الباحث القرآني

﴿ولأُضِلَّنَّهُمْ﴾؛ أيْ: عَنْ طَرِيقِكَ السَّوِيِّ؛ بِما سَلَّطْتَنِي بِهِ مِنَ الوَساوِسِ؛ وتَزْيِينِ الأباطِيلِ؛ ﴿ولأُمَنِّيَنَّهُمْ﴾؛ أيْ: كُلَّ ما أقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الباطِلِ؛ مِن عَدَمِ البَعْثِ؛ وغَيْرِهِ؛ مِن طُولِ الأعْمالِ؛ وبُلُوغِ الآمالِ مِنَ الدُّنْيا؛ والآخِرَةِ؛ بِالرَّحْمَةِ؛ والعَفْوِ؛ والإحْسانِ؛ ونَحْوِهِ مِمّا هو سَبَبٌ لِلتَّسْوِيفِ بِالتَّوْبَةِ؛ ﴿ولآمُرَنَّهُمْ﴾ ولَمّا كانَ قَدْ عَلِمَ مِمّا طُبِعُوا عَلَيْهِ مِنَ الشَّهَواتِ؛ والحُظُوظِ الَّتِي هَيَّأتْهم لِطاعَتِهِ؛ وكانَتْ طاعَتُهُ في الفَسادِ؛ عِنْدَ كُلِّ عاقِلٍ؛ في غايَةِ الِاسْتِبْعادِ؛ أكَّدَ قَوْلَهُ: ﴿فَلَيُبَتِّكُنَّ﴾؛ أيْ: يُقَطِّعُنَّ تَقْطِيعًا كَثِيرًا؛ ﴿آذانَ الأنْعامِ﴾؛ ويُشَقِّقُونَها؛ عَلامَةً عَلى ما حَرَّمُوهُ عَلى أنْفُسِهِمْ؛ ﴿ولآمُرَنَّهم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الحِكْمَةُ الكامِلَةُ؛ فَلا كُفُؤَ لَهُ؛ بِأنْواعِ التَّغْيِيرِ؛ مِن تَغْيِيرِ الفِطْرَةِ الأُولى السَّلِيمَةِ؛ إلى ما دُونَ ذَلِكَ مِن فَقْءِ عَيْنِ الحامِي؛ (p-٤٠٧)ونَحْوِ ذَلِكَ؛ وهو إشارَةٌ إلى ما حَرَّمَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ عَلى أنْفُسِهِمْ؛ بِالتَّقْرِيبِ لِلْأصْنامِ؛ مِنَ السّائِبَةِ؛ وما مَعَها؛ المُشارِ إلى إبْطالِهِ في أوَّلِ ”المائِدَةِ“؛ بِقَوْلِهِ: ﴿أُحِلَّتْ لَكم بَهِيمَةُ الأنْعامِ إلا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ١]؛ المُصَرَّحِ بِهِ في آخِرِها؛ بِقَوْلِهِ: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ﴾ [المائدة: ١٠٣]؛ ويَكُونُ التَّغْيِيرُ بِالوَشْمِ؛ والوَشْرِ؛ ويَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ما خالَفَ الدِّينَ؛ فَإنَّ الفِطْرَةَ الأُولى داعِيَةٌ إلى خِلافِ ذَلِكَ؛ حَتّى أدْخَلُوا فِيهِ تَشْبِيهَ الرِّجالِ بِالنِّساءِ في التَّخَنُّثِ؛ وما يَتَفَرَّعُ عَنْهُ؛ في تَشْبِيهِ النِّساءِ بِالرِّجالِ؛ في السَّحْقِ؛ وما نَحا فِيهِ نَحْوَهُ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَقَدْ خَسِرَ مَن تابَعَهُ في ذَلِكَ؛ لِأنَّهُ صارَ لِلشَّيْطانِ ولِيًّا“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ - مُعَمِّمًا - قَوْلَهُ: ﴿ومَن يَتَّخِذِ﴾؛ أيْ: يَتَكَلَّفْ مِنهُمْ؛ ومِن غَيْرِهِمْ؛ تَغْيِيرَ الفِطْرَةِ الأُولى؛ فَيَأْخُذْ؛ ﴿الشَّيْطانَ ولِيًّا﴾؛ ولَمّا كانَ ذَلِكَ مَلْزُومًا لِمُحادَّةِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ وتَعالى -؛ وكانَ ما هو أدْنى مِن رُتْبَتِهِ في غايَةِ الكَثْرَةِ؛ بَعَّضَ؛ لِيُفْهَمَ الِاسْتِغْراقُ مِن بابِ الأوْلى؛ فَقالَ: ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾؛ أيْ: المُسْتَجْمِعِ لِكُلِّ وصْفٍ جَمِيلٍ؛ ﴿فَقَدْ خَسِرَ﴾؛ بِاتِّخاذِهِ ذَلِكَ؛ ولَوْ عَلى أدْنى وُجُوهِ الشِّرْكِ؛ ﴿خُسْرانًا مُبِينًا﴾؛ أيْ: في غايَةِ الظُّهُورِ؛ والرَّداءَةِ؛ بِما تُعْطِيهِ صِيغَةُ الـ ”فُعْلانِ“؛ لِأنَّهُ تَوَلّى مَن لا خَيْرَ عِنْدَهُ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب