الباحث القرآني
ولَمّا نَهى عَنِ الِاغْتِرارِ بِما لا قُوَّةَ لاحِدٍ عَلى صَرْفِهِ مِن نَفْسِهِ إلّا بِتَأْيِيدٍ مِنَ اللَّهِ، عَلَّلَهُ بِما يُحَقِّقُ مَعْنى النَّهْيِ مِن أنَّ التَّقَلُّبَ وما يُثْمِرُهُ لا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ مُعْتَمِدًا لِيَزْهَدَ فِيهِ كُلُّ مِن سَمِعَ هاتَيْنِ الآيَتَيْنِ، فَقالَ مُشِيرًا بِتَأْنِيثِ الفِعْلِ إلى ضَعْفِهِمْ عَنِ المُقاوَمَةِ، وتَلاشِيهِمْ عِنْدَ المُصادَمَةِ، وإنْ كانُوا في غايَةِ القُوَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلى أبْناءِ جِنْسِهِمْ: ﴿كَذَّبَتْ﴾ ولَمّا كانَ تَكْذِيبُهم عَظِيمًا وكانَ زَمانُهُ قَدِيمًا وما قَبْلَهُ مِنَ الزَّمانِ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلى ما بَعْدَهُ وطالَ البَلاءُ بِهِمْ، جَعَلَ مُسْتَغْرِقًا بِجَمِيعِ الزَّمانِ، فَقالَ مِن غَيْرِ خافِضٍ: ﴿قَبْلَهُمْ﴾ ولَمّا كانَ النّاسُ عَلى زَمَنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ حِزْبًا واحِدًا مُجْتَمِعِينَ عَلى أمْرٍ واحِدٍ ولِسانٍ جامِعٍ، وحْدَهم فَقالَ: ﴿قَوْمُ نُوحٍ﴾ أيْ وقَدْ كانُوا في غايَةِ القُوَّةِ والقُدْرَةِ عَلى القِيامِ (p-٩)بِما يُحاوِلُونَهُ وكانُوا حِزْبًا واحِدًا لَمْ يُفَرِّقْهم شَيْءٌ. ولَمّا كانَ النّاسُ مِن بَعْدِهِمْ قَدْ كَثُرُوا وفَرَّقَهُمُ اخْتِلافُ الألْسِنَةِ والأدْيانِ، وكانَ لِلْجَمالِ مِنَ الرَّوْعِ في بَعْضِ المَواطِنِ ما لَيْسَ لِلتَّفْصِيلِ قالَ: ﴿والأحْزابُ﴾ أيِ الأُمَمِ المُتَفَرِّقَةِ الَّذِينَ لا يُحْصَوْنَ عَدَدًا، ودَلَّ عَلى قُرْبِ زَمانِ الكُفْرِ مِنَ الإنْجاءِ مِنَ الغَرَقِ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾
ولَمّا كانَ التَّكْذِيبُ وحْدَهُ كافِيًا في الأذى، دَلَّ عَلى أنَّهم زادُوا عَلَيْهِ بِالمُبالَغَةِ في المُناصَبَةِ بِالمُعانَدَةِ، وقَدَّمَ قَصْدَ الإهْلاكِ لِأنَّهُ أوَّلُ ما يُرِيدُهُ العَدُوُّ فَإنْ عَجَزَ عَنْهُ نَزَلَ إلى ما دُونَهُ فَقالَ: ﴿وهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ﴾ أيْ مِنَ الأحْزابِ المَذْكُورِينَ ﴿بِرَسُولِهِمْ﴾ أيِ الَّذِي أرْسَلْناهُ إلَيْهِمْ. ولَمّا كانَ الأخْذُ يُعَبِّرُ عَنْهُ عَنِ الغَلَبَةِ والقَهْرِ والِاسْتِصْغارِ مَعَ الغَضَبِ قالَ: ﴿لِيَأْخُذُوهُ﴾ ولَمّا كانَ سَوْقُ الكَلامِ هَكَذا دالًّا عَلى أنَّهم عَجَزُوا عَنِ الأخْذِ، ذَكَرَ أنَّهم بَذَلُوا جُهْدَهم في المُغالَبَةِ بِغَيْرِهِ، فَقالَ حاذِفًا لِلْمَفْعُولِ تَعْمِيمًا: ﴿وجادَلُوا بِالباطِلِ﴾ أيِ الأمْرِ الَّذِي لا حَقِيقَةَ لَهُ، ولَيْسَ لَهُ مِن ذاتِهِ إلّا الزَّوالُ، كَما تَفْعَلُ قُرَيْشٌ ومَنِ انْضَوى إلَيْهِمْ مِنَ العَرَبِ، ثُمَّ بَيَّنَ عِلَّةَ مُجادَلَتِهِمْ فَقالَ: ﴿لِيُدْحِضُوا﴾ أيْ لِيَزْلِقُوا فَيُزِيلُوا ﴿بِهِ الحَقَّ﴾ أيِ الثّابِتَ ثَباتًا لا حِيلَةَ في إزالَتِهِ.
ولَمّا كانَ مِنَ المَعْلُومِ لِكُلِّ ذِي لُبٍّ أنَّ فاعِلَ ذَلِكَ مَغْلُوبٌ، وأنَّ (p-١٠)فِعْلَهُ مُسَبِّبٌ لِغَضَبِ المُرْسَلِ عَلَيْهِ، قالَ صارِفًا القَوْلَ إلى المُتَكَلِّمِ دَفْعًا لِلْبَأْسِ، وإشارَةً إلى شِدَّةِ الغَضَبِ وجَرَّدَهُ عَنْ مَظْهَرِ العَظَمَةِ اسْتِصْغارًا لَهُمْ: ﴿فَأخَذْتُهُمْ﴾ أيْ أهْلَكَتْهم وهم صاغِرُونَ غَضَبًا عَلَيْهِمْ وإهانَةً لَهم. ولَمّا كانَ أخْذُهُ عَظِيمًا، دَلَّ عَلى عَظَمَتِهِ بِأنَّهُ أهْلٌ لِأنْ يَسْألُ عَنْ حالِهِ لِزِيادَةِ عَظَمَتِها في قُوَّةِ بَطْشِها وسُرْعَةِ إهْلاكِها وخَرْقِها لِلْعَوائِدِ فَقالَ: ﴿فَكَيْفَ كانَ عِقابِ﴾ ومَن نَظَرَ دِيارَهم وتَقَرّى آثارَهم وقَفَ عَلى بَعْضِ ما أشَرْنا إلَيْهِ ونَبَّهْنا عَلَيْهِ، وحَذَفَ ياءَ المُتَكَلِّمِ إشارَةً إلى أنَّ أدْنى مِن عَذابِهِ بِأدْنى نِسْبَةٍ كافٍ في المُرادِ وإنْ كانَ المُعَذَّبُ جَمِيعَ العِبادِ.
{"ayah":"كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحࣲ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِیَأۡخُذُوهُۖ وَجَـٰدَلُوا۟ بِٱلۡبَـٰطِلِ لِیُدۡحِضُوا۟ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَیۡفَ كَانَ عِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق