الباحث القرآني
ولَمّا أنْجَزَ الكَلامَ إلى أمْرِ عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - عَلى هَذا المِنهاجِ البَدِيعِ؛ بِما ذَكَرَ في نَصائِحِ اليَهُودِ؛ وقَبائِحِ أفْعالِهِمْ؛ وأنَّهم قَصَدُوا قَتْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -؛ فَخابَ قَصْدُهُمْ؛ وأُصْلِدَ زَنْدُهُمْ؛ (p-٤٩٧)وقالَ رَأْيُهُمْ؛ ورُدَّ عَلَيْهِمْ بَغْيُهُمْ؛ وحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ أعْلى المَناصِبِ؛ وأوْلى المَراتِبِ؛ قالَ - مُحَقِّقًا لِما أثْبَتَهُ في الآيَةِ قَبْلَها مِنَ القَطْعِ بِكَذِبِهِمْ؛ مُثْبِتًا أنَّهم في مُبالَغَتِهِمْ في عَداوَتِهِ سَيَكُونُونَ مِن أتْباعِهِ المُصَدِّقِينَ بِجَمِيعِ أمْرِهِ؛ الَّذِي مِنهُ التَّصْدِيقُ بِمُحَمَّدٍ ﷺ؛ ومُؤَكِّدًا لَهُ أشَدَّ تَأْكِيدٍ؛ لِما عِنْدَهم مِنَ الإنْكارِ لَهُ -: ﴿وإنْ﴾؛ أيْ: والحالُ أنَّهُ ما؛ ﴿مِن أهْلِ الكِتابِ﴾؛ أيْ: أحَدٌ يُدْرِكُ نُزُولَهُ في آخِرِ الزَّمانِ؛ ﴿إلا﴾؛ وعِزَّتِي؛ ﴿لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾؛ أيْ: بِعِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - ﴿قَبْلَ مَوْتِهِ﴾؛ أيْ: مَوْتِ عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -؛ أيْ: إنَّهُ لا يَمُوتُ حَتّى يَنْزِلَ في آخِرِ الزَّمانِ؛ يُؤَيِّدُ اللَّهُ بِهِ دِينَ الإسْلامِ؛ حَتّى يَدْخُلَ فِيهِ جَمِيعُ أهْلِ المِلَلِ؛ إشارَةً إلى أنَّ مُوسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - إنْ كانَ قَدْ أيَّدَهُ اللَّهُ (تَعالى) بِأنْبِياءَ كانُوا يُجَدِّدُونَ دِينَهُ زَمانًا طَوِيلًا؛ فالنَّبِيُّ الَّذِي نَسَخَ شَرِيعَةَ مُوسى - وهو عِيسى - عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ - هو الَّذِي يُؤَيِّدُ اللَّهُ بِهِ هَذا النَّبِيَّ العَرَبِيَّ؛ في تَجْدِيدِ شَرِيعَتِهِ؛ وتَمْهِيدِ أمْرِهِ؛ والذَّبِّ عَنْ دِينِهِ؛ ويَكُونُ مِن أُمَّتِهِ بَعْدَ أنْ كانَ صاحِبَ شَرِيعَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ؛ وأتْباعٍ مُسْتَكْثِرَةٍ؛ أمْرٌ قَضاهُ اللَّهُ في الأزَلِ؛ فَأمْضاهُ؛ فَأطِيلُوا أيُّها اليَهُودُ أوْ أقْصِرُوا؛ فَمَعْنى الآيَةِ إذَنْ - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّهُ ما مِن أحَدٍ مِن أهْلِ الكِتابِ المُخْتَلِفِينَ في عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - عَلى شَكٍّ؛ إلّا وهو يُوقِنُ بِعِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - قَبْلَ مَوْتِهِ؛ بَعْدَ نُزُولِهِ (p-٤٩٨)مِنَ السَّماءِ؛ أنَّهُ ما قُتِلَ وما صُلِبَ؛ ويُؤْمِنُ بِهِ عِنْدَ زَوالِ الشُّبْهَةِ - واللَّهُ أعْلَمُ -؛ رَوى الشَّيْخانِ؛ وأحْمَدُ؛ وأبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ؛ وغَيْرُهُمْ؛ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «”والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لِيُوشِكَنَّ أنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا؛ وإمامًا عادِلًا؛ فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ؛ ولَيَقْتُلَنَّ الخِنْزِيرَ؛ ولَيَضَعَنَّ الجِزْيَةَ؛ حَتّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الواحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيا وما فِيها“؛ وفي رِوايَةٍ: ”وتَكُونُ السَّجْدَةُ واحِدَةً لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ“؛ وفي رِوايَةٍ: ”حَتّى يُهْلِكَ اللَّهُ المِلَلَ كُلَّها؛ غَيْرَ الإسْلامِ؛ فَيُهْلِكُ اللَّهُ في زَمانِهِ المِلَلَ كُلَّها إلّا الإسْلامَ“؛ يَقُولُ أبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: ﴿وإنْ مِن أهْلِ الكِتابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾؛ الآيَةَ: مَوْتِ عِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - ثُمَّ يُعِيدُها أبُو هُرَيْرَةَ ثَلاثَ مَرّاتٍ - ولَتَذْهَبَنَّ الشَّحْناءُ والتَّباغُضُ والتَّحاسُدُ؛ ولَيُدْعَوَنَّ إلى المالِ فَلا يَقْبَلُهُ أحَدٌ؛ وفي رِوايَةٍ: ويَفِيضُ المالُ حَتّى لا يَقْبَلَهُ أحَدٌ؛ ولِمُسْلِمٍ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ”كَيْفَ بِكم إذا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ؛ وإمامُكم مِنكُمْ؟“؛ وفي رِوايَةٍ: ”فَأمَّكم مِنكُمْ“؛ قالَ الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ - أحَدُ رُواةِ الحَدِيثِ: قالَ ابْنُ أبِي ذِئْبٍ: تَدْرِي ما أمَّكم مِنكُمْ؟ قُلْتُ: تُخْبِرُنِي؛ قالَ: فَأمَّكم بِكِتابِ رَبِّكم - تَبارَكَ وتَعالى - وسُنَّةِ نَبِيِّكم ﷺ؛» (p-٤٩٩)ولِمُسْلِمٍ أيْضًا عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «”لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتِي يُقاتِلُونَ عَلى الحَقِّ؛ ظاهِرِينَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ؛ فَيَنْزِلُ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - فَيَقُولُ أمِيرُهُمْ: تَعالَ صَلِّ لَنا؛ فَيَقُولُ: لا؛ إنَّ بَعْضَكم عَلى بَعْضٍ أُمَراءُ؛ تَكْرِمَةُ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةِ؛» ورَوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ؛ المَشْهُورِ بِابْنِ الحَنَفِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - أنَّ المَعْنى: إلّا لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسى - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - قَبْلَ مَوْتِ ذَلِكَ الكِتابِيِّ؛ عِنْدَ الغَرْغَرَةِ؛ حِينَ لا يَنْفَعُهُ الإيمانُ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ زِيادَةً في حَسْرَتِهِ؛ قالَ الأصْبَهانِيُّ: وتَدُلُّ عَلى صِحَّةِ هَذا التَّأْوِيلِ قِراءَةُ أُبَيٍّ:“لَيُؤْمِنُنَّ قَبْلَ مَوْتِهِمْ"؛ بِضَمِّ النُّونِ.
ولَمّا أخْبَرَ (تَعالى) عَنْ حالِهِمْ مَعَهُ في هَذِهِ الدّارِ؛ أتْبَعَهُ فِعْلَهُ بِهِمْ في تِلْكَ؛ فَقالَ: ﴿ويَوْمَ القِيامَةِ﴾؛ أيْ: الَّذِي يَقْطَعُ ذِكْرُهُ القُلُوبَ؛ ويَحْمِلُ التَّفَكُّرُ فِيهِ عَلى كُلِّ خَيْرٍ؛ ويَقْطَعُ عَنْ كُلِّ شَرٍّ؛ ﴿يَكُونُ﴾؛ وآذَنَ بِشَقائِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾؛ أيْ: بِما عَمِلُوا؛
{"ayah":"وَإِن مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ إِلَّا لَیُؤۡمِنَنَّ بِهِۦ قَبۡلَ مَوۡتِهِۦۖ وَیَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ یَكُونُ عَلَیۡهِمۡ شَهِیدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











