الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ - سُبْحانَهُ وتَعالى - ما أعَدَّ لَهُمْ؛ بَيِّنَ ما أعَدَّ لِأضْدادِهِمْ مِن أهْلِ طاعَتِهِ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الكَمالُ والجَمالُ؛ ﴿ورُسُلِهِ﴾؛ ولَمّا جَمَعُوهم في الإيمانِ ضِدَّ ما فَعَلَ أهْلُ الكُفْرانِ؛ صَرَّحَ بِما أفْهَمَهُ؛ فَقالَ: ﴿ولَمْ يُفَرِّقُوا﴾؛ أيْ: في اعْتِقادِهِمْ؛ ﴿بَيْنَ أحَدٍ مِنهُمْ﴾؛ أيْ: لَمْ يَجْعَلُوا أحَدًا مِنهم عَلى صِفَةِ الفُرْقَةِ البَلِيغَةِ مِن صاحِبِهِ؛ بِأنْ كَفَرُوا بِبَعْضٍ؛ وآمَنُوا بِبَعْضٍ - كَما فَعَلَ الأشْقِياءُ -؛ والتَّفْرِقَةُ تَقْتَضِي شَيْئَيْنِ فَصاعِدًا؛ و”أحَدٍ“؛ عامٌّ في الواحِدِ؛ المُذَكَّرِ؛ والمُؤَنَّثِ؛ وتَثْنِيَتِهِما؛ وجَمْعِهِما؛ فَلِذَلِكَ صَحَّ التَّعْبِيرُ بِهِ؛ بِمَعْنى: بَيْنَ اثْنَيْنِ؛ أوْ جَماعَةٍ؛ وكَأنَّهُ اخْتِيرَ لِلْمُبالَغَةِ بِأنْ لَوْ أنَّ الواحِدَ يُمْكِنُ فِيهِ التَّفْرِقَةُ؛ فَكانَ الإيمانُ بِالبَعْضِ دُونَ البَعْضِ كُفْرًا؛ ﴿أُولَئِكَ﴾؛ أيْ: العالُو الرُّتْبَةِ؛ في رُتَبِ السَّعادَةِ. ولَمّا كانَ المُرادُ تَأْكِيدَ وعْدِهِمْ؛ وكانَ المُشاهَدُ فِيهِ غالِبًا التَّأخُّرَ؛ قالَ: ﴿سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ بِوَعْدٍ لا خُلْفَ فِيهِ؛ وإنْ تَأخَّرَ؛ فالمُرادُ تَحْقِيقُهُ؛ لا تَحْقِيقُ تَأخُّرِهِ؛ ولَكِنَّهُ أتى بِالأداةِ الَّتِي هي أكْثَرُ حُرُوفًا؛ وأشَدُّ تَنْفِيسًا؛ لِأنَّ هَذا السِّياقَ لِأهْلِ الإيمانِ المُجَرَّدِ؛ الشّامِلِ؛ (p-٤٥٣)لِمَن لَمْ يَكُنْ لَهُ عَمَلٌ؛ ولِذا أضافَ الأُجُورَ إلَيْهِمْ؛ وخَتَمَ بِالمَغْفِرَةِ؛ لِئَلّا يَحْصُلُ لَهم يَأْسٌ؛ وإنْ طالَ المَدى؛ ﴿أُجُورَهُمْ﴾؛ أيْ: كامِلَةً بِحَسَبِ نِيّاتِهِمْ؛ وأعْمالِهِمْ. ولَمّا كانَ الإنْسانُ مَحَلَّ النُّقْصانِ قالَ: ﴿وكانَ اللَّهُ﴾؛ أيْ: الَّذِي لا يَبْلُغُ الواصِفُونَ كُنْهَ ما لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ؛ ﴿غَفُورًا﴾؛ لِما يُرِيدُ مِنَ الزَّلّاتِ؛ ﴿رَحِيمًا﴾؛ أيْ: بِمَن يُرِيدُ إسْعادَهُ بِالجَنّاتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب