الباحث القرآني
ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: وما تِلْكَ الآياتُ؟ ذَكَرَ ما يُخَوِّفُهم مِنها ويُعَرِّفُهم أنَّ جَمِيعَ ما أباحَهم إيّاهُ مِن شُئُونِها إنَّما هو بِقُدْرَتِهِ واخْتِيارِهِ (p-٣١٩)فَقالَ: ﴿إنْ يَشَأْ﴾ أيِ اللهُ الَّذِي حَمَلَكم فِيها عَلى ظَهَرَ الماءُ آيَةً بَيِّنَةً سَقَطَ اعْتِبارُها عِنْدَكم لِشِدَّةِ الفِكْرِ لَها ﴿يُسْكِنِ الرِّيحَ﴾ الَّتِي يُسَيِّرُها وأنْتُمْ مُقِرُّونَ أنَّ أمْرَها لَيْسَ إلّا بِيَدِهِ ﴿فَيَظْلَلْنَ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنَّهُنَّ يَظْلَلْنَ أنْ يَقُمْنَ لَيْلًا كانَ أوْ نَهارًا، ولَعَلَّهُ عَبَّرَ بِهِ مَعَ أنَّ أصْلَهُ الإقامَةُ نَهارًا لِأنَّ النَّهارَ مَوْضِعُ الِاقْتِدارِ عَلى الأشْياءِ وهو المُنْتَظِرُ عِنْدَ كُلِّ مُتَعَسِّرٍ لِلسَّعْيِ في إزالَةِ عُسْرِهِ وتَيَسُّرِ أمْرِهِ ﴿رَواكِدَ﴾ أيْ ثَوابِتَ مُسْتَقِرّاتٍ مِن غَيْرِ سَيْرٍ ﴿عَلى ظَهْرِهِ﴾ ثَباتًا ظاهِرًا بِما دَلَّ عَلَيْهِ إثْباتُ اللّامَيْنِ وفَتْحُ لامِهِ الأُولى لِلْكُلِّ.
ولَمّا كانَ ذَلِكَ مَوْضِعُ إخْلاصِهِمُ الدَّعْوَةَ لِلَّهِ والإعْراضَ عَنِ الشُّرَكاءِ فَإنَّهم كانُوا يَقُولُونَ في مِثْلِ هَذا الحالِ: أخْلِصُوا فَإنَّ آلِهَتَكم - أيْ مِنَ الأصْنامِ وغَيْرِها مِن دُونِ اللهِ - لا تُغْنِي في البَحْرِ شَيْئًا، وكانُوا يَنْسُبُونَ ذَلِكَ شُرَكاءَ مَعَ طُلُوعِهِمْ إلى البِرِّ كانُوا بِمَنزِلَةِ مَن لا يُعَدُّ ذَلِكَ آيَةً أصْلًا، فَلِذَلِكَ أكَّدَ قَوْلَهُ: ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيْ ما ذَكَرَ مِن حالِ السُّفُنِ في سَيْرِها ورُكُودِها مِمّا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلّا اللهُ سُبْحانَهُ بِدَلِيلِ ما لِلنّاسِ (p-٣٢٠)كافَّةً مِنَ الإجْماعِ عَلى التَّوَجُّهِ في ذَلِكَ إلَيْهِ خاصَّةً والِانْخِلاعِ مِمّا سِواهُ ﴿لآياتٍ﴾ أيْ عَلى أنَّ إحاطَتَهُ سُبْحانَهُ بِجَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ أمْرٌ مَرْكُوزٌ في العُقُولِ ثابِتٌ في الفِطَرِ الأُولى مِمّا لا يَصُدُّ عَنْهُ إلّا الهَوى، وعَلى أنَّ بُطْلانَ أمْرِ ما دُونَهُ لِذَلِكَ هو مِنَ الظُّهُورِ بِمَكانٍ لا يُجْهَلُ.
ولَمّا كانُوا يَتَمادَحُونَ بِالصَّبْرِ عَلى نَوازِلِ الحَدَثانِ والشُّكْرِ لِكُلِّ إحْسانٍ ويَتَذامُّونَ بِالجَزَعِ والكُفْرانِ، وكانَ ذَلِكَ يَقْتَضِي ثَباتَهم عَلى حالٍ واحِدٍ فَإنْ كانَ الحَقُّ عَلَيْهِمْ لِمَعْبُوداتِهِمْ فَرُجُوعُهم عَنْها عِنْدَ الشَّدائِدِ مِمّا لا يَنْحُو نَحْوَهُ ولا يَلْتَفِتُ لَفْتَةَ أحَدٍ مِن كُمَّلِ الرِّجالِ الَّذِينَ يُجانِبُونَ العارَ والِاتِّسامَ بِمَسِيمِ الإغْمارِ، وإنْ كانَ الحَقُّ كَما هو الحَقُّ لِلَّهِ فَرُجُوعُهم عَنْهُ عِنْدَ الرَّخاءِ بَعْدَ إنْعامِهِ عَلَيْهِمْ بِإنْجائِهِمْ مِنَ الشِّدَّةِ لا يَفْعَلُهُ ذُو عَزِيمَةٍ، قالَ مُشِيرًا إلى ذَلِكَ بِصِيغَتَيِ المُبالَغَةِ: ﴿لِكُلِّ صَبّارٍ﴾ أيْ في الشِّدَّةِ ﴿شَكُورٍ﴾ أيْ في الرَّخاءِ وإنْ كَثُرَ مُخالِفُوهُ، وعَظُمَ نِزاعُهم لَهُ، وهاتانِ صِفَتا المُؤْمِنِ المُخْلِصِ الَّذِي وكَّلَ هِمَّتَهُ بِالنَّظَرِ في الآياتِ فَهو يَسْتَمْلِي مِنها العِبَرَ ويَجْلُو بِها مِنَ البَصِيرَةِ عَيْنَ البَصَرِ.
{"ayah":"إِن یَشَأۡ یُسۡكِنِ ٱلرِّیحَ فَیَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّكُلِّ صَبَّارࣲ شَكُورٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











