الباحث القرآني

ولَمّا عَجِبَ مِن كَذِبِهِمْ دَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ﴾ وكانَ الأصْلُ: إلَيْهِمْ؛ ولَكِنَّهُ قالَ - لِزِيادَةِ التَّقْرِيعِ؛ والتَّوْبِيخِ؛ والإعْلامِ بِأنَّ كُفْرَهم عِنادٌ؛ لِكَوْنِهِ عَنْ عِلْمٍ -: ﴿إلى الَّذِينَ﴾؛ وعَبَّرَ بِـ ”إلى“؛ دَلالَةً عَلى بُعْدِهِمْ عَنِ الحَضْراتِ الشَّرِيفَةِ؛ ﴿أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتابِ﴾؛ أيْ: الَّذِي هو الكِتابُ في الحَقِيقَةِ؛ لِكَوْنِهِ مِنَ اللَّهِ؛ ﴿يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ﴾؛ وهو الصَّنَمُ؛ والكاهِنُ؛ والسّاحِرُ؛ والَّذِي لا خَيْرَ فِيهِ؛ وكُلِّ ما عُبِدَ مِن دُونِ اللَّهِ؛ ﴿والطّاغُوتِ﴾؛ وهو اللّاتُ؛ والعُزّى؛ والكاهِنُ؛ والشَّيْطانُ؛ وكُلُّ رَأْسِ ضَلالٍ؛ والأصْنامُ؛ وكُلُّ ما عُبِدَ مِن دُونِ اللَّهِ؛ وكُلُّ هَذِهِ المَعانِي تَصِحُّ إرادَتُها هُنا؛ وهي مِمّا نُهِيَ عَنْهُ في كِتابِهِمْ - وأصْلُهُ ومَدارُهُ مُجاوَزَةُ الحَدِّ عُدْوانًا؛ وهو واحِدٌ؛ وقَدْ يَكُونُ جَمْعًا؛ قالَ - سُبْحانَهُ وتَعالى -: ﴿أوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٥٧] -؛ والحالُ أنَّ أقَلَّ نَصِيبٍ مِنَ الكِتابِ كافٍ في النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ؛ وتَكْفِيرِ فاعِلِهِ. (p-٣٠١)ولَمّا دَلَّ عَلى ضَلالِهِمْ؛ دَلَّ عَلى إضْلالِهِمْ؛ بِقَوْلِهِ - مُعَبِّرًا بِصِيغَةِ المُضارِعِ؛ دَلالَةً عَلى عَدَمِ تَوْبَتِهِمْ -: ﴿ويَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ ودَلَّ بِالتَّعْبِيرِ بِالإشارَةِ؛ دُونَ الخِطابِ؛ عَلى أنَّهم يَقُولُونَ ذَلِكَ فِيهِمْ؛ حَتّى في غَيْبَتِهِمْ؛ حَيْثُ لا حامِلَ لَهم عَلى القَوْلِ إلّا مَحْضُ الكُفْرِ؛ فَقالَ: ﴿هَؤُلاءِ﴾؛ أيْ: الكَفَرَةُ العابِدُونَ لِلْأصْنامِ؛ ﴿أهْدى﴾؛ أيْ: أقْوَمُ في الهِدايَةِ؛ ﴿مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أيْ: أوْقَعُوا هَذِهِ الحَقِيقَةِ؛ فَيُفْهَمُ ذَمُّهم بِالتَّفْضِيلِ عَلى الَّذِينَ يُؤَمِّنُونَ؛ ومَن فَوْقَهم مِن بابِ الأوْلى؛ ﴿سَبِيلا﴾؛ مَعَ أنَّ في كِتابِهِمْ - مِن إبْطالِ الشِّرْكِ؛ وهَدْمِهِ؛ وعَيْبِ مُدانِيهِ؛ وذَمِّهِ؛ في غَيْرِ مَوْضِعٍ - تَأْكِيدًا أكِيدًا؛ وأمْرًا عَظِيمًا شَدِيدًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب