الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فالَّذِينَ تَوَلَّوْهُ وماتُوا في وِلايَتِهِ فَهو يَغْفِرُ ذُنُوبَهم بِمَعْنى أنَّهُ يُزِيلُها عَيْنًا وأثَرًا، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿والَّذِينَ اتَّخَذُوا﴾ أيْ عالَجُوا فِطَرَهُمُ الأُولى وعُقُولَهم حَتّى أخَذُوا ﴿مِن دُونِهِ﴾ أيْ مِن أدْنى رُتْبَةٍ مِن رُتْبَتِهِ ﴿أوْلِياءَ﴾ يَعْبُدُونَهم كالأصْنامِ وكُلُّ مَنِ اتَّبَعَ هَواهُ في شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ، فَقَدِ اتَّخَذَ الشَّيْطانَ الآمِرَ لَهُ بِذَلِكَ ولِيًّا مِن دُونِ اللهِ بِمُخالَفَةِ أمْرِهِ. ولَمّا كانَ ما فَعَلُوهُ عَظِيمُ البَشاعَةِ، اشْتَدَّ التَّشَوُّفُ إلى جَزائِهِمْ عَلَيْهِ فَأخْبَرَ عَنْهُ سُبْحانَهُ بِقَوْلِهِ مُعَبِّرًا بِالِاسْمِ الأعْظَمِ إشارَةً إلى وُضُوحِ ضَلالِهِمْ وعِظَمِ تَهْدِيدِهِمْ مُعَرِّيًا لَهُ عَنِ الفاءِ لِئَلّا يَتَوَهَّمُ أنَّ الحِفْظَ مُسَبِّبٌ عَنِ الِاتِّخاذِ المَذْكُورِ عادِلًا إلى التَّعْبِيرِ بِالجَلالَةِ تَعْظِيمًا لِما في الشِّرْكِ مِنَ الظُّلْمِ وتَغْلِيظًا لِما يَسْتَحِقُّ فاعِلُهُ مِنَ الزَّجْرِ: ﴿اللَّهُ﴾ أيِ المُحِيطِ بِصِفاتِ الكَمالِ ﴿حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ﴾ أيْ رَقِيبٌ وراعٍ وشَهِيدٌ عَلى أعْمالِهِمْ، لا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِن أحْوالِهِمْ، فَهو إنْ شاءَ أبْقاهم عَلى كُفْرِهِمْ وجازاهم عَلَيْهِ بِما أعَدَّهُ لِلْكافِرِينَ، وإنْ شاءَ تابَ عَلَيْهِمْ ومَحا ذَلِكَ عَيْنًا وأثَرًا، فَلَمْ يُعاقِبْهم ولَمْ يُعاتِبْهُمْ، وإنْ شاءَ مَحاهُ عَيْنًا وأبْقى الأثَرَ حَتّى يُعاتِبَهم ﴿وما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ أيْ حَتّى (p-٢٤٨)يُلْزِمُكَ أنْ تُراعِيَ جَمِيعَ أحْوالِهِمْ مِن أقْوالِهِمْ وأفْعالِهِمْ، فَتَحْفَظُها وتَقْسِرُهم عَلى تَرْكِها ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا يَتَوَلّاهُ الوَكِيلُ مِمّا يَقُومُ فِيهِ مَقامَ المُوَكِّلِ سَواءٌ قالُوا ﴿لا تَسْمَعُوا لِهَذا القُرْآنِ﴾ [فصلت: ٢٦] أوْ قالُوا ﴿قُلُوبُنا في أكِنَّةٍ﴾ [فصلت: ٥] أوْ غَيْرُ ذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب