الباحث القرآني

ولَمّا أعادَ الوَصِيَّةَ بِاليَتامى مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى؛ وخَتَمَ بِالأمْرِ بِإلانَةِ القَوْلِ؛ وكانَ لِلتَّصْوِيرِ في التَّأْثِيرِ في النَّفْسِ ما لَيْسَ لِغَيْرِهِ؛ أعادَ الوَصِيَّةَ بِهِمْ؛ لِضَعْفِهِمْ؛ مُصَوِّرًا لِحالِهِمْ؛ مُبَيِّنًا أنَّ القَوْلَ المَعْرُوفَ هو الصَّوابُ الَّذِي لا خَلَلَ فِيهِ؛ فَقالَ: ﴿ولْيَخْشَ﴾؛ أيْ: يُوَقِعِ الخَشْيَةَ عَلى ذُرِّيَّةِ غَيْرِهِمْ؛ ﴿الَّذِينَ﴾ وذَكَرَ لَهم حالًا؛ هو جَدِيرٌ بِإيقاعِ الخَشْيَةِ في قُلُوبِهِمْ؛ فَقالَ: ﴿لَوْ تَرَكُوا﴾؛ أيْ: شارَفُوا التَّرْكَ؛ بِمَوْتٍ؛ أوْ هَرَمٍ؛ وصَوَّرَ حالَهُمْ؛ وحَقَّقَهُ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن خَلْفِهِمْ﴾؛ أيْ: بَعْدَ مَوْتِهِمْ؛ أوْ عَجْزِهِمُ العَجْزَ الَّذِي هو كَمَوْتِهِمْ؛ ﴿ذُرِّيَّةً﴾؛ أيْ: أوْلادًا؛ مِن ذُكُورٍ؛ أوْ إناثٍ؛ ﴿ضِعافًا﴾؛ أيْ: لِصِغَرٍ؛ أوْ غَيْرِهِ؛ ﴿خافُوا عَلَيْهِمْ﴾؛ أيْ: جَوْرَ الجائِرِينَ؛ ولَمّا تَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ التَّصَوُّرِ في أنْفُسِهِمْ خَوْفُهم عَلى ذُرِّيَّةِ غَيْرِهِمْ؛ كَما يَخافُونَ عَلى ذُرِّيَّتِهِمْ؛ سَواءٌ كانُوا أوْصِياءَ؛ أوْ أوْلِياءَ؛ أوْ أجانِبَ؛ وكانَ هَذا الخَوْفُ رُبَّما أدّاهم في قَصْدِ نَفْعِهِمْ إلى جَوْرٍ عَلى غَيْرِهِمْ؛ أمَرَ بِما (p-٢٠٢)يَحْفَظُهم عَلى الصِّراطِ السَّوِيِّ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلْيَتَّقُوا﴾؛ وعَبَّرَ بِالِاسْمِ الأعْظَمِ؛ إرْشادًا إلى اسْتِحْضارِ جَمِيعِ عَظَمَتِهِ؛ فَقالَ: ﴿اللَّهَ﴾؛ أيْ: فَلْيَعْدِلُوا في أمْرِهِمْ؛ لِيُقَيِّضَ اللَّهُ لَهم مَن يَعْدِلُ في ذُرِّيَّتِهِمْ؛ وإلّا أوْشَكَ أنْ يُسَلِّطَ عَلى ذُرِّيَّتِهِمْ مَن يَجُورُ عَلَيْهِمْ؛ ﴿ولْيَقُولُوا﴾؛ أيْ: في ذَلِكَ؛ وغَيْرِهِ؛ ﴿قَوْلا سَدِيدًا﴾؛ أيْ: عَدْلًا؛ قاصِدًا صَوابًا؛ لِيَدُلَّ هَذا الظّاهِرُ عَلى صَلاحِ ما ائْتَمَرَهُ مِنَ الباطِنِ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب