الباحث القرآني

ولَمّا خُتِمَتْ غافِرُ بِأنَّ الكَفَرَةَ جادَلُوا في آياتِ اللَّهِ بِالباطِلِ، وفَرِحُوا بِما عِنْدَهم مِن عِلْمِ ظاهِرِ الحَياةِ الدُّنْيا، وأنَّهم عِنْدَ البَأْسِ انْسَلَخُوا عَنْهُ وتَبَرَّؤُوا مِنهُ ورَجَعُوا إلى ما جاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنهُمْ، فَعَلِمَ أنَّ كُلَّ عِلْمٍ لَمْ يَنْفَعْ عِنْدَ الشِّدَّةِ والبَأْسِ فَلَيْسَ بِعِلْمٍ، بَلِ الجَهْلُ خَيْرٌ مِنهُ، وكانَ ذَلِكَ شاقًّا عَلى النَّبِيِّ ﷺ خَوْفًا مِن أنْ يَكُونَ آخِرَ أمْرِ أُمَّتِهِ الهَلاكُ، مَعَ الإصْرارِ عَلى الكُفْرِ إلى مَجِيءِ البَأْسِ، وأنْ يَكُونَ أغْلَبَ أحْوالِهِ ﷺ النِّذارَةُ، افْتَتَحَ سُبْحانَهُ هَذِهِ السُّورَةَ بِأنَّ هَذا القُرْآنَ رَحْمَةٌ لِمَن كانَ لَهُ عِلْمٌ ولَهُ قُوَّةٌ تُوجِبُ لَهُ القِيامَ فِيما يَنْفَعُهُ، وكَرَّرَ الوَصْفَ بِالرَّحْمَةِ في صِفَةِ العُمُومِ وصِفَةِ الخُصُوصِ إشارَةً إلى أنَّ أكْثَرَ الأُمَّةِ مَرْحُومٌ، وأعْلَمَ أنَّ الكِتابَ فُصِّلَ تَفْصِيلًا وبُيِّنَ تَبْيِينًا لا يَضُرُّهُ جِدالُ مَجالٍ، وكَيْدُ مُماحِكٍ مُماحِلٍ، وأنَّهُ مُغْنٍ بِعَجْزِ الخَلْقِ عَنْهُ عَنِ اقْتِراحِ الآياتِ فَقالَ [مُخْبِرًا عَنْ مُبْتَدَأٍ]: ﴿تَنْـزِيلٌ﴾ أيْ: بِحَسَبِ التَّدْرِيجِ عَظِيمٌ ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ الرَّحْمَةُ العامَّةُ لِلْكافِرِ والمُؤْمِنِ بِإنْزالِ الكُتُبِ وإرْسالِ الرُّسُلِ ﴿الرَّحِيمِ﴾ [ أيِ ]: الَّذِي يَخُصُّ رَحْمَتَهُ بِالمُؤْمِنِينَ بِإلْزامِهِمْ ما يُرْضِيهِ عَنْهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب