الباحث القرآني
ولَمّا كانَ مَبْنى هَذِهِ السُّورَةِ عَلى التَّعاطُفِ؛ والتَّراحُمِ؛ والتَّواصُلِ؛ (p-٤٢٦)لَمْ يَذْكُرْ فِيها الطَّلاقَ إلّا عَلى وجْهِ الإيماءِ في هَذِهِ الآيَةِ؛ عَلى وجْهِ البَيانِ لِرَأْفَتِهِ؛ وسَعَةِ رَحْمَتِهِ؛ وعُمُومِ تَرْبِيَتِهِ؛ وفي ذَلِكَ مَعْنى الوَصْلَةِ؛ والعَطْفِ؛ قالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: ولِكَثْرَةِ ما يَعْرِضُ مِن رَعْيِ حُظُوظِ النُّفُوسِ عِنْدَ الزَّوْجِيَّةِ؛ ومَعَ القَرابَةِ - ويَدِقُّ ذَلِكَ ويَغْمُضُ -؛ لِذَلِكَ ما تَكَرَّرَ كَثِيرًا في هَذِهِ السُّورَةِ الأمْرُ بِالِاتِّقاءِ؛ وبِهِ افْتُتِحَتْ؛ ﴿اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾ [النساء: ١] ﴿واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ﴾ [النساء: ١] ﴿ولَقَدْ وصَّيْنا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾
ولَمّا ذَكَرَ (تَعالى) آيَةَ التَّفَرُّقِ؛ وخَتَمَها بِصِفَتَيِ السَّعَةِ والحِكْمَةِ؛ دَلَّ عَلى الأوَّلِ تَرْغِيبًا في سُؤالِهِ: ﴿ولِلَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ العَظَمَةُ كُلُّها؛ ﴿ما في السَّماواتِ﴾؛ ولَمّا كانَ في السِّياقِ بَيانُ ضَعْفِ النُّفُوسِ؛ وجَبْلُها عَلى النَّقائِصِ؛ فَكانَتْ مُحْتاجَةً إلى تَقْوِيَةِ الكَلامِ المُخْرِجِ لَها عَمّا ألِفَتْ مِنَ الباطِلِ؛ قالَ: ﴿وما في الأرْضِ﴾؛ وعَلى الثّانِيَةِ بِالوَصِيَّةِ بِالتَّقْوى؛ لِأنَّهُ كَرَّرَ الحَثَّ عَلى التَّقْوى في هَذِهِ الجُمَلِ؛ في سِياقِ الشَّرْطِ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُحْسِنُوا وتَتَّقُوا﴾ [النساء: ١٢٨] ﴿وإنْ تُصْلِحُوا وتَتَّقُوا﴾ [النساء: ١٢٩]؛ فَأخْبَرَ (تَعالى) بَعْدَ اللُّطْفِ؛ بِذَلِكَ السِّياقِ؛ أنَّ وصِيَّتَهُ بِها مُؤَكَّدَةٌ؛ لَمْ تَزَلْ قَدِيمًا وحَدِيثًا؛ لِأنَّ العِلْمَ بِالمُشارَكَةِ في الأمْرِ يَكُونُ أدْعى لِلْقَبُولِ؛ وأهْوَنَ عَلى النَّفْسِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿ولَقَدْ وصَّيْنا﴾؛ أيْ: عَلى ما لَنا مِنَ العَظَمَةِ. (p-٤٢٧)ولَمّا كانَ الِاشْتِراكُ في الأحْكامِ مُوجِبًا لِلرَّغْبَةِ فِيها؛ والتَّخْفِيفِ لِثِقْلِها؛ وكانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْعالَمِ أجْدَرَ بِالقَبُولِ؛ قالَ: ﴿الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾؛ أيْ: التَّوْراةَ؛ والإنْجِيلَ؛ وغَيْرَهُما؛ وبَنى الفِعْلَ لِلْمَجْهُولِ؛ لِأنَّ القَصْدَ بَيانُ كَوْنِهِمْ أهْلَ عِلْمٍ؛ لِيُرَغِّبَ فِيما أُوصُوا بِهِ؛ ودَلالَةً عَلى أنَّ العِلْمَ في نَفْسِهِ مُهَيِّئٌ لِلْقَبُولِ؛ ولِإفادَةِ أنَّ وصِيَّتَهم أعَمُّ مِن أنْ تَكُونَ في الكِتابِ؛ أوْ عَلى لِسانِ الرَّسُولِ مِن غَيْرِ كِتابٍ؛ ولَمّا كانَ إيتاؤُهُمُ الكِتابَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لِلْماضِي؛ وكَذا الإيصاءُ؛ قالَ: ﴿مِن قَبْلِكُمْ﴾؛ أيْ: مِن بَنِي إسْرائِيلَ؛ وغَيْرِهِمْ؛ ﴿وإيّاكُمْ﴾؛ أيْ: ووَصَّيْناكم مِثْلَما وصَّيْناهُمْ؛ ولَمّا كانَتِ التَّوْصِيَةُ بِمَعْنى القَوْلِ؛ فَسَّرَها بِقَوْلِهِ: ﴿أنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾؛ أيْ: الَّذِي لا يُطاقُ انْتِقامُهُ؛ لِأنَّهُ لا كُفُؤَ لَهُ.
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَإنْ تَتَّقُوا فَهو حَظُّكُمْ؛ وسَعادَتُكم في الدّارَيْنِ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ تَكْفُرُوا﴾؛ أيْ: بِتَرْكِ التَّقْوى؛ ﴿فَإنَّ لِلَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الكَمالُ المُطْلَقُ؛ ﴿ما في السَّماواتِ﴾؛ ولَمّا كانَ السِّياقُ لِفَرْضِ الكُفْرِ؛ حَسُنَ التَّأْكِيدُ في قَوْلِهِ: ﴿وما في الأرْضِ﴾؛ مِنكُمْ؛ ومِن غَيْرِكُمْ؛ مِن حَيَوانٍ؛ وجَمادٍ؛ أجْسادًا؛ وأرْواحًا؛ وأحْوالًا.
ولَمّا كانَ المَعْنى: ”لا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ مِلْكِهِ؛ ولا إرادَتِهِ؛ ولا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِكُفْرِكُمْ؛ ولَمْ تَضُرُّوا إنْ فَعَلْتُمْ إلّا أنْفُسَكُمْ؛ لِأنَّهُ غَنِيٌّ عَنْكُمْ؛ (p-٤٢٨)لا يَزْدادُ جَلالُهُ بِالطّاعاتِ؛ ولا يَنْقُصُ بِالمَعاصِي والسَّيِّئاتِ“؛ أكَّدَهُ بِقَوْلِهِ - دالًّا عَلى غِناهُ؛ واسْتِحْقاقِهِ لِلْمَحامِدِ -: ﴿وكانَ اللَّهُ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ كُلُّها؛ ﴿غَنِيًّا﴾؛ أيْ: عَنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ الغِنى المُطْلَقَ لِذاتِهِ؛ ﴿حَمِيدًا﴾؛ أيْ: مَحْمُودًا بِكُلِّ لِسانٍ؛ قالِيٍّ وحالِيٍّ؛ كَفَرْتُمْ أوْ شَكَرْتُمْ؛ فَكانَ ذَلِكَ غايَةً في بَيانِ حِكْمَتِهِ.
{"ayah":"وَلِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ وَصَّیۡنَا ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِیَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ وَإِن تَكۡفُرُوا۟ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِیًّا حَمِیدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق