الباحث القرآني

ثُمَّ أتْبَعَهُ بِعَيْبِ هَذا الخائِنِ؛ وقِلَّةِ تَأمُّلِهِ؛ والإعْلامِ بِأنَّ المُجادَلَةَ عَنْهُ قَلِيلَةُ الجَدْوى؛ فَقالَ - سُبْحانَهُ وتَعالى - مُعَجِّبًا مِنهم بِما هو كالتَّعْلِيلِ لِما قَبْلَهُ -: ﴿يَسْتَخْفُونَ﴾؛ أيْ: هَؤُلاءِ الخَوَنَةُ: طُعْمَةُ؛ ومَن مالَأهُ؛ وهو يَعْلَمُ باطِنَ أمْرِهِ؛ ﴿مِنَ النّاسِ﴾؛ حَياءً مِنهُمْ؛ وخَوْفًا مِن أنْ يَضُرُّوهم لِمُشاهَدَتِهِمْ لَهم وُقُوفًا مَعَ الوَهْمِ؛ كالبَهائِمِ؛ ﴿ولا يَسْتَخْفُونَ﴾؛ أيْ: يَطْلُبُونَ ويُوجِدُونَ الخُفْيَةَ بِعَدَمِ الخِيانَةِ؛ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لا شَيْءَ أظْهَرُ مِنهُ؛ لِما لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ؛ ﴿وهُوَ﴾؛ أيْ: والحالُ أنَّهُ؛ ﴿مَعَهُمْ﴾؛ لا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِن أحْوالِهِمْ؛ ولا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ مِن نَكالِهِمْ؛ فالِاسْتِخْفاءُ مِنهُ لا يَكُونُ إلّا بِتَرْكِ الخِيانَةِ؛ ومَحْضِ الإخْلاصِ؛ فَواسَوْأتاهُ مِن أغْلَبِ الأفْعالِ؛ والأقْوالِ؛ والأحْوالِ؛ ﴿إذْ﴾؛ أيْ: حِينَ؛ ﴿يُبَيِّتُونَ﴾؛ أيْ: يُرَتِّبُونَ لَيْلًا؛ عَلى طَرِيقِ الإمْعانِ في الفِكْرِ؛ والإتْقانِ لِلرَّأْيِ؛ ﴿ما لا يَرْضى مِنَ القَوْلِ﴾؛ أيْ: مِنَ البَهْتِ؛ والحَلِفِ عَلَيْهِ؛ فَلا يَسْتَحْيُونَ مِنهُ؛ ولا يَخافُونَ؛ لِاسْتِيلاءِ الجَهْلِ والغَفْلَةِ عَلى قُلُوبِهِمْ؛ وعَدَمِ إيمانِهِمْ بِالغَيْبِ. (p-٣٩٥)ولَمّا أثْبَتَ عِلْمَهُ - سُبْحانَهُ وتَعالى - بِهَذا؛ مِن حالِهِمْ؛ عَمَّمَ فَقالَ: ﴿وكانَ اللَّهُ﴾؛ أيْ: الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ في قَبْضَتِهِ؛ لِأنَّهُ الواحِدُ الَّذِي لا كُفُؤَ لَهُ؛ ﴿بِما يَعْمَلُونَ﴾؛ أيْ: مِن هَذا؛ وغَيْرِهِ؛ ﴿مُحِيطًا﴾؛ أيْ: عِلْمًا وقُدْرَةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب