الباحث القرآني

ولَمّا ثَبَتَ بِهَذا كُلِّهِ تَمامُ القُدْرَةِ وانْتَفى ما تَوَهَّمَهُ مَن لا بَصَرَ لَهُ (p-٩٨)مِنَ الطَّبائِعِ ثَبَتَ قَطْعًا قَوْلُهُ: ﴿إنَّ السّاعَةَ﴾ أيِ: القِيامَةُ الَّتِي يُجادِلُهُ فِيها المُجادِلُونَ ﴿لآتِيَةٌ﴾ وعِزَّتِي! لِلْحُكْمِ بِالعَدْلِ في المُقارَنَةِ بَيْنَ المُسِيءِ والمُحْسِنِ [لِأنَّهُ] لا يُسَوِّغُ في الحِكْمَةِ عِنْدَ أحَدٍ مِنَ الخَلْقِ أنْ يُساوِيَ أحَدٌ بَيْنَ مُحْسِنٍ عَبِيدَهُ ومُسِيئِهِمْ، فَكَيْفَ يَظُنُّ ذَلِكَ بِأحْكَمِ الحاكِمِينَ الَّذِي نُشاهِدُهُ يُمِيتُ المُسِيءَ وهو في غايَةِ النِّعْمَةِ والمَعْصِيَةِ، والمُحْسِنُ وهو في غايَةِ البَلاءِ والطّاعَةِ، والمَظْلُومُ قَبْلَ أنْ يَنْتَصِفَ مِنَ الظّالِمِ، ولِهَذا الأمْرِ الظّاهِرِ قالَ: ﴿لا رَيْبَ فِيها﴾ أيْ: لا شَكَّ في إتْيانِها بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، لِأقْضِيَ فِيها [بِالعَدْلِ] فَأُدْخِلُ فِيها ناسًا دارَ رَحْمَتِي، وآخَرِينَ نِقْمَتِي. ولَمّا وصَلَ الحالُ في أمْرِها إلى حَدٍّ لا خَفاءَ بِهِ أصْلًا، نَفى الإيمانَ دُونَ العِلْمِ فَقالَ تَعالى: ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ﴾ أيْ: بِما فِيهِمْ مِنَ النَّوْسِ وهو الِاضْطِرابُ، [وراعى مَعْنى الأكْثَرِ فَجَمَعَ لِأنَّ الجَمْعَ أدَلُّ عَلى المُرادِ وأقْعَدُ في التَّبْكِيتِ]: ﴿لا يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: لا يَجْعَلُونَ المُخْبِرَ لَهم بِإتْيانِها آمِنًا مِنَ التَّكْذِيبِ مَعَ وُضُوحِ عِلْمِها لَدَيْهِمْ، وما ذاكَ إلّا لِعِنادِ بَعْضِهِمْ وقُصُورِ نَظَرِ الباقِينَ عَلى الحِسِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب