الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ الطَّبْعَ المَذْكُورَ، دَلَّ عَلَيْهِ بِما ذَكَرَ مِن قَوْلِ فِرْعَوْنَ وفِعْلِهِ عَطْفًا عَلى ما مَضى مِن قَوْلِهِ وقَوْلِ المُؤْمِنِ، فَإنَّهُ قَصَدَ ما لا مَطْمَعَ في نَيْلِهِ تِيهًا وحَماقَةً، تَكَبُّرًا وتَجَبُّرًا، لِكَثافَةِ قَلْبِهِ وفَسادِ لُبِّهِ، فَصارَ بِهِ ضِحْكَةً لِكُلِّ مَن سَمِعَهُ، هَذا إنْ كانَ ظَنَّ أنَّهُ يَصِلُ إلى ما أرادَ وإنْ كانَ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّلْبِيسَ عَلى قَوْمِهِ لِلْمُدافَعَةِ عَنِ اتِّباعِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ إلى وقْتٍ ما، فَقَدْ نادى عَلَيْهِمْ بِالجَهْلِ، والإغْراقِ في قِلَّةِ الحَزْمِ والشَّهامَةِ والعَقْلِ، فَقالَ تَعالى: ﴿وقالَ فِرْعَوْنُ﴾ أيْ: بَعْدَ قَوْلِ المُؤْمِنِ هَذا، مُعْرِضًا عَنْ جَوابِهِ لِأنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيهِ مَطْعَنًا: ﴿يا هامانُ﴾ وهو وزِيرُهُ ﴿ابْنِ﴾ وعَرَفَهُ بِشِدَّةِ اهْتِمامِهِ بِهِ بِالإضافَةِ إلَيْهِ في قَوْلِهِ: ﴿لِي صَرْحًا﴾ أيْ: بِناءً ظاهِرًا يَعْلُوهُ لِكُلِّ أحَدٍ. قالَ البَغَوِيُّ: لا يَخْفى عَلى النّاظِرِ وإنْ بَعُدَ. وأصْلُهُ مِنَ التَّصْرِيحِ وهو الإظْهارُ، وتَعْلِيلُهُ بِالتَّرَجِّي الَّذِي لا يَكُونُ إلّا في المُمْكِنِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ كانَ يَلْبَسُ عَلى قَوْمِهِ وهو يَعْرِفُ الحَقَّ، (p-٦٩)فَإنَّ عاقِلًا لا يُعَدُّ ما رامَهُ في عِدادِ المُمْكِنِ العادِي فَقالَ: ﴿لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ﴾ أيِ: الَّتِي لا أسْبابَ غَيْرَها لِعِظَمِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب