الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ بِضَلالِهِمْ وثَباتِهِمْ عَلَيْهِ؛ أعْلَمَ بِإعْراقِهِمْ فِيهِ؛ فَقالَ: ﴿ودُّوا﴾؛ أيْ: أحَبُّوا؛ وتَمَنَّوْا تَمَنِّيًا واسِعًا؛ ﴿لَوْ تَكْفُرُونَ﴾؛ أيْ: تُوجِدُونَ الكُفْرَ؛ وتُجَدِّدُونَهُ؛ وتَسْتَمِرُّونَ عَلَيْهِ دائِمًا؛ ﴿كَما كَفَرُوا﴾؛ ولَمّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وُدِّهِمْ لِكُفْرِهِمْ؛ وكَوْنِهِمْ مُساوِينَ لَهُمْ؛ تَلازُمٌ؛ عَطَفَ عَلى الفِعْلِ المَوْدُودِ - ولَمْ يُسَبِّبْ - قَوْلَهُ: ﴿فَتَكُونُونَ﴾؛ أيْ: ووَدُّوا (p-٣٥٦)أنْ يَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ؛ ويَتَعَقَّبَهُ أنْ تَكُونُوا أنْتُمْ وهُمْ؛ ﴿سَواءً﴾؛ أيْ: في الضَّلالِ؛ أيْ: تُوجِدُونَ الكُفْرَ؛ وتُجَدِّدُونَهُ؛ وتَسْتَمِرُّونَ عَلَيْهِ دائِمًا؛ فَأنْتُمْ تَرْجُونَ في زَمانِ الرِّفْقِ بِهِمْ هِدايَتَهُمْ؛ وهم يَوَدُّونَ فِيهِ كُفْرَكُمْ؛ وضَلالَكُمْ؛ فَقَدْ تَباعَدْتُمْ في المَذاهِبِ؛ وتَبايَنْتُمْ في المَقاصِدِ. ولَمّا أخْبَرَ بِهَذِهِ الوَدادَةِ؛ سَبَّبَ عَنْهُ أمْرَهم بِالبَراءَةِ مِنهم حَتّى يُصْلِحُوا؛ بَيانًا لِأنَّ قَوْلَهم في الإيمانِ لا يُقْبَلُ ما لَمْ يُصَدِّقُوهُ بِفِعْلٍ؛ فَقالَ: ﴿فَلا تَتَّخِذُوا﴾؛ أيْ: أيُّها المُؤْمِنُونَ؛ ﴿مِنهم أوْلِياءَ﴾؛ أيْ: أقْرِباءَ مِنكُمْ؛ ﴿حَتّى يُهاجِرُوا﴾؛ أيْ: يُوقِعُوا المُهاجَرَةَ؛ ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ أيْ: يَهْجُرُوا مَن خالَفَهم في ذاتِ مَن لا شَبَهَ لَهُ؛ ويَتَسَبَّبُوا في هِجْرانِهِ لَهُمْ؛ إنْ كانُوا في دارِ الحَرْبِ؛ فَبِتَرْكِها؛ وإنْ كانُوا عِنْدَكم فَبِتَرْكِ مُوادَّةِ الكَفَرَةِ؛ والمُوافَقَةِ لَهم في أقْوالِهِمْ؛ وأفْعالِهِمْ؛ وإنْ كانُوا أقْرَبَ أقْرِبائِهِمْ؛ وهِجْرَتُهم في جَمِيعِ ذَلِكَ بِمُواصَلَتِكم في جَمِيعِ أقْوالِكُمْ؛ وأفْعالِكُمْ؛ والهِجْرَةُ العامَّةُ هي تَرْكُ ما نَهى اللَّهُ - سُبْحانَهُ وتَعالى -؛ ورَسُولُهُ ﷺ عَنْهُ. (p-٣٥٧)ولَمّا نَهى عَنْ مُوالاتِهِمْ؛ وغَيّى النَّهْيَ بِالهِجْرَةِ؛ سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ: ﴿فَإنْ تَوَلَّوْا﴾؛ أيْ: عَنِ الهِجْرَةِ المَذْكُورَةِ؛ ﴿فَخُذُوهُمْ﴾؛ أيْ: اقْهَرُوهم بِالأسْرِ؛ وغَيْرِهِ؛ ﴿واقْتُلُوهم حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾؛ أيْ: في حِلٍّ؛ أوْ حَرَمٍ؛ ولَمّا كانُوا في هَذِهِ الحالَةِ لا يُوالُونَ المُؤْمِنِينَ إلّا تَكَلُّفًا؛ قالَ: ﴿ولا تَتَّخِذُوا﴾؛ أيْ: تَتَكَلَّفُوا أنْ تَأْخُذُوا؛ ﴿مِنهم ولِيًّا﴾؛ أيْ: مَن تَفْعَلُونَ مَعَهُ فِعْلَ المُقارِبِ المُصافِي؛ ﴿ولا نَصِيرًا﴾؛ عَلى أحَدٍ مِن أعْدائِكُمْ؛ بَلْ جانِبُوهم مُجانَبَةً كُلِّيَّةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب