الباحث القرآني
ولَمّا كانَ الوَكِيلُ مَن يَقُومُ مَقامَ المُوَكِّلِ؛ ويَفْعَلُ ما يَعْجِزُ عَنْهُ المُوَكِّلُ؛ وكانَ اللَّهُ (تَعالى) لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ؛ ولا يَحْتاجُ إلى شَيْءٍ؛ وكانَ عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - لا يَدَّعِي القُدْرَةَ عَلى شَيْءٍ إلّا بِاللَّهِ؛ وكانَ يَحْتاجُ إلى النَّوْمِ؛ وإلى الأكْلِ؛ والشُّرْبِ؛ وإلى ما يَسْتَلْزِمانِهِ؛ صَحَّ أنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ؛ فَقالَ - سُبْحانَهُ - دالًّا عَلى ذَلِكَ -: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ﴾؛ أيْ: يَطْلُبَ ويُرِيدَ أنْ يَمْتَنِعَ؛ ويَأْبى؛ ويَسْتَحْيِيَ؛ ويَأْنَفَ؛ ويَسْتَكْبِرَ؛ ﴿المَسِيحُ﴾؛ أيْ: الَّذِي ادَّعَوْا فِيهِ الإلَهِيَّةَ؛ وأنِفُوا لَهُ مِنَ العُبُودِيَّةِ؛ لِكَوْنِهِ خُلِقَ مِن غَيْرِ ذَكَرٍ؛ ولِكَوْنِهِ أيْضًا يُخْبِرُ بِبَعْضِ المُغَيَّباتِ؛ ويُحْيِي بَعْضَ الأمْواتِ؛ ويَأْتِي بِخَوارِقِ العاداتِ؛ ﴿أنْ﴾؛ أيْ: مِن أنْ؛ ﴿يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ﴾؛ أيْ: المَلِكِ الأعْظَمِ؛ الَّذِي عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - مِن جُمْلَةِ مَخْلُوقاتِهِ؛ فَإنَّهُ مِن جِنْسِ البَشَرِ في الجُمْلَةِ؛ وإنْ كانَ خَلْقُهُ خارِقًا لِعادَةِ البَشَرِ؛ ﴿ولا المَلائِكَةُ﴾؛ أيْ: الَّذِينَ هم أعْجَبُ خَلْقًا مِنهُ؛ في كَوْنِهِمْ لَيْسُوا مِن ذَكَرٍ ولا أُنْثى؛ (p-٥٢٤)ولا ما يُجانِسُ عُنْصُرَ البَشَرِ؛ فَكانُوا لِذَلِكَ أعْجَبَ خَلْقًا مِن آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - أيْضًا؛ وهم لا يَسْتَنْكِفُونَ بِذَلِكَ عَنْ أنْ يَكُونُوا عِبادَ اللَّهِ.
ولَمّا كانَ التَّقْرِيبُ مُقْتَضِيًا في الأغْلَبِ لِلِاسْتِحْقاقِ؛ وكانَ صِفَةً عامَّةً لِلْمَلائِكَةِ؛ قالَ: ﴿المُقَرَّبُونَ﴾؛ أيْ: الَّذِينَ هم في حَضْرَةِ القُدْسِ؛ فَهم أجْدَرُ بِعِلْمِ المُغَيَّباتِ؛ وإظْهارِ الكَراماتِ؛ وجِبْرائِيلُ الَّذِي هو أحَدُهم كانَ سَبَبًا في حَياةِ عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -؛ وقَدِ ادَّعى بَعْضُ النّاسِ فِيهِمُ الإلَهِيَّةَ أيْضًا؛ وبِهَذا طاحَ اسْتِدْلالُ المُعْتَزِلَةِ بِهَذِهِ الآيَةِ؛ عَلى أفْضَلِيَّةِ المَلَكِ عَلى البَشَرِ؛ بِأنَّ العادَةَ في مِثْلِ هَذا السِّياقِ التَّرَقِّي مِنَ الأدْنى إلى الأعْلى بَعْدَ تَسْلِيمِ مُدَعّاهُمْ؛ لَكِنْ في الخَلْقِ لا في المَخْلُوقِ.
ولَمّا أخْبَرَ (تَعالى) عَنْ خُلَّصِ عِبادِهِ بِالتَّشَرُّفِ بِعُبُودِيَّتِهِ؛ أخْبَرَ عَمَّنْ يَأْبى ذَلِكَ؛ فَقالَ - مُهَدِّدًا؛ مُحَذِّرًا؛ مُوعِدًا -: ﴿ومَن يَسْتَنْكِفْ﴾؛ أيْ: مِنَ المَوْجُوداتِ كُلِّهِمْ؛ ﴿عَنْ عِبادَتِهِ﴾؛ ولَمّا كانَ الِاسْتِنْكافُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنى مُجَرَّدِ الِامْتِناعِ؛ لا كِبْرًا؛ قالَ - مُبَيِّنًا لِلْمُرادِ مِن مَعْناهُ هُنا -: ﴿ويَسْتَكْبِرْ﴾؛ أيْ: يَطْلُبِ الكِبْرَ عَنْ ذَلِكَ؛ ويُوجِدْهُ؛ لِأنَّ مُجَرَّدَ الِامْتِناعِ لا يَسْتَلْزِمُهُ؛ ولَمّا كانَ الحَشْرُ عامًّا لِلْمُسْتَكْبِرِ وغَيْرِهِ؛ كانَ الضَّمِيرُ في ﴿فَسَيَحْشُرُهُمْ﴾؛ عائِدًا عَلى العِبادِ؛ المُشارِ إلَيْهِمْ؛ بِـ ”عَبْدًا“؛ و”عِبادَتِهِ“؛ ولا يُسْتَحْسَنُ عَوْدُهُ عَلى ”مَن“؛ لِأنَّ التَّفْصِيلَ يَأْباهُ؛ والتَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ: ”فَسَيُذِلُّهُمْ؛ لِأنَّهُ سَيَحْشُرُ العِبادَ (p-٥٢٥)﴿إلَيْهِ جَمِيعًا﴾“؛ أيْ: المُسْتَكْبِرِينَ وغَيْرَهُمْ؛ بِوَعْدٍ لا خُلْفَ فِيهِ؛ لِأنَّ الكُلَّ يَمُوتُونَ؛ ومَن ماتَ كانَ مَخْلُوقًا مُحْدَثًا قَطْعًا؛ ومَن كانَ مَقْدُورًا عَلى ابْتِدائِهِ وإفْنائِهِ؛ كانَتِ القُدْرَةُ عَلى إعادَتِهِ أوْلى؛ و”الحَشْرُ“: الجَمْعُ بِكُرْهٍ.
{"ayah":"لَّن یَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِیحُ أَن یَكُونَ عَبۡدࣰا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن یَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَیَسۡتَكۡبِرۡ فَسَیَحۡشُرُهُمۡ إِلَیۡهِ جَمِیعࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق