الباحث القرآني

ولَمّا أجْمَلَ فَصَّلَ وبَيَّنَ أوْ بَدَّلَ بَعْدَ أنْ هَوَّلَ، فَقالَ بادِئًا بِمَن كانَ عَذابُهم مِثْلَ عَذابِهِمْ، ودَأْبُهم شَبِيهًا بِدَأْبِهِمْ: ﴿مِثْلَ دَأْبِ﴾ أيْ عادَةً ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾ أيْ فِيما دَهَمَهم مِنَ الهَلاكِ الَّذِي مَحَقَهم فَلَمْ يُطِيقُوهُ مَعَ ما كانَ فِيهِمْ مِن قُوَّةِ المُحاوَلَةِ والمُقاوَمَةِ لِما يُرِيدُونَهُ ﴿وعادٍ وثَمُودَ﴾ مَعَ ما بَلَغَكم مِن جَبَرُوتِكم. ولَمّا كانَ هَؤُلاءِ أقْوى الأُمَمِ، اكْتَفى بِهِمْ وأجْمَلَ مِن بَعْدِهِمْ فَقالَ: ﴿والَّذِينَ﴾ وأشارَ بِالجارِّ إلى التَّخْصِيصِ بِالعَذابِ لِئَلّا يُقالُ: هَذِهِ عادَةُ الدَّهْرِ، فَقالَ: ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾ أيْ بِالقُرْبِ مِن زَمانِهِمْ لا جَمِيعَ مَن جاءَ بَعْدَهم. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: أهْلَكَهُمُ اللَّهُ وما ظَلَمَهُمْ، عَبَّرَ عَنْهُ تَعْمِيمًا مَقْرُونًا بِما تَضَمَّنَهُ مِنَ الخَبَرِ بِدَلِيلِهِ فَقالَ: ﴿وما اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِأوْصافِ الكَمالِ. ولَمّا كانَ في مَقامِ الوَعْظِ لَهم ومُرادُهُ رَدُّهم عَنْ غَيِّهِمْ بِكُلِّ حالٍ، عَلَّقَ الأمْرَ بِالإرادَةِ لِأنَّها مَتى ارْتَفَعَتِ انْتَفى الظُّلْمُ، ونَكَّرَ تَعْمِيمًا فَقالَ: ﴿يُرِيدُ ظُلْمًا﴾ أيْ يَتَجَدَّدُ مِنهُ أنْ يُعَلِّقَ إرادَتَهُ وقْتًا ما بِنَوْعِ ظُلْمٍ ﴿لِلْعِبادِ﴾ لِأنَّ أحَدًا لا يَتَوَجَّهُ أبَدًا إلى أنَّهُ يَظْلِمُ عَبِيدَهُ الَّذِينَ هم تَحْتَ قَهْرِهِ، وطَوْعَ مَشِيئَتِهِ وأمْرِهِ، ومَتى لَمْ يَعْرِفُوا حَقَّهُ وأرادُوا البَغْيَ عَلى مَن يَعْرِفُ حَقَّهُ عاقَبَهم ولا بُدَّ، وإلّا كانَ كَفَّهُ ظُلْمًا (p-٦١)لِلْمَبْغِيِّ عَلَيْهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب