الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ هَذِهِ الخَصْلَةُ أُمًّا جامِعًا لِجَمِيعِ مَصالِحِ الدِّينِ والدُّنْيا قالَ مُنَبِّهًا عَلى عَظِيمِ فَضْلِها وبَدِيعِ نُبْلِها حاثًّا عَلى الِاسْتِظْلالِ بِجَمِيعِ ظِلِّها مُشِيرًا بِالبِناءِ لِلْمَفْعُولِ إلى أنَّها هي العُمْدَةُ المَقْصُودَةُ بِالذّاتِ عَلى وجْهٍ مُنَبِّهٍ عَلى أنَّها مُخالَفَةٌ لِجِبِلَّةِ الإنْسانِ حَثًّا عَلى الرَّغْبَةِ في طَلَبِها مِن (p-١٨٩)واهِبِها ﴿وما يُلَقّاها﴾ أيْ يَجْعَلُ لاقِيًا لِهَذِهِ الخَصْلَةِ الَّتِي هي مُقابَلَةُ الإساءَةِ بِأحْسَنِ الحُسْنِ وهو الإحْسانُ الَّذِي هو أحْسَنُ مِنَ العَفْوِ والحِلْمِ والصَّبْرِ والِاحْتِمالِ بِأنْ يُعَلِّقَ اللَّهُ تَعالى إرادَتَهُ عَلى وجْهِ الشِّدَّةِ والمُبالَغَةِ بِإلْقائِها إلَيْهِ ﴿إلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ أيْ وُجِدَتْ مِنهم هَذِهِ الحَقِيقَةُ ورَكَزَتْ في طِباعِهِمْ، فَصارُوا يَكْظِمُونَ الغَيْظَ ويَحْتَمِلُونَ المَكارِهَ، وكَرَّرَ إظْهارَ البِناءِ لِلْمَفْعُولِ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ لا قُدْرَةَ عَلَيْها أصْلًا إلّا بِتَوْفِيقِ الخالِقِ بِأمْرٍ وطَنِيٍّ يَقْذِفُهُ اللَّهُ في القَلْبِ قَذْفًا وحْيًا تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ عَلى سائِرِ البَدَنِ، فَقالَ دالًّا بِإعادَةِ النّافِي عَلى زِيادَةِ العِظَمِ وعَلى أنَّ أصْحابَ هَذِهِ الخَصْلَةِ عَلى رُتْبَتَيْنِ كُلُّ رُتْبَةٍ مِنهُما مَقْصُودَةٌ في نَفْسِها ﴿وما يُلَقّاها﴾ عَلى ما هي عَلَيْهِ مِنَ العَظَمَةِ ﴿إلا﴾ وأفْرَدَ هُنا بَعْدَ جَمْعِ الصّابِرِ دَلالَةً عَلى نُدْرَةِ المُسْتَقِيمِ عَلى هَذِهِ لِخَصْلَةٍ ﴿ذُو حَظٍّ﴾ أيْ نَصِيبٍ وقِسْمٍ وبَخْتٍ ﴿عَظِيمٍ﴾ أيْ جَلِيلٍ في الدُّنْيا والآخِرَةِ عِنْدَ اللهِ وعِنْدَ النّاسِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب