلُوغِ ما رَكِبْتُ لِأجْلِهِ وفي الثَّباتِ عَلَيْها وخَوْفَ العَطَبِ مِنها وتَذَكَّرَ أنَّ مَن لا يَزالُ يُحْسِنُ إلى أهْلِ العَجْزِ الَّذِينَ هم في قَبْضَتِهِ ابْتِداءً وانْتِهاءً مِن غَيْرِ شَيْءٍ يَرْجُوهُ مِنهم لا يَكُونُ إلّا بَعِيدًا مِن صِفاتِ الدَّناءَةِ وأنَّ اسْتِواءَهُ عَلى عَرْشِهِ لَيْسَ كَهَذا الِاسْتِواءِ المُقارَنِ لِهَذِهِ النَّقائِصِ وأنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، كانَ المَقامُ لِلتَّنْزِيهِ فَقالَ: ﴿سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ﴾ أيْ بِعِلْمِهِ الكامِلِ وقُدْرَتِهِ التّامَّةِ ﴿لَنا هَذا﴾ أيِ الَّذِي رَكِبْناهُ سَفِينَةً كانَ أوْ دابَّةً ﴿وما﴾ أيْ والحالُ أنا ما ﴿كُنّا﴾ ولَمّا كانَ كُلٌّ مِنَ المَرْكُوبِينَ في الواقِعِ أقْوى مِنَ الرِّكابِ، جَعَلَ عَدَمَ إطاقَتِهِمْ لَهُ وقُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ كَأنَّهُ خاصٌّ بِهِ، فَقالَ مُقَدِّمًا لِلْجارِّ دَلالَةً عَلى ذَلِكَ: ﴿لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ أيْ ما كانَ في جِبِلَّتِنا إطاقَةَ أنْ يَكُونَ قَرْنًا لَهُ وحْدَهُ لِخُرُوجِ قُوَّتِهِ مِن بَيْنِ ما نُعالِجُهُ ونُعانِيهِ عَنْ طاقَتِنا (p-٣٩٦)بِكُلِّ اعْتِبارٍ ولا مُكافِئِينَ في القُوَّةِ غالِبِينَ ضابِطِينَ، مُطِيقِينَ مِن أقْرَنَ الأمْرَ: أطاقَهُ وقَوِيَ عَلَيْهِ فَصارَ بِحَيْثُ يُقْرِنُهُ بِما شاءَ.
{"ayah":"لِتَسۡتَوُۥا۟ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَیۡتُمۡ عَلَیۡهِ وَتَقُولُوا۟ سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











