الباحث القرآني

ولَمّا كانُوا مَعَ ارْتِكابِهِمُ العَظائِمَ يَقُولُونَ: ”سَيُغْفَرُ لَنا“؛ وكانَ امْتِثالُهم لِتَحْرِيفِ أحْبارِهِمْ؛ ورُهْبانِهِمْ؛ شِرْكًا بِاللَّهِ - كَما قالَ - سُبْحانَهُ وتَعالى -: ﴿اتَّخَذُوا أحْبارَهم ورُهْبانَهم أرْبابًا مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١]؛ قالَ - مُعَلِّلًا لِتَحْقِيقِ وعِيدِهِمْ؛ مُعْلِمًا أنَّ ما أُشِيرَ إلَيْهِ مِن تَحْرِيفِهِمْ أدّاهم إلى الشِّرْكِ -: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: الجامِعَ لِصِفاتِ العَظَمَةِ؛ ﴿لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾؛ أيْ: عَلى سَبِيلِ التَّجْدِيدِ المُسْتَمِرِّ؛ إلى المَوْتِ؛ سَواءٌ كانَ المُشْرِكُ مِن أهْلِ الكِتابِ أمْ لا؛ وزادَ ذَلِكَ حُسْنًا أنَّهُ في سِياقِ: ﴿واعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء: ٣٦] ولَمّا أخْبَرَ بِعَدْلِهِ؛ أخْبَرَ بِفَضْلِهِ؛ فَقالَ: ﴿ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ﴾؛ الأمْرِ الكَبِيرِ العَظِيمِ؛ مِن كُلِّ مَعْصِيَةٍ؛ سَواءٌ كانَتْ صَغِيرَةً؛ أوْ كَبِيرَةً؛ سَواءٌ تابَ فاعِلُها؛ أوْ لا؛ ورَهَّبَ بِقَوْلِهِ - إعْلامًا بِأنَّهُ مُخْتارٌ؛ لا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ -: ﴿لِمَن يَشاءُ﴾ ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَإنَّ مَن أشْرَكَ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿ومَن يُشْرِكْ﴾؛ أيْ: يُوجَدْ مِنهُ شِرْكٌ في الحالِ؛ أوِ المَآلِ؛ وأمّا الماضِي فَجَبَّتْهُ التَّوْبَةُ؛ ﴿بِاللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ (p-٢٩٨)دُونَهُ؛ ﴿فَقَدِ افْتَرى﴾؛ أيْ: تَعَمَّدَ كَذِبًا؛ ﴿إثْمًا عَظِيمًا﴾؛ أيْ: ظاهِرًا في نَفْسِهِ؛ مِن جِهَةِ عِظَمِهِ أنَّهُ قَدْ مَلَأ أقْطارَ نَفْسِهِ؛ وقَلْبِهِ؛ ورُوحِهِ؛ وبَدَنِهِ؛ مُظْهِرًا لِلْغَيْرِ أنَّهُ إثْمٌ؛ فَهو في نَفْسِهِ مُنادٍ بِأنَّهُ باطِلٌ مُصِرٌّ؛ فَلَمْ يَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا؛ فَلَمْ تَقْتَضِ الحِكْمَةُ العَفْوَ عَنْهُ؛ لِأنَّهُ قادِحٌ في المَلِكِ؛ وإنَّما طَوى مُقَدِّمَةَ الضَّلالِ؛ وذَكَرَ مُقَدِّمَةَ الِافْتِراءِ - لِكَوْنِ السِّياقِ لِأهْلِ الكِتابِ الَّذِينَ ضَلالُهم عَلى عِلْمٍ مِنهُمْ؛ وتَعَمُّدٍ وعِنادٍ؛ بِخِلافِ ما يَأْتِي عَنِ العَرَبِ -؛ وفي التَّعْبِيرِ بِالمُضارِعِ اسْتِكْفافٌ؛ مَعَ اسْتِعْطافٍ؛ واسْتِجْلابٍ؛ في اسْتِرْهابٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب