الباحث القرآني
ولَمّا كانَ الوَحْيُ رُوحًا مُدَبَّرًا لِلرُّوحِ كَما أنَّ الرُّوحَ مُدَبِّرٌ لِلْبَدَنِ، صَرَّحَ بِهِ فَقالَ: ﴿وكَذَلِكَ﴾ أيْ ومِثْلُ ما أخْبَرْناكَ بِالكَيْفِيّاتِ الَّتِي نُوحِيها إلى عِبادِنا ﴿أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ صارِفًا القَوْلَ إلى مَظْهَرِ العَظَمَةِ تَعْظِيمًا لِما أوْحى إلَيْهِ وأفاضَ مِن نِعَمِهِ عَلَيْهِ عَلى جَمِيعِ تِلْكَ الأقْسامِ، فالتَفَّتْ في الرَّوْعِ مَذْكُورًا غَيْرَ مَنكُورٍ، والسَّماعُ مِن دُونِ الحِجابِ أصْلًا مَنقُولٌ في الإخْبارِ عَنْ لَيْلَةِ المِعْراجِ ومَعْقُولٌ في السَّماعِ مِن وراءِ الحِجابِ أيْضًا ذَكَرَ فِيها في قَوْلِهِ: «أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وخَفَّفْتُ عَنْ عِبادِي» والوَحْيُ بِواسِطَةِ المُلْكِ كَثِيرًا جِدًّا، وأعْظَمَ الوَحْيَ وشَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ مُنْكِرًا لَهُ تَعْظِيمًا (p-٣٦٢)لِما عِنْدَهُ مِنَ الرُّوحِ الأمْرِيِّ بِإفادَةِ أنَّ هَذا الكِتابَ الَّذِي أبْكَمَ الفُصَحاءَ وأعْجَزَ البُلَغاءَ وحَيَّرَ الألْبابَ مِنَ الحُكَماءِ شُعْبَةٌ مِنهُ وذَرَّةٌ بارِزَةٌ عَنْهُ، ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ تَنْكِيرُ تَعْظِيمٍ وإجْلالٍ وتَكْرِيمٍ ﴿رُوحًا﴾ أيْ مَن خالَطَهُ صارَ قَلْبُهُ حَيًّا ومَن عُرِّيَ عَنْهُ كانَ قَلْبُهُ مَيِّتًا. وزادَ عِظَمُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن أمْرِنا﴾ أيْ بِجَعْلِهِ مِن قِسْمِ الأمْرِ وإظْهارِهِ في مَظْهَرِ العَظَمَةِ فَيا لَهُ مِن عُلُوٍّ يَتَضاءَلُ دُونَهُ كُلُّ شامِخٍ ويَتَحاقَرُ إكْبارًا لَهُ كُلُّ مادِحٍ، والمُرادُ بِهَذا رَدُّ ما تَقَدَّمَ مَن نَسَبْتَهم لَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إلى الِافْتِراءِ لِأنَّهُ تَعالى لَمْ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِهِ بَلْ فَتَحَهُ بِيَدِ القُدْرَةِ وأحْياهُ بِرُوحِ الوَحْيِ فَأنْطَقَهُ بِالحِكَمِ الَّتِي خَضَعَتْ لَها الحُكَماءُ، وأقَرَّتْ بِالعَجْزِ عَنْ إدانَتِها ألْبابُ العُلَماءِ، ودَلَّ عَلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، نافِيًا مُبَيِّنًا حالَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ هَذا الوَحْيِ: ﴿ما كُنْتَ﴾ أيْ فِيما قَبْلَ الأرْبَعِينَ الَّتِي مَضَتْ لَكَ وأنْتَ بَيْنَ ظَهَرانِيِّ قَوْمِكَ مُساوِيًا لَهم في كَوْنِكَ لا تَعْلَمُ شَيْئًا ولا تَتَفَوَّهُ بِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ وهو مَعْنى ﴿تَدْرِي﴾ وعَبَّرَ بِأداةِ الِاسْتِفْهامِ إشارَةً إلى أنَّ ما بَعْدَها مِمّا يَجِبُ الِاهْتِمامُ بِهِ والسُّؤالُ عَنْهُ، وعَلَّقَ بِجُمْلَةِ الِاسْتِفْهامِ الدِّرايَةَ عَنِ العَمَلِ وسَدَّتْ مَسَدَّ مَفْعُولَيِ الدِّرايَةِ ﴿ما الكِتابُ﴾ أيْ (p-٣٦٣)ما كانَ في جِبِلَّتِكَ أنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ بِأدْنى أنْواعِ العِلْمِ بِمُجادَلَةٍ ولا غَيْرِها ﴿ولا الإيمانُ﴾ أيْ بِتَفْصِيلِ الشَّرائِعِ عَلى ما حَدَّدْناهُ لَكَ بِما أوْحَيْناهُ إلَيْكَ، وهو صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وإنْ كانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مُقِرًّا بِوَحْدانِيَّةِ اللهِ تَعالى وعَظَمَتِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ الرُّسُلَ عَلى ما هم عَلَيْهِ، ولا شَكَّ أنَّ الشَّهادَةَ لَهُ نَفْسُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالرِّسالَةِ رَكَنَ الإيمانَ ولَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ، وكَذا المَلائِكَةُ واليَوْمُ الآخِرُ فَيَصِحُّ نَفْيُ المَنفِيِّ لِفَواتِهِ بِفَواتِ جُزْئِهِ.
ولَمّا كانَ المَعْنى: ولَكِنَّ نَحْنُ أدْرَيْناكَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، عَبَّرَ عَنْهُ إعْلامًا بِأنَّ الخَلْقَ كانُوا في ظَلامٍ لِكَوْنِهِمْ كانُوا يَفْعَلُونَ بِوَضْعِ الأشْياءِ في غَيْرِ مَواضِعِها فِعْلُ مَن يَمْشِي في الظَّلامِ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَكِنْ جَعَلْناهُ﴾ أيِ الرُّوحِ الَّذِي هو الكِتابُ المُنَزَّلُ مِنّا إلَيْكَ المُعْلِمَ بِالإيمانِ وكُلُّ عِرْفانٍ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿نُورًا نَهْدِي﴾ عَلى عَظَمَتِنا ﴿بِهِ مَن نَشاءُ﴾ خاصَّةً لا يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى هِدايَتِهِ بِغَيْرِ مَشِيئَتِنا ﴿مِن عِبادِنا﴾ بِخَلْقِ الهِدايَةِ في قَلْبِهِ، قالَ ابْنُ بُرْجانَ: فَمَن رَزَقَهُ الفَرْقانَ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ المُتَشابِهاتِ والنُّورُ الَّذِي يَمْشِي بِهِ في الظُّلُماتِ، فَذَلِكَ الَّذِي أبْصَرَ شُعاعَ النُّورِ وشاهَدَ الضِّياءِ المَبْثُوثَ في العالَمِ المَفْطُورِ، وعَلى قَدْرِ إقْبالِهِ عَلَيْهِ (p-٣٦٤)والتَّفَرُّغِ عَنْ كُلِّ شاغِلٍ عَنْهُ يَكُونُ قَبُولُهُ لَهُ وهِدايَتُهُ بِهِ، وقالَ الأصْبَهانِيُّ في سُورَةِ النُّورِ: هو الكَيْفِيَّةُ الفائِضَةُ مِنَ الشَّمْسِ والقَمَرِ والنّارِ مَثَلًا عَلى الأرْضِ والجِدارِ وغَيْرِهِما، يُقالُ: اسْتَنارَتِ الأرْضُ، وقالَ حُجَّةُ الإسْلامِ الغَزالِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ومِنَ المَعْلُومِ أنَّ هَذِهِ الكَيْفِيَّةَ إنَّما اخْتُصَّتْ بِالفَضِيلَةِ والشَّرَفِ لِأنَّ المَرْئِيّاتِ تَصِيرُ بِسَبَبِها ظاهِرَةً ثُمَّ مِنَ المَعْلُومِ أنَّهُ كَما يَتَوَقَّفُ إدْراكُ هَذِهِ المَرْئِيّاتِ عَلى كَوْنِها مُسْتَنِيرَةً فَكَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلى وُجُودِ العَيْنِ الباصِرَةِ وهي المُدْرِكَةُ وبِها الإدْراكُ، فَكانَ وصْفُ الإظْهارِ بِالنُّورِ الباصِرِ أحَقَّ بِالنُّورِ المُبْصِرِ فَلا جَرَمَ أطْلَقُوا اسْمَ النُّورِ عَلى نُورِ العَيْنِ المُبْصِرَةِ فَقالُوا في الخُفّاشِ: إنَّ نُورَ عَيْنَيْهِ ضَعِيفٌ، وفي الأعْمى أنَّهُ فَقَدَ نُورَ البَصَرِ، إذا ثَبَتَ هَذا فَنَقُولُ: لِلْإنْسانِ بَصَرٌ وبَصِيرَةٌ، فالبَصَرُ هو العَيْنُ الظّاهِرَةُ المُدْرِكَةُ لِلْأضْواءِ والألْوانِ والبَصِيرَةُ هي القُوَّةُ العاقِلَةُ وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الإدْراكَيْنِ يَقْتَضِي نُورًا، ونُورُ العَقْلِ أقْوى وأشَدُّ مِن نُورِ العَيْنِ، لِأنَّ القُوَّةَ الباصِرَةَ لا تُدْرِكُ نَفْسَها ولا إدْراكَها ولا آلاتَها، والقُوَّةُ العاقِلَةُ تُدْرِكُ نَفْسَها، وإدْراكُها (p-٣٦٥)وآلَتُها فَنُورُ العَقْلِ أكْمَلُ مِن نُورِ البَصَرِ، والقُوَّةُ العاقِلَةُ تُدْرِكُ الكُلِّيّاتِ والقُوَّةُ الباصِرَةُ لا تُدْرِكُها، وإدْراكُ الكُلِّيّاتِ أشْرَفُ مِنهُ لا يَتَغَيَّرُ بِخِلافِ الجُزْئِيّاتِ، وإدْراكُ العَقْلِ مُنْتَجٌ وإدْراكُ الجُزْئِيِّ غَيْرُ مُنْتَجٍ، والقُوَّةُ الباصِرَةُ لا تُدْرَكُ إلّا السَّطْحُ الظّاهِرُ مِنَ الجِسْمِ واللَّوْنُ القائِمُ بِذَلِكَ السَّطْحِ بِشَرْطِ الضَّوْءِ فَإذا أدْرَكَتِ الإنْسانَ لَمْ تُدْرِكْ مِنهُ إلّا السَّطْحَ الظّاهِرَ مِن جِسْمِهِ واللَّوْنِ القائِمِ بِهِ، والقُوَّةُ العاقِلَةُ تُدْرِكُ ظاهِرَ الأشْياءِ وباطِنَها فَإنَّ الباطِنَ والظّاهِرَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْها عَلى السَّواءِ فَكانَتِ القُوَّةُ العاقِلَةُ نُورًا بِالنِّسْبَةِ إلى الظّاهِرِ والباطِنِ، والقُوَّةُ الباصِرَةُ ظُلْمَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلى الباطِنِ، ومُدْرِكُ القُوَّةِ العاقِلَةِ هو اللهُ وصِفاتُهُ وأفْعالُهُ، ومُدْرِكُ القُوَّةِ هو الألْوانُ والأشْكالُ فَيَكُونُ نِسْبَةَ شَرَفِ القُوَّةِ العاقِلَةِ إلى شَرَفِ القُوَّةِ الباصِرَةِ كَنِسْبَةِ شَرَفِ ذاتِ اللهِ إلى شَرَفِ الألْوانِ والأشْكالِ، والقُوَّةُ الباصِرَةُ كالخادَمِ والقُوَّةُ العاقِلَةُ كالأمِيرِ، والأمِيرُ أشْرَفُ مِنَ الخادِمِ، والقُوَّةُ الباصِرَةُ قَدْ تَغْلَطُ والقُوَّةُ العاقِلَةُ لا تَغْلَطُ، فَثَبَتَ أنَّ الإدْراكَ العَقْلِيَّ أكَمُلُ وأقْوى وأشْرَفُ مِنَ الإدْراكِ البَصَرِيِّ، وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الإدْراكَيْنِ يَقْتَضِي الظُّهُورَ الَّذِي هو أشْرَفُ خَواصِّ النُّورِ، فَكانَ الإدْراكُ العَقْلِيُّ أوْلى بِكَوْنِهِ نُورًا، والإدْراكُ العَقْلِيُّ قِسْمانِ: أحَدُهُما واجِبُ الحُصُولِ (p-٣٦٦)عِنْدَ سَلامَةِ القُوى والآلاتِ وهي التَّعَقُّلاتُ الفِطْرِيَّةُ، والثّانِي ما يَكُونُ مُكْتَسَبًا، وهي التَّعَقُّلاتُ النَّظَرِيَّةُ، ولا يَكُونُ مِن لَوازِمِ جَوْهَرِ الإنْسانِ لِأنَّهُ حالُ الطُّفُولِيَّةِ لَمْ يَكُنْ عالِمًا البَتَّةَ، فَهَذِهِ الأنْوارُ إنَّما حَصَلَتْ بَعْدَ أنْ لَمْ تَكُنْ فَلا بُدَّ لَها مِن سَبَبٍ، والفِطْرَةُ الإنْسانِيَّةُ قَدْ يَعْتَرِيها الزَّيْغُ فَلا بُدَّ مِن هادٍ ومُرْشِدٍ، ولا مُرْشِدَ فَوْقَ كَلامِ اللهِ وأنْبِيائِهِ، فَتَكُونُ مَنزِلَةُ آياتِ القُرْآنِ عِنْدَ عَيْنِ العَقْلِ مَنزِلَةَ نُورِ الشَّمْسِ كَما يُسَمّى نُورُ الشَّمْسِ نُورًا فَنُورُ القُرْآنِ يُشْبِهُ نُورَ الشَّمْسِ ونُورُ العَقْلِ يُشْبِهُ نُورَ العَيْنِ، وبِهَذا يَظْهَرُ مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والنُّورِ الَّذِي أنْـزَلْنا﴾ [التغابن: ٨] ﴿قَدْ جاءَكم بُرْهانٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ [النساء: ١٧٤] ﴿وأنْـزَلْنا إلَيْكم نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٧٤] وإذا ثَبَتَ أنَّ بَيانَ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أقْوى مِن نُورِ الشَّمْسِ وجَبَ أنْ تَكُونَ نَفْسُهُ القُدْسِيَّةُ أعْظَمَ في النُّورانِيَّةِ مِنَ الشَّمْسِ كَما أنَّ الشَّمْسَ في عالَمِ الأجْسامِ تُفِيدُ النُّورَ لِغَيْرِها ولا تَسْتَفِيدُ مِن غَيْرِها فَكَذا نَفْسُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُفِيدُ الأنْوارَ العَقْلِيَّةَ لِسائِرِ النُّفُوسِ البَشَرِيَّةِ ولا تَسْتَفِيدُ النُّورَ العَقْلِيَّ مِن شَيْءٍ مِنَ النُّفُوسِ البَشَرِيَّةِ، فَلِذَلِكَ وصَفَ اللهُ الشَّمْسَ بِأنَّها سِراجٌ، ووَصَفَ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأنَّهُ سِراجٌ، ثُمَّ قالَ: ولِمَراتِبِ الأنْوارِ في (p-٣٦٧)عالَمِ الأرْواحِ مِثالٌ، وهو أنَّ ضَوْءَ الشَّمْسِ إذا وصَلَ إلى القَمَرِ ثُمَّ دَخَلَ في كُوَّةِ بَيْتٍ ووَقَعَ عَلى مِرْآةٍ مَنصُوبَةٍ عَلى حائِطٍ ثُمَّ انْعَكَسَ مِنهُ إلى طَشْتٍ مَمْلُوءٍ ماءٍ مَوْضُوعٍ عَلى الأرْضِ ثُمَّ انْعَكَسَ مِنهُ إلى سَقْفِ البَيْتِ فالنُّورُ الأعْظَمُ في الشَّمْسِ الَّتِي هي المَعْدِنُ، وثانِيها في القَمَرِ، وثالِثُها في المِرْآةِ، ورابِعُها في الماءِ، وخامِسُها في السَّقْفِ، وكُلُّ ما كانَ أقْرَبُ إلى المَعْدِنِ كانَ أقْوى فَكَذا الأنْوارُ السَّماوِيَّةُ لَمّا كانَتْ مُتَرَتِّبَةً لا جَرَمَ كانَ النُّورُ المُفِيدُ أشَدَّ إشْراقًا، ثُمَّ تِلْكَ الأنْوارُ لا تَزالُ مُتَرَتِّبَةً حَتّى تَنْتَهِيَ إلى النُّورِ الأعْظَمِ والرُّوحُ الَّذِي هو أعْظَمُ الأرْواحِ مَنزِلَةً عِنْدَ اللهِ الَّذِي هو المُرادُ بِقَوْلِهِ ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ صَفًّا﴾ [النبإ: ٣٨] ثُمَّ نَقُولُ: إنَّ هَذِهِ الأنْوارَ الحِسِّيَّةَ سُفْلِيَّةٌ كانَتْ كَأنْوارِ النِّيرانِ أوْ عُلْوِيَّةً كَأنْوارٍ فَإنَّها مُمْكِنَةٌ لِذَواتِها والمُمْكِنُ لِذاتِهِ لا يَسْتَحِقُّ الوُجُودَ لِذاتِهِ بَلْ وُجُودُهُ مِن غَيْرِهِ، والعَدَمُ هو الظُّلْمَةُ والوُجُودُ هو النُّورُ، فَكُلُّ ما سِوى اللهِ مُظْلِمٌ لِذاتِهِ مُسْتَنِيرٌ بِإنارَةِ اللهِ تَعالى، وكَذا جَمِيعُ مَعارِفِها وجُودُها حاصِلٌ مِن وُجُودِ اللهِ تَعالى فَإنَّ الحَقَّ سُبْحانَهُ هو الَّذِي أظْهَرَها (p-٣٦٨)بِالوُجُودِ بَعْدَ أنْ كانَتْ في ظُلُماتِ العَدَمِ، وأفاضَ عَلَيْها أنْوارَ المَعارِفِ بَعْدَ أنْ كانَتْ في ظُلُماتِ الجَهالَةِ، فَلا ظُهُورَ لِشَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ إلّا بِإظْهارِهِ، وخاصَّةً النُّورُ إعْطاءُ الإظْهارِ والتَّجَلِّي والِانْكِشافِ، وعِنْدَ هَذا يَظْهَرُ أنَّ النُّورَ المُطْلَقَ هو اللهُ سُبْحانَهُ وإنَّ إطْلاقَ النُّورِ عَلى غَيْرِهِ مَجازٌ، وكُلُّ ما سِوى اللهِ مِن حَيْثُ هو هو ظُلْمَةٌ مَحْضَةٌ لِأنَّهُ مِن حَيْثُ أنَّهُ مُمْكِنٌ عَدَمٌ مَحْضٌ بَلِ الأنْوارُ إذا نَظَرَ إلَيْها مِن حَيْثُ هي هي فَهي ظُلُماتٌ لِأنَّها مِن حَيْثُ هي هي مُمْكِناتٌ، والمُمْكِنُ مِن حَيْثُ هو هو مَعْدُومٌ، والمَعْدُومُ مُظْلِمٌ، فالنُّورُ إذا نَظَرَ مِن حَيْثُ هو مُمْكِنٌ مُظْلِمٌ، فَأمّا إذا التَفَتَ إلَيْها مِن حَيْثُ أنَّ الحَقَّ سُبْحانَهُ أفاضَ عَلَيْها نُورَ الوُجُودِ بِهَذا الِاعْتِبارِ صارَتْ أنْوارًا فَثَبَتَ أنَّهُ سُبْحانَهُ هو النُّورُ وأنَّ كُلَّ ما سِواهُ لَيْسَ بِنُورٍ، وأضافَ النُّورَ إلى الخافِقَيْنِ في قَوْلِهِ ﴿نُورُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ [النور: ٣٥] لِأنَّهُما مَشْحُونَتانِ بِالأنْوارِ العَقْلِيَّةِ والأنْوارِ الحِسِّيَّةِ، أمّا الحِسِّيَّةُ فَما نُشاهِدُهُ في السَّماواتِ مِنَ الكَواكِبِ وغَيْرِها، وفي الأرْضِ مِنَ الأشِعَّةِ المُنْبَسِطَةِ عَلى سُطُوحِ الأجْسامِ حَتّى ظَهَرَتْ بِها الألْوانُ المُخْتَلِفَةُ، ولَوْلاها (p-٣٦٩)لِما كانَ لِلْألْوانِ ظُهُورٌ بَلْ وُجُودٌ، وأمّا الأنْوارُ العَقْلِيَّةُ فالعالَمُ الأعْلى مَشْحُونٌ بِها وهي جَواهِرُ المَلائِكَةِ، والعالَمُ الأدْنى مَشْحُونٌ بِها وهي القُوى النَّباتِيَّةُ والحَيَوانِيَّةُ والإنْسانِيَّةُ، وبِالنُّورِ الإنْسانِيِّ السُّفْلِيِّ ظَهَرَ نِظامُ العالَمِ الأسْفَلِ كَما أنَّهُ بِالنُّورِ المَلَكِيِّ ظَهَرَ نِظامُ العالَمِ العُلْوِيِّ وإذا عَرَفْتَ هَذا عَرَفْتَ أنَّ العالَمَ بِأسْرِهِ مَشْحُونٌ بِالأنْوارِ البَصَرِيَّةِ الظّاهِرَةِ والعَقْلِيَّةِ الباطِنَةِ، ثُمَّ عَرَفْتَ أنَّ السُّفْلِيَّةَ فائِضَةٌ بَعْضُها مِن بَعْضٍ فَيَضانُ النُّورِ مِنَ السِّراجِ والسِّراجُ هو الرُّوحُ النَّبَوِيُّ ثُمَّ إنَّ الأنْوارَ القُدْسِيَّةَ مُقْتَبَسَةٌ مِنَ الأنْوارِ العُلْوِيَّةِ اقْتِباسَ السِّراجِ مِنَ النُّورِ وإنَّ العَلَوِيّاتِ مُقْتَبَسَةٌ بَعْضُها مِن بَعْضٍ وإنَّ بَيْنَها تَرْتِيبًا في الغاياتِ، ثُمَّ تَرْتَقِي جُمْلَتُها إلى نُورِ الأنْوارِ ومَعْدَنُها ومَنبَعُها الأوَّلُ، وذَلِكَ هو اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، فَإذا الكُلُّ نُورُهُ، ثُمَّ قالَ: قالَ الإمامُ الغَزالِيُّ: قَدْ تَبَيَّنَ أنَّ القُوى المُدْرَكَةَ أنْوارٌ.
ومَراتِبُ القُوَّةِ المُدْرَكَةِ الإنْسانِيَّةِ خَمْسَةٌ، أحَدُهُما القُوَّةُ الحَسّاسَةُ وهي الَّتِي تَتَلَقّى ما تُورِدُهُ الحَواسُّ الخَمْسُ، وكَأنَّها أصْلُ الرُّوحِ الحَيَوانِيِّ إذْ بِها يَصِيرُ الحَيَوانُ حَيَوانًا، وهي مَوْجُودَةٌ لِلصَّبِيِّ والرَّضِيعِ وثانِيها القُوَّةُ الخَيالِيَّةُ وهي الَّتِي تُسَبِّبُ ما أوْرَدَتْهُ الحَواسُّ وتَحْفَظُهُ مَخْزُونًا (p-٣٧٠)عِنْدَها لِتَعَرُّضِهِ عَنِ القُوَّةِ العَقْلِيَّةِ عِنْدَ الحاجَةِ إلَيْهِ، وثالِثُها القُوَّةُ العَقْلِيَّةُ المُدْرِكَةُ لِلْحَقائِقِ الكُلِّيَّةِ، ورابِعُها القُوَّةُ الفِكْرِيَّةُ وهي الَّتِي تَأْخُذُ المَعارِفَ العَقْلِيَّةَ فَتُؤَلِّفُها تَأْلِيفًا تَسْتَنْتِجُ مِنهُ عِلْمًا بِالمَجْهُولِ، وخامِسُها القُوَّةُ القُدْسِيَّةُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِها الأنْبِياءُ وبَعْضُ الأوْلِياءِ، وتَنْجَلِي فِيها لَوائِحُ الغَيْبِ وأسْرارُ المَلَكُوتِ، وإلَيْهِ أشارَ قَوْلُهُ ﴿وكَذَلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحًا مِن أمْرِنا﴾ الآيَةُ، وإذا عَرَفْتَ هَذِهِ القُوى فَهي بِجُمْلَتِها أنْوارٌ إذْ بِها تَظْهَرُ أصْنافُ المَوْجُوداتِ، وهَذِهِ المَراتِبُ الخَمْسُ يُمْكِنُ تَشْبِيهُها بِالأُمُورِ الخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَها اللهُ في المِشْكاةِ والزُّجاجَةِ والمِصْباحِ والشَّجَرَةِ والزَّيْتِ، أمّا الرُّوحُ الحَسّاسُ فَإذا نَظَرْتَ إلى خاصَّتِهِ وجَدْتَ أنْوارَهُ خارِجَةً مَن ثُقْبٍ كالعَيْنَيْنِ والأُذُنَيْنِ والمِنخَرَيْنِ، فَأرْفَقُ مِثالٍ لَهُ مِن عالَمِ الأجْسامِ المِشْكاةُ، وأمّا الثّانِي وهو الرُّوحُ الخَيالِيُّ فَلَهُ خَواصٌّ ثَلاثَةٌ: الأوَّلُ أنَّهُ مِن طِينَةِ العالَمِ السُّفْلِيِّ الكَثِيفِ لِأنَّ الشَّيْءَ المُتَخَيِّلَ ذُو شَكْلٍ وحَيِّزٍ، ومِن شَأْنِ العَلائِقِ الجُسْمانِيَّةِ أنْ تَحْجُبَ عَنِ الأنْوارِ العَقْلِيَّةِ المَحْضَةِ، والثّانِي أنَّ هَذا الخَيالَ الكَثِيفَ إذا صَفا ورَقَّ صارَ مُوازِنًا لِلْمَعارِفِ العَقْلِيَّةِ ومُؤَدِّيًا لِأنْوارِها، ولِذَلِكَ يَسْتَدِلُّ المُعَبِّرُ بِالصُّوَرِ (p-٣٧١)الخَيالِيَّةِ عَلى المَعانِي العَقْلِيَّةِ كَما يَسْتَدِلُّ بِالشَّمْسِ عَلى المُلْكِ، وبِالقَمَرِ عَلى الوَزِيرِ، وبِخَتْمِ فُرُوجِ النّاسِ وأفْواهِهِمْ عَلى الآذانِ قَبْلَ الصُّبْحِ، والثّالِثُ أنَّ الخَيالَ في البِدايَةِ مُحْتاجٌ إلَيْهِ لِتَضْبُطَ بِهِ المَعارِفَ العَقْلِيَّةَ ولا تَضْطَرِبَ، وأنْتَ لا تَجِدُ شَيْئًا في الأجْسامِ يُشْبِهُ الخَيالَ في هَذِهِ الصِّفاتِ إلّا الزُّجاجَةُ فَإنَّها في الأصْلِ مِن جَوْهَرٍ كَثِيفٍ ولَكِنْ صَفا ورَقَّ حَتّى صارَ لا يَحْجُبُ نُورَ المِصْباحِ بَلْ يُؤَدِّيهِ عَلى وجْهِهِ ثُمَّ يَحْفَظُهُ مِنَ الِانْطِفاءِ بِالزُّجاجِ، وأمّا الثّالِثُ وهو القُوَّةُ العَقْلِيَّةُ القَوِيَّةُ عَلى إدْراكِ الماهِيّاتِ الكُلِّيَّةِ والمَعارِفِ الإلَهِيَّةِ فَلا يَخْفى عَلَيْكَ وجْهُ تَمْثِيلِهِ بِالمِصْباحِ، وأمّا الرّابِعُ وهو القُوَّةُ الفِكْرِيَّةُ فَمِن خاصِّيَّتِها أنَّها تَأْخُذُ ماهِيَّةً واحِدَةً ثُمَّ تُقَسِّمُها إلى قِسْمَيْنِ كَقَوْلِنا: المَوْجُودُ إمّا واجِبٌ وإمّا مُمْكِنٌ، ثُمَّ تَجْعَلُ كُلَّ قِسْمٍ قِسْمَيْنِ، وهَكَذا إلى أنْ تَنْتَهِيَ إلى ما لا يَقْبَلُ القِسْمَةَ، ثُمَّ تَنْتَهِي بِالآخِرَةِ إلى نَتائِجَ هي ثَمَرَتُها، فَبِالحَرِيِّ أنْ يَكُونَ مِثالُهُ مِن هَذا العالَمِ الشَّجَرَةَ وإذا كانَتْ ثِمارُها مادَّةً لِتَزايُدِ أنْوارِ المَعارِفِ وبَيانِها فَبِالحَرِيِّ أنْ لا تُمَثَّلَ بِشَجَرَةِ السَّفَرْجَلِ والتُّفّاحِ بَلْ بِشَجَرَةِ الزَّيْتُونِ خاصَّةً لِأنَّ لُبَّ ثَمَرَتِها هو الزَّيْتُ الَّذِي هو مادَّةُ المَصابِيحِ ولَهُ مِن بَيْنِ سائِرِ الأدْهانِ خاصَّةً زِيادَةُ الإشْراقِ وقِلَّةُ الدُّخانِ، وإذا كانَتِ الماشِيَةُ الَّتِي يَكْثُرُ دَرُّها ونَسْلُها (p-٣٧٢)والشَّجَرَةُ الَّتِي تَكْثُرُ ثَمَرَتُها تُسَمّى مُبارَكَةً فالَّتِي لا نِهايَةَ لِمَنفَعَتِها وثَمَرَتِها أوْلى أنْ تُسَمّى شَجَرَةً مُبارَكَةً، وإذا كانَتْ شُعَبُ الأفْكارِ العَقْلِيَّةِ المَحْضَةِ مُجَرَّدَةً عَنْ لَواحِقِ الأجْسامِ، فَبِالحَرِيِّ أنْ لا تَكُونَ شَرْقِيَّةً ولا غَرْبِيَّةً، وأمّا الخامِسُ وهو القُوَّةُ القُدْسِيَّةُ النَّبَوِيَّةُ فَهي في نِهايَةِ الشَّرَفِ والصَّفاءِ، فَإنَّ القُوَّةَ الفِكْرِيَّةَ تَنْقَسِمُ إلى ما تَحْتاجُ إلى تَعْلِيمٍ وإلى ما لا يَحْتاجُ إلَيْهِ، ولا بُدَّ مِن وُجُودِ هَذا القَسَمِ دَفْعًا لِلتَّسَلْسُلِ فَبِالحَرِيِّ أنَّ يُعَبِّرَ عَنْ هَذا القَسَمِ لِكَمالِهِ وصِفاتِهِ بِأنَّهُ يَكادُ زَيْتُهُ يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمَسَّهُ نارٌ، فَهَذا المِثالُ مُوافِقٌ لِهَذِهِ الأقْسامِ، وهَذِهِ الأنْوارُ مُرَتَّبَةٌ بَعْضُها عَلى بَعْضٍ، فالحِسُّ هو الأوَّلُ وهو كالمُقَدِّمَةِ لِلْخَيالِ، والخَيالُ كالمُقَدِّمَةِ لِلْعَقْلِ - انْتَهى كَلامُ الغَزالِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى عَنْ نَقْلِ الأصْفَهانِيِّ في تَفْسِيرِهِ عَنْهُ - واللهُ أعْلَمُ.
ولَمّا كانَ المَعْنى بِناءً عَلى ما تَقَدَّمَ مِن صِفَةِ الرُّوحِ الإلَهِيِّ: فَهَدَيْناكَ بِهِ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وإنَّكَ لَتَهْدِي﴾ أيْ تُبَيِّنُ وتُرْشِدُ، وأكَّدَهُ لِإنْكارِهِمْ ذَلِكَ ﴿إلى صِراطٍ﴾ أيْ طَرِيقٍ واضِحٍ جِدًّا، وإنْ (p-٣٧٣)عانَيْتَ في البَيانِ مَشَقَّةً بِنَفْسِكَ وبِالوَسائِطِ بِما أفادَتْهُ التَّعْدِيَةُ بِ ”إلى“ فَيُفْهَمُ مِن ذَلِكَ أنَّهُ يَهْدِي لِلصِّراطِ بِدُونِ ذَلِكَ مِنَ العِنايَةِ لِمَن يَسَّرَ اللهُ أمْرَهُ ويُهْدِي الصِّراطَ لِمَن هو أعْظَمُ تَوْفِيقًا مِن ذَلِكَ ﴿مُسْتَقِيمٍ﴾ أيْ شَدِيدِ التَّقَوُّمِ لِأنَّهُ كَأنَّهُ يُرِيدُ أنْ يُقَوِّمَ نَفْسَهُ فَهو بَعْدَ وُجُودِ تَقَوُّمِهِ حافِظٌ لَها مِن أدْنى خَلَلٍ، وهو كُلُّ ما دَعا إلَيْهِ مِن خِصالِ هَذا الدِّينِ الحَنِيفِ الَّذِي هو مِلَّةُ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ثُمَّ أبْدَلَ مِنهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ قَوْلُهُ بَدَلُ كُلٍّ مِن كُلِّ مَعْرِفَةٍ مِن نَكِرَةٍ لافِتًا القَوْلَ مِن مَظْهَرِ العَظَمَةِ إلى أعْظَمَ مِنهُ إشارَةً إلى جَلالَةِ هَذا الصِّراطِ بِما فِيهِ مِن مَجامِعِ الرَّحْمَةِ والنِّقْمَةِ تَرْغِيبًا وتَرْهِيبًا:
{"ayah":"وَكَذَ ٰلِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ رُوحࣰا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِی مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِیمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورࣰا نَّهۡدِی بِهِۦ مَن نَّشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق