الباحث القرآني
ولَمّا ذَكَرَ الأعْداءَ وقُرَناءَهم نِذارَةً، أتْبَعَهُ ذِكْرَ الأوْلِياءِ وأوْداءَهم بِشارَةً، فَقالَ مُبَيِّنًا لِحالِهِمُ القابِلِ لِلْإعْراضِ وثَمَراتِهِ جَوابًا لِمَن يَسْألُ عَنْهم مُؤَكِّدًا لِأجْلِ إنْكارِ المُعانِدِينَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ﴾ قالَ أبُو حَيّانَ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: نَزَلَتْ في الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأرْضاهُ.
﴿قالُوا﴾ أيْ قَوْلًا حَقِيقِيًّا مُذْعِنِينَ بِهِ بِالجَنانِ وناطِقِينَ بِاللِّسانِ تَصْدِيقًا لِداعِي اللهِ في دارِ الدُّنْيا مُتَذَلِّلِينَ حَيْثُ يَنْفَعُ الذُّلُّ جامِعِينَ بَيْنَ الأُسِّ الَّذِي هو المَعْرِفَةُ والِاعْتِقادُ، والبِناءُ الَّذِي هو العَمَلُ الصّالِحُ بِالقَوْلِ والفِعْلِ عَلى السَّدادِ، فَإنَّ أصْلَ الكَمالاتِ النَّفْسانِيَّةِ يَقِينٌ مُصْلِحٌ وعَمَلٌ صالِحٌ، تَعْرِفُ الحَقُّ لِذاتِهِ والخَيْرَ لِتَعْمَلَ لَهُ ورَأْسُ المَعارِفِ اليَقِينِيَّةِ ورَئِيسُها مَعْرِفَةُ اللَّهِ، ورَأْسُ الأعْمالِ الصّالِحَةِ الِاسْتِقامَةُ عَلى حَدِّ الِاعْتِدالِ مِن غَيْرِ مَيْلٍ إلى طَرَفِ إفْراطٍ أوْ تَفْرِيطٍ: ﴿رَبُّنا﴾ أيِ المُحْسِنِ إلَيْنا ﴿اللَّهُ﴾ المُخْتَصِّ بِالجَلالِ والإكْرامِ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ. (p-١٨٣)ولَمّا كانَ الثَّباتُ عَلى التَّوْحِيدِ ومُصَحِّحاتُهُ إلى المَماتِ أمْرًا في عُلُوِّ رُتْبَتِهِ لا يُرامُ إلّا بِتَوْفِيقِ ذِي الجَلالِ والإكْرامِ، أشارَ إلَيْهِ بِأداةِ التَّراخِي فَقالَ: ﴿ثُمَّ اسْتَقامُوا﴾ طَلَبُوا وأوْجَدُوا القِوامَ بِالإيمانِ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ وجَمِيعِ الكُتُبِ ولَمْ يُشْرِكُوا بِهِ صَنَمًا ولا وثَنًا ولا آدَمِيًّا ولا مَلَكًا ولا كَوْكَبًا ولا غَيْرَهُ بِعِبادَةٍ ولا رِياءٍ، وعَمِلُوا بِما يُرْضِيهِ وتَجَنَّبُوا كُلَّ ما يُسْخِطُهُ وإنْ طالَ الزَّمانُ، امْتِثالًا لِما أمَرَ بِهِ أوَّلَ السُّورَةِ في قَوْلِهِ ﴿أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ فاسْتَقِيمُوا إلَيْهِ﴾ [فصلت: ٦] فَمَن كانَ لَهُ أصْلُ الِاسْتِقامَةِ في التَّوْحِيدِ أمِنَ مِنَ النّارِ بِالخُلُودِ، ومَن كانَ لَهُ كَمالُ الِاسْتِقامَةِ في الأُصُولِ والفُرُوعِ أمِنَ الوَعِيدَ ﴿تَتَنَـزَّلُ﴾ عَلى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ المُتَّصِلِ ﴿عَلَيْهِمُ﴾ مِن حِينِ نَفَخَ الرُّوحَ فِيهِمْ إلى أنْ يَمُوتُوا ثُمَّ إلى أنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ باطِنًا فَظاهِرًا ﴿المَلائِكَةُ﴾ بِالتَّأْيِيدِ في جَمِيعِ ما يَنُوبُهم فَتَسْتَعْلِي الأحْوالُ المَلَكِيَّةُ عَلى صِفاتِهِمُ البَشَرِيَّةِ وشَهَواتِهِمُ الحَيَوانِيَّةِ فَتَضْمَحِلُّ عِنْدَها، وتُشْرِقُ مَرائِيهِمْ، ثُمَّ شَرَحَ ما يُؤَيِّدُونَهم بِهِ وفَسَّرَهُ فَقالَ: ﴿ألا تَخافُوا﴾ أيْ مِن شَيْءٍ مِثْلِهِ يُخِيفُ، وكَأنَّهم يُثْبِتُونَ ذَلِكَ في قُلُوبِهِمْ ﴿ولا تَحْزَنُوا﴾ أيْ عَلى شَيْءٍ فاتَكُمْ، فَإنَّ ما حَصَلَ لَكم أفْضَلُ مِنهُ، فَأوْقاتُكُمُ الأُخْراوِيَّةُ (p-١٨٤)فِيها بَلْ هي كُلُّها رُوحٌ وراحَةٌ، فَلا يَفُوتُهم لِذَلِكَ مَحْبُوبٌ ولا يَلْحَقُهم مَكْرُوهٌ ﴿وأبْشِرُوا﴾ أيِ امْلَئُوا صُدُورَكم سُرُورًا يَظْهَرُ أثَرُهُ عَلى بَشْرَتِكم بِتَهَلُّلِ الوَجْهِ ونِعْمَةِ سائِرِ الجَسَدِ ﴿بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ﴾ أيْ كَوْنًا عَظِيمًا عَلى ألْسِنَةِ الرُّسُلِ ﴿تُوعَدُونَ﴾ أيْ يَتَجَدَّدُ لَكم ذَلِكَ كُلَّ حِينٍ بِالكُتُبِ والرُّسُلِ، وقالَ الرّازِّيُّ في اللَّوامِعِ: يُبَشَّرُونَ في ثَلاثَةِ مَواضِعَ: عِنْدَ المَوْتِ، وفي القَبْرِ، ويَوْمَ البَعْثِ - انْتَهى. وهَذا مُحَوِّلٌ عَلى الكَلامِ الحَقِيقِيِّ وما قَبْلَهُ عَلى أنَّهم يَفْعَلُونَ مَعَهُ ما تَرْجَمْتُهُ ذَلِكَ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











