الباحث القرآني

ولَمّا أجْمَلَ أمْرَهُ كُلَّهُ في هاتَيْنِ الآيَتَيْنِ، شَرَعَ في تَفْصِيلِهِ فَقالَ مُشِيرًا إلى مُبادَرَتِهِمْ إلى العِنادِ مِن غَيْرِ تَوَقُّفٍ أصْلًا الَّتِي أشارَ إلَيْها حَذْفُ المُبْتَدَأِ والِاقْتِصارِ عَلى الخَبَرِ الَّذِي هو مَحَطُّ الفائِدَةِ: ﴿فَلَمّا جاءَهُمْ﴾ أيْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿بِالحَقِّ﴾ أيْ بِالأمْرِ الثّابِتِ الَّذِي لا طاقَةَ لِأحَدٍ بِتَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنهُ كائِنًا ﴿مِن عِنْدِنا﴾ عَلى ما لَنا مِنَ القَهْرِ، فَآمَنَ مَعَهُ طائِفَةٌ مِن قَوْمِهِ ﴿قالُوا﴾ أيْ فِرْعَوْنُ وأتْباعُهُ ﴿اقْتُلُوا﴾ أيْ قَتْلًا حَقِيقِيًّا بِإزالَةِ الرُّوحِ ﴿أبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ بِهِ فَكانُوا ﴿مَعَهُ﴾ أيْ (p-٥٠)خَصُّوهم بِذَلِكَ واتْرُكُوا مَن عَداهم لَعَلَّهم يُكَذِّبُونَهُ ﴿واسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ﴾ أيِ اطْلُبُوا حَياتَهُنَّ بِأنْ لا تَقْتُلُوهُنَّ. ولَمّا كانَ هَذا أمْرًا صادًّا في العادَةِ لِمَن يُؤْمِنُ عَنِ الإيمانِ ورادًّا لِمَن آمَنَ إلى الكُفْرانِ، أشارَ إلى أنَّهُ سُبْحانَ خَرَقَ العادَةَ بِإبْطالِهِ فَقالَ: ﴿وما﴾ أيْ والحالُ أنَّهُ ما كَيْدُهم - هَكَذا كانَ الأصْلُ ولَكِنَّهُ قالَ: ﴿كَيْدُ الكافِرِينَ﴾ تَعْمِيمًا وتَعْلِيقًا بِالوَصْفِ ﴿إلا في ضَلالٍ﴾ أيْ مُجانَبَةٍ لِلسُّدَدِ المُوصِلِ إلى الظَّفْرِ والفَوْزِ لِأنَّهُ ما أفادَهم أوَّلًا في الحَذَرِ مِن مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ ولا آخِرًا في صَدِّ مَن آمَنَ بِهِ مُرادُهُمْ، بَلْ كانَ فِيهِ تَبارُهم وهَلاكُهُمْ، وكَذا أفْعالُ الفَجَرَةِ مَعَ أوْلِياءِ اللَّهِ، ما حَفَرَ أحَدٌ مِنهم لَأحْد مِنهم حُفْرَةَ مَكْرٍ إلّا أرْكَبَهُ اللَّهُ فِيها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب