الباحث القرآني
(p-٤٣٣)ولَمّا كانَ هَذا؛ تَسَبَّبَ عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿فَلا تَتَّبِعُوا﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أيْ: تَتَكَلَّفُوا تَبَعَ ﴿الهَوى﴾ [النساء: ١٣٥]؛ وتَنْهَمِكُوا فِيهِ انْهِماكَ المُجْتَهِدِ في المُحِبِّ لَهُ؛ ﴿أنْ﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أيْ: إرادَةَ أنْ ﴿تَعْدِلُوا﴾ [النساء: ١٣٥]؛ فَقَدْ بانَ لَكم أنَّهُ لا عَدْلَ في ذَلِكَ.
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَإنْ تَتَّبِعُوهُ لِذَلِكَ؛ أوْ لِغَيْرِهِ؛ فَإنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكم قَدِيرًا“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ تَلْوُوا﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أيْ: ألْسِنَتَكم لِتُحَرِّفُوا الشَّهادَةَ نَوْعًا مِنَ التَّحْرِيفِ؛ أوْ تُدِيرُوا ألْسِنَتَكُمْ؛ أيْ: تَنْطِقُوا بِالشَّهادَةِ باطِلًا؛ وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ؛ وحَمْزَةُ؛ بِضَمِّ اللّامِ؛ مِن ”الوِلايَةُ“؛ أيْ: تُؤَدُّوا الشَّهادَةَ عَلى وجْهٍ مِنَ العَدْلِ؛ أوْ ”اللَّيُّ“؛ ﴿أوْ تُعْرِضُوا﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أيْ: عَنْها؛ وهي حَقٌّ؛ فَلا تُؤَدُّوها لِأمْرٍ ما؛ ﴿فَإنَّ اللَّهَ﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أيْ: المُحِيطَ عِلْمًا؛ وقُدْرَةً؛ ﴿كانَ﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أيْ: لَمْ يَزَلْ؛ ولا يَزالُ؛ ﴿بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أيْ: بالِغَ العِلْمِ؛ باطِنًا وظاهِرًا؛ فَهو يُجازِيكم عَلى ذَلِكَ بِما تَسْتَحِقُّونَهُ؛ فاحْذَرُوهُ إنْ خُنْتُمْ؛ وارْجُوهُ إنْ وفَّيْتُمْ؛ وذَلِكَ بَعْدَ ما مَضى مِن تَأْدِيبِهِمْ؛ عَلى وجْهِ الإشارَةِ والإيماءِ مِن غَيْرِ أمْرٍ؛ وما أنْسَبَها لِخِتامِ الَّتِي قَبْلَها؛ وأشَدَّ التِئامَ الخِتامَيْنِ؛ خِتامِ هَذِهِ بِصِفَةِ الخَبَرِ؛ وتِلْكَ بِصِفَتَيِ السَّمْعِ؛ والبَصَرِ. (p-٤٣٤)ولَمّا أمَرَ بِالعَدْلِ عَلى هَذا الوَجْهِ؛ أمَرَ بِالحامِلِ عَلى ذَلِكَ؛ وهو الإيمانُ بِالشّارِعِ؛ والمُبَلِّغِ؛ والكِتابِ النّاهِجِ لِشَرائِعِهِ؛ المُبَيِّنِ لِسَرائِرِهِ؛ الَّذِي افْتَتَحَ القِصَّةَ بِحَقِّيَتِهِ؛ وبَيانِ فائِدَتِهِ؛ فَقالَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أيْ: أقَرُّوا بِالإيمانِ؛ ولَمّا ناداهم بِوَصْفِ الإيمانِ؛ أمَرَهم بِما لا يَحْصُلُ إلّا بِهِ؛ فَقالَ - مُفَصِّلًا لَهُ -: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ﴾؛ أيْ: لِأنَّهُ أهْلٌ لِذَلِكَ لِذاتِهِ؛ المُسْتَجْمِعُ لِجَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ كُلِّها.
ولَمّا كانَ الإيمانُ بِاللَّهِ لا يَصِحُّ إلّا بِالإيمانِ بِالوَسائِطِ؛ وكانَ أقْرَبُ الوَسائِطِ إلى الإنْسانِ الرَّسُولَ؛ قالَ: ﴿ورَسُولِهِ﴾؛ أيْ: لِأنَّهُ المُبَلِّغُ عَنْهُ؛ سَواءٌ كانَ مِنَ المَلَكِ؛ أوِ البَشَرِ؛ ﴿والكِتابِ الَّذِي نَـزَّلَ﴾؛ أيْ: مُفَرَّقًا بِحَسَبِ المَصالِحِ تَدْرِيجًا؛ تَثْبِيتًا وتَفْهِيمًا؛ ﴿عَلى رَسُولِهِ﴾؛ أيْ: لِأنَّهُ المُفَصِّلُ لِشَرِيعَتِكُمُ؛ المُتَكَفِّلُ بِما تَحْتاجُونَ إلَيْهِ مِنَ الأحْكامِ؛ والمَواعِظِ؛ وجَمِيعِ ما يُصْلِحُكُمْ؛ وهو القُرْآنُ الواصِلُ إلَيْكم بِواسِطَةِ أشْرَفِ الخَلْقِ؛ ﴿والكِتابِ الَّذِي أنْـزَلَ﴾؛ أيْ: أُوجِدَ إنْزالُهُ ومَضى؛ ولَمّا لَمْ يَكُنْ إنْزالُهُ مُسْتَغْرِقًا لِلزَّمانِ الماضِي؛ بَيَّنَ المُرادَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن قَبْلُ﴾؛ مِنَ الإنْجِيلِ؛ والزَّبُورِ؛ (p-٤٣٥)والتَّوْراةِ؛ وغَيْرِها لِأنَّ رَسُولَكم بَلَّغَكم ذَلِكَ؛ فَلا يَحْصُلُ الإيمانُ إلّا بِتَصْدِيقِهِ في كُلِّ ما يَقُولُهُ.
ولَمّا كانَ المُؤْمِنُ الَّذِي الخِطابُ مَعَهُ عالِمًا بِأنَّ التَّنْزِيلَ؛ والإنْزالَ؛ لا يَكُونُ إلّا مِنَ اللَّهِ؛ بُنِيا لِلْمَفْعُولِ في قِراءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ؛ وأبِي عَمْرٍو وابْنِ عامِرٍ؛ لِلْعِلْمِ بِالفاعِلِ؛ وصَرَّحَتْ قِراءَةُ الباقِينَ بِهِ.
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَمَن آمَنَ بِذَلِكَ فَقَدِ اهْتَدى؛ وآمَنَ قَطْعًا بِالمَلائِكَةِ؛ واليَوْمِ الآخِرِ؛ وغَيْرِ ذَلِكَ؛ مِن كُلِّ ما دَعا إلَيْهِ الكِتابُ والرَّسُولُ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿ومَن يَكْفُرْ﴾؛ أيْ: يُوجِدِ الكُفْرَ؛ ويُجَدِّدْهُ وقْتًا مِنَ الأوْقاتِ؛ ﴿بِاللَّهِ ومَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ﴾؛ أيْ: الَّتِي أنْزَلَها عَلى أنْبِيائِهِ؛ بِواسِطَةِ مَلائِكَتِهِ؛ أوْ بِغَيْرِ واسِطَةٍ؛ ﴿ورُسُلِهِ﴾؛ أيْ: مِنَ المَلائِكَةِ؛ والبَشَرِ؛ فَكانَ الإيمانُ بِالتَّرَقِّي لِلِاحْتِياجِ إلَيْهِ؛ وكانَ الكُفْرُ بِالتَّدَلِّي لِلِاجْتِراءِ عَلَيْهِ.
ولَمّا كانَ الإيمانُ بِالبَعْثِ - وإنْ كانَ أظْهَرَ شَيْءٍ - مِمّا لا تَسْتَقِلُّ بِهِ العُقُولُ؛ فَلا تَصِلُ إلَيْهِ إلّا بِالرُّسُلِ؛ ذَكَرَهُ بَعْدَهُمْ؛ فَقالَ: ﴿واليَوْمِ الآخِرِ﴾؛ أيْ: الَّذِي أخْبَرَتْ بِهِ رُسُلُهُ؛ وقَضَتْ بِهِ العُقُولُ الصَّحِيحَةُ؛ وإنْ كانَتْ لا تَسْتَقِلُّ بِإدْراكِهِ قَبْلَ تَنْبِيهِ الرُّسُلِ لَها عَلَيْهِ؛ وهو رُوحُ الوُجُودِ؛ وسِرُّهُ؛ وقِوامُهُ؛ وعِمادُهُ؛ فِيهِ تُكْشَفُ الحَقائِقُ؛ وتُجْمَعُ الخَلائِقُ؛ (p-٤٣٦)ويَظْهَرُ شُمُولُ العِلْمِ؛ وتَمامُ القُدْرَةِ؛ ويُبْسَطُ ظِلُّ العَدْلِ؛ وتُجْتَنى ثَمَراتُ الفَضْلِ؛ ﴿فَقَدْ ضَلَّ﴾؛ وأبْلَغَ في التَّأْكِيدِ لِكَثْرَةِ المُكَذِّبِينَ؛ فَقالَ: ﴿ضَلالا بَعِيدًا﴾؛ أيْ: لا حِيلَةَ في رُجُوعِهِ مَعَهُ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِی نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ مِن قَبۡلُۚ وَمَن یَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَـٰلَۢا بَعِیدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق