الباحث القرآني
﴿فَقَضاهُنَّ﴾ أيْ: خَلَقَهُنَّ وصَنَعَهُنَّ حالَ كَوْنِهِنَّ مَعْدُوداتٍ ﴿سَبْعَ سَماواتٍ﴾ صُنْعًا نافِذًا هو كالقَضاءِ لا تَخَلُّفَ [فِيهِ] ﴿فِي يَوْمَيْنِ﴾ أيِ: الخَمِيسِ والجُمْعَةِ إذا حَسِبَ مِقْدارَ ما يَخُصُّهُنَّ مِنَ التَّكْوِينِ في السِّتَّةِ الأيّامِ الَّتِي كانَ فِيها جَمِيعُ الخافِقِينَ، وما بَيْنَهُما كانَ بِمِقْدارِ ما خَصَّ واحِدًا مِنَ الأرْضِ ومِن أقْواتِها لا يَزِيدُ عَلى مُدَّةٍ مِنهُما ولا يَنْقُصُ، فَيَكُونُ الَّذِي خَصَّهُما ثُلْثُ المَجْمُوعِ، قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وإنَّما سُمِّيَ يَوْمُ الجُمْعَةِ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى جَمَعَ فِيهِ خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ. يَعْنِي فَرَغَ مِن ذَلِكَ وأتَمَّهُ.
﴿وأوْحى﴾ أيْ: ألْقى بِطَرِيقٍ خَفِيٍّ وحُكْمٍ مَبْتُوتٍ قَوِيٍّ (p-١٥٧)﴿فِي كُلِّ سَماءٍ أمْرَها﴾ أيِ: الأمْرُ الَّذِي دَبَّرَها ودَبَّرَ مَنافِعَها بِهِ عَلى نِظامٍ مُحْكَمٍ لا يَخْتَلُّ، وزِمامٍ مُبْرَمٍ [لا يَنْحَلُّ].
ولَمّا عَمَّ، خَصَّ ما لِلَّتِي تَلِينا إشارَةً إلى تَشْرِيفِنا، فَقالَ صارِفًا القَوْلَ إلى مَظْهَرِ العَظَمَةِ تَنْبِيهًا عَلى ما في هَذِهِ الآيَةِ مِنَ العِظَمِ: ﴿وزَيَّنّا﴾ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿السَّماءَ الدُّنْيا﴾ أيِ: القُرْبى إلَيْكم لِأجْلِكم ﴿بِمَصابِيحَ﴾ مِن زَواهِرِ النُّجُومِ، وشُفُوفِها عَنْها لا يُنافِي أنْ تَكُونَ في غَيْرِها مِمّا هو أعْلى مِنها، ودَلَّ السِّياقُ عَلى أنَّ المُرادَ: زِينَةٌ ”و“ حَفِظْناها بِها ”حِفْظًا“ مِنَ الشَّياطِينِ.
فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: حَذَفَ فِعْلَ الحِفْظِ بِدَلالَةِ المَصْدَرِ، ومَصْدَرِ الزِّينَةِ بِما دَلَّ عَلَيْهِ مِن فِعْلِها.
ولَمّا كانَ [هَذا] أمْرًا باهِرًا، نَبَّهَ عَلى عَظَمَتِهِ بِقَوْلِهِ صارِفًا الخِطابَ إلى صِفَتَيِ العِزِّ والعِلْمِ إعْلامًا بِأنَّهُما أساسُ العَظَمَةِ ومَدارُها: ﴿ذَلِكَ﴾ [أيِ]: الأمْرُ الرَّفِيعُ والشَّأْنُ البَدِيعُ ﴿تَقْدِيرُ العَزِيزِ﴾ الَّذِي لا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ وهو يَغْلِبُ كُلَّ شَيْءٍ ﴿العَلِيمِ﴾ المُحِيطِ عِلْمًا بِكُلِّ شَيْءٍ وكَما قَدَّرَ سُبْحانَهُ ذَلِكَ بِعِزَّتِهِ وعِلْمِهِ قَضى أنَّهُ لا يُفِيدُ العِزَّ الدّائِمَ إلّا ما شَرَعَهُ مِنَ العِلْمِ، وفي خَتْمِهِ بِالوَصْفَيْنِ بِشارَةٌ لِلْأُمَّةِ الَّتِي خُوطِبَتْ بِهِما أنَّهُ يُؤْتِيها مِن عِزِّهِ وعِلْمِهِ لا سِيَّما بِالهِبَةِ وما شاكَلَها مِنَ الطَّبائِعِ وغَيْرِها ما لَمْ يُؤْتَ (p-١٥٨)أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ قَبْلَها، [وسِرُّ خَلْقِهِ سُبْحانَهُ العالِمُ في مُدَّةٍ ولَمْ يَكُنْ في لَمْحَةٍ وجَعَلَها سِتَّةً لا أقَلَّ ولا أكْثَرَ أنَّهُ لَوْ خَلَقَهُ في لَمْحَةٍ لَكانَ ذَلِكَ شُبْهَةً لِمَن يَقُولُ: إنَّهُ فاعِلٌ بِالذّاتِ لا بِالِاخْتِيارِ، فاقْتَضى الحالُ عَدَدًا، ثُمَّ اقْتَضى الحالُ أنْ يَكُونَ سِتَّةً لِأنَّها أوَّلُ عَدَدٍ يَدُلُّ عَلى الكَمالِ لِأنَّها عَدَدٌ تامٌّ كَسُورُها لا تَزِيدُ عَنْها ولا تَنْقُصُ، فَآذَنَ ذَلِكَ بِأنَّ لِلْفاعِلِ نُعُوتُ الكَمالِ وأوْصافُ التَّمامِ والتَّعالِ، ولَمْ يَخْلُقْهُ فِيما دُونَ ذَلِكَ مِنَ العَدَدِ لِأنَّهُ ناقِصٌ، وخَلَقَ الأرْضَ في يَوْمَيْنِ لِأنَّ الِاثْنَيْنِ عَدَدٌ يَدُلُّ عَلى الفَرْدانِيَّةِ فَهو قائِدٌ لِلْعَبِيدِ إلى التَّوْحِيدِ، وجَعَلَ اليَوْمَيْنِ مُكَرَّرَيْنِ بِاعْتِبارِ الذّاتِ والمَنافِعِ إيذانًا بِما يَقَعُ فِيها مِنَ المَعْصِيَةِ بِالشِّرْكِ الَّذِي هو تَثْنِيَةٌ وإفْكٌ، ولَمْ يُكَرِّرْ في السَّماءِ لِأنَّ آياتِها أدَلُّ عَلى التَّوْحِيدِ ولَمْ يَحْصُلْ مِن أهْلِها ما يَدُلُّ عَلى الوَعِيدِ، ولِيَكُونَ إيجادُها في أقَلِّ مِن مُدَّةِ الأرْضِ - مَعَ أنَّها أكْبَرُ جُرْمًا وأعْجَبُ صُنْعًا وأتْقَنُ جِسْمًا - أدَلُّ عَلى الفِعْلِ بِالِاخْتِيارِ بِعَجائِبِ الحِكَمِ وغَرائِبِ الأسْرارِ الكِبارِ].
{"ayah":"فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَـٰوَاتࣲ فِی یَوۡمَیۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِی كُلِّ سَمَاۤءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِمَصَـٰبِیحَ وَحِفۡظࣰاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق